"وطن برتبة قاتل"، هل هذه هي الحقيقة اليوم ؟، أعرف أن السؤال أكبر مني، واعرف ان الإجابة بينة ولا لبس عليها، واعرف أن من سيقرأ هذه السطور لن يفهمها إلا إذا قرأ ما خلفها، وما خلف السطور عظيم … إننا نعيش في "بلاطو سينمائي" ، ولا نعرف قصة ونهاية الفيلم، أحيانا نكون المخرج، أحيانا نكون الممثل، واحيانا نفسد المشهد، وكثيرا ما نكون جمهور الفيلم، ننتقد، نفكر، نعلق، نعطي رأيا، ونعود لنعطي رأيا آخر مناقضا تماما للرأي الأول، نحن من نطعم مشاهد التشويق والإثارة في الفيلم، ونصبغه بلمسة الاحترافية، ونحاول جاهدين، البحث عن أخطائنا، وتصيد هفواتنا، لنثبت أننا جميعا علماء …السنا من نطلق علينا "أذكى شعب في العالم؟". في مشهد من مشاهد الوطن "البلاطو السينمائي"، رمى بطل من الأبطال – وكان رحمه الله يلعب دور الكفيف – بجسده من سطح مبنى وزارة "الأسرة والتضامن" في مشهد دراماتيكي، صفقنا له جميعا، وعلقنا : رحمه الله . كان المخرج مذهولا، بدت عليه علامات الدهشة، لم يكن يتوقع أن يحصل على مشهد مؤثر كهذا، ولن يتحمل بعده دفع مستحقات الممثل الذي غادرنا الى السماوات العلى. الحقيقة النسبية القريبة من المطلق، في كل يوم يكبر هامش فقدان الثقة ويضيع الإحساس بالأمان، وتضيع معه فرص النجاة، لم يعد فينا متسع لأن نتفاءل أكثر، ولم يعد بمقدورنا تكرار مقولة "العام زين "، لم نرغب يوما ما في أن نمشي "حويطة حويطة"، انهارت "الحويطة"، وانهارت بداخل الكثير منا أحلام النزول من وضع "الطيران" فوق السطوح عبر الدرج، فهل سنرمي جميعا بأجسادنا من فوق، لنضمن تشويقا أكبر، وتأثيرا أكبر … لكن، أصواتنا باقية وإن بحت، سننادي الوطن باسمه "الشريف"، لا يهم إن سمعنا أحد أو لم يسمعنا، فنحن نسمع بعضنا، ونفهم بعضنا، نحب ونكره بعضنا، نحن من نشهد أننا نرمي من فوق السطوح بعضنا، فسلام على الوطن وعلينا … ما ذنب الوطن إن كانت هذه حقيقتنا ؟؟.