يبدو ان شبح الانقسام بات يتهدد النقابة الوطنية للتعليم العالي، وذلك بعد ان أعلن التيار الإسلامي، بقيادة أساتذة العدالة التنمية، حركة تصحيحية من داخل المؤتمر العاشر للنقابة، المنعقد أيام 15، 16 و17 مارس 2013 بمعهد مولاي رشيد بمدينة سلا، والذي يسيطر عليه التيار اليساري، وفي مقدمته ممثلو الاتحاد الاشتراكي. ويطالب التيار الاسلامي بما فيه اساتذة جماعة العدل والإحسان، بتعديل "القانون الأساسي والنظام الداخلي"، ويصرون أكثر على أن يكون "التصويت سريا وفي صندوق وحيد" خلال انتخاب اللجنة الإدارية، التي ظلت منذ سنوات تنتخب علنيا ومن خلال ثلاثة صناديق (نعم، لا، الامتناع).
إلى ذلك قال محمد لعمير، عضو المكتب الوطني للنقابة، إن الجميع يوافق على تعديل القانون الأساسي، إلا أنه استدرك قائلا: "إن ذلك يحتاج إلى مؤتمر استثنائي لأن هناك أولويات أخرى قرر المكتب الوطني مناقشتها في المؤتمر".
ويعول التيار الإسلامي على قوته العددية، إذ هناك 130 مؤتمرا من العدالة والتنمية، و50 مؤتمرا عن العدل والإحسان من أصل حوالي 400 مؤتمر، من أجل تمثيلية وازنة في اللجنة الإدارية، التي تنتخب بدورها المكتب الوطني، حيث يهدد بالانقسام إذا لم تتم الاستجابة لمطالبه.
هذا، وبدت أجواء المؤتمر، خلال أول أمس السبت، متوترة منذ بدء الأعمال، حيث افتتحت أشغال الجلسة الأولى التي أعلن فيها عن رئاسة المؤتمر التي أسندت إلى الموساوي العجلاوي، أستاذ جامعي، بالاحتجاج من طرف التيار الإسلامي، الذي طالب التمثيل في لجنة رئاسة المؤتمر، وهو ما وافق عليه المكتب الوطني، بحيث تم تمثيل تيار العدالة والتنمية بعضو واحد، والعدل والإحسان بعضو واحد كذلك.
ثم عاد التوتر من جديد، حين اختتم النقاش حول التقرير الأدبي، حيث اعتبر المكتب الوطني أن المصادقة على التقرير تمت من خلال تصفيق القاعة، وهو ما احتج عليه التيار الإسلامي، وطالب بالتصويت على المؤتمر حوالي ساعة، قبل أن تستأنف أعماله.
وقال محمد لشقر، منسق جامعيي العدالة والتنمية، داخل المؤتمر، "خلينا أعمال المؤتمر تستمر، وإلا كان سيتوقف نهائيا"، حسب ما اوردته جريدة أخبار اليوم، فيما قال محمد لعمير، عضو المكتب الوطني عن تيار الأساتذة الباحثين التقدميين، إن المكتب الوطني استجاب وأحضر صندوقا من أجل التصويت السري، "إلا أننا فوجئنا بتراجع أساتذة العدالة والتنمية عن موقفهم".
إلى ذلك استنكرت الحركة التصحيحية بالمؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم العالي، ما آلت إليه الأوضاع التنظيمية داخل النقابة الوطنية للتعليم العالي، محملة "المسؤولية التاريخية لمن كان سببا في هذه الانتكاسة".
وأعلنت التيار الاسلامي في بيان له انسحابه من المؤتمر الوطني العاشر للنقابة الوطنية للتعليم العالي بسبب استمرار مسلسل التحكم والإقصاء، داعية جميع الأساتذة الباحثين الغيورين على التعليم العالي والبحث العلمي للانخراط في هذه الحركة التصحيحية.
واستنكر البيان طريقة تدبير أشغال المؤتمر، وطريقة انتخاب أجهزته الوطنية، التي اعتبرها "تفتقد إلى أية مرجعية في القانون الأساسي والنظام الداخلي للنقابة ودون الاستناد إلى أي مسطرة أو مذكرة تنظيمية مكتوبة"، كما أكد عدم تزكية الحركة التصحيحية للمشاركة في هذه "المهزلة الانتخابية" التي اعتبرتها "محسومة سلفا حيث يتم اقتسام مقاعد اللجنة الإدارية في الكواليس خارج مكان انعقاد المؤتمر" يضيف بيان الحركة.
وذكر البيان أن هذا المؤتمر يُعد محطة مفصلية في تاريخ النقابة الوطنية للتعليم العالي، بالنظر إلى حجم وأهمية الملفات المطروحة على جدول أعمالها، والإنتظارات الكبيرة التي علقها عليه الأساتذة الباحثون من أجل تصحيح المسار وتكريس آليات الاشتغال الديمقراطي الحداثي والقطع مع ممارسات الإقصاء والهيمنة.
وأضاف بيان التيار الاسلامي أن الحركة التصحيحية أرادت من خلال مشاركتها في هذا المؤتمر أن يكون عرسا نضاليا وديمقراطيا بامتياز، معربة عن تأسفها لكون "واقع الممارسة التي واكبته جعلت منه اعتداء صارخا على كل القيم والأعراف التي يفترض أن تؤطر نقابة النخبة ومؤتمرها في زمن الربيع الديمقراطي العربي".
وأشار البيان إلى أن الحركة التصحيحية حرصت منذ بداية أشغال هذا المؤتمر على احترام آليات الديمقراطية المتمثلة في سرية الاقتراع احتراما لإرادة المؤتمرين، مبينة أنها دعت كذلك إلى اعتماد آلية مسطرية وتنظيمية شفافة لاختيار أعضاء اللجنة الإدارية للنقابة وذلك ضمانا للتمثيل الحقيقي لكل المكونات المتواجدة داخل المؤتمر.