أعرب صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ عن الأمل في أن ترتقي الشراكة القائمة بين المغرب والسنغال ٬ اللذين يرتبطان بعلاقات قوية وحيوية ومتميزة٬ إلى شراكة " استراتيجية ومتعددة الأشكال وإرادية". وقال جلالة الملك٬ في خطاب ألقاه ٬ أمس الجمعة بدكار، خلال مأدبة عشاء أقامها على شرفه الرئيس السنغالي ماكي سال٬ "إن تبادل الزيارات الدورية بين المسؤولين السامين المغاربة والسنغاليين٬ وسن مشاورات دائمة بين بلدينا٬ إضافة إلى الدعم السياسي المتبادل والمنتظم٬ كلها عناصر مكنت من الارتقاء بالعلاقات بين بلدينا إلى مستوى شراكة نتطلع أن تكون استراتيجية ومتعددة الأشكال وإرادية".
وأبرز جلالة الملك ٬ الذي بدأ أمس زيارة رسمية للسنغال ٬ أن التعاون المغربي السنغالي اليوم٬ يتميز بغناه وتنوعه٬ ويتجلى ذلك بالخصوص في القطاع الفلاحي٬ حيث تم إنجاز ضيعة "قطب الامتياز الفلاحي" في منطقة تياز٬ وقطاع الكهربة القروية في شمال السنغال٬ ومجال الأمطار الاصطناعية الذي يخضع لبرنامج يمتد عبر ست سنوات٬ والذي مكن من رفع مستوى التساقطات في المناطق المحددة لذلك.
وأعرب جلالته عن عزمه الراسخ على العمل سويا مع الرئيس السنغالي لتعبئة كافة الإمكانات٬ من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة٬ ومحاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعيين.
وسجل جلالته أن المبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين عرفت ارتفاعا منتظما٬ دعمته دينامية النقل الجوي بربط المركزين الإقليميين : الدارالبيضاء وداكار٬ والآفاق الواعدة التي يفتحها المحور الطرقي الذي يربط المغرب والسنغال٬ عبر أراضي الجمهورية الموريتانية الشقيقة٬ مؤكدا انه يتعين الآن استكمال هذه الآلية بتحسين الاتصالات البحرية بين البلدين.
ونوه جلالة الملك بالمجهودات المبذولة لتعبيد الطريق أمام الفاعلين الاقتصاديين٬ والتي بدأت تعطي ثمارها في تنام مستمر٬ بارتفاع وتيرة الاستثمارات المغربية الخاصة في السنغال٬ لا سيما في القطاعات البنكية والمالية والتأمين٬ معربا جلالته عن يقينه بأن هذه الدينامية المعززة بالتحسن المطرد الذي يعرفه مجال الأعمال٬ ستخلق لا محالة مزيدا من الاستثمارات المغربية الخاصة في قطاعات أخرى.
ومن جهة أخرى٬ أعرب جلالة الملك عن ارتياحه لتطابق وجهات نظر البلدين فيما يتعلق بأهم القضايا الدولية والإفريقية٬ ولاسيما تجاه الرهانات والمخاطر المتنامية والمحدقة بالفضاء الاستراتيجي المشترك٬ المطل على المحيط الأطلسي والمجاور لمنطقة الساحل.
وقال جلالته "إننا ننادي جميعا باستراتيجية حل شامل لكافة التهديدات الأمنية في المنطقة برمتها٬ ولمتطلبات التنمية المستدامة٬ استراتيجية يجتمع حولها كل الفاعلين المعنيين٬ في نطاق مقاربة جماعية٬ متضامنة ومنسجمة٬ تشمل شتى المجالات السياسية منها والاستراتيجية والاقتصادية".
وأشاد جلالة الملك بالنهج الديموقراطي ٬الذي تسلكه السنغال٬ مشيرا إلى أن "هذا المسار الرزين بشتى المعايير٬ لمن شأنه أن يدعم السمعة الديمقراطية للسنغال٬ هذه الدولة التي يضرب بها المثل في محيط قاري ما فتئ يعرف اهتزازات ومجازفات تنتمي إلى حقب عفى عليها الزمن".
وبخصوص التعاون جنوب-جنوب أكد جلالة الملك أن المملكة المغربية تضع المصالح الحيوية لافريقيا ٬ والتعاون مع الدول الإفريقية الشقيقة٬ في مقدمة سياستها الخارجية٬ كما تعطي الأولوية للتعاون بين دول الجنوب٬ في نطاق من التضامن والمصلحة المتبادلة٬ بغية تحقيق تنمية بشرية مستدامة٬ أساسها صيانة كرامة الشعوب الإفريقية٬ ومنطلقها المساهمة الفاعلة من أجل تقدمها٬ في إطار السلم والأمن ٬ مبرزا أن السنغال تحتل في هذا الصدد "مكانة متميزة ".