المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لهذه الحصيلة "الكارثية"، أصبحت إقالة ميراوي ضرورة وطنية ملحة
نشر في كاب 24 تيفي يوم 14 - 08 - 2022


بقلم: أحمد مفتقر
اتسمت السنة الجامعية المنتهية 2021-2022 بانتكاسات وتراجعات وانزلاقات خطيرة، قل نظيرها، كما عكستها الحصيلة العجفاء، بل والمقلقة إلى درجة الخطر الأحمر، لعبد اللطيف ميراوي على رأس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والذي استطاع، في وقت وجيز، أن يخلق حالة من عدم الاستقرار والاحتقان الاجتماعي وأن يوقف الدينامية والتعبئة التي انخرط فيها القطاع بكل مكوناته التربوية والتدبيرية.
فعوض ترصيد وتثمين المكتسبات التي تم تسجيلها خلال السنوات الأخيرة، من برامج ومشاريع ومبادرات، والانخراط في مسلسل الإصلاح الذي أتى به القانون-الإطار 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي لوضع حد، كما جاء في خطاب العرش لسنة 2015، ل"الدوامة الفارغة لإصلاح الإصلاح إلى ما لا نهاية"، أقدم الوزير ميراوي على طمس معالم كل ما اعتبره مخططات أسلافه، متكبرا ومتنكرا لتوجيهات صاحب الجلالة الذي شدد، في خطاب 20 غشت 2013 الذي تزامن مع الذكرى الستين لثورة الملك والشعب، على أنه: "من غير المعقول أن تأتي أي حكومة جديدة بمخطط جديد، خلال كل خمس سنوات، متجاهلة البرامج السابقة، علما أنها لن تستطيع تنفيذ مخططها بأكمله، نظرا لقصر مدة انتدابها. لذا، فإنه لا ينبغي إقحام القطاع التربوي في الإطار السياسي المحض، ولا أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسوية".
الأخطر من ذلك هو دعوة ميراوي الجهرية لمسؤولي القطاع إلى التراجع عن أحكام القانون-الإطار الذي لا يعترف به بالمرة وعلى كل المشاريع المهيكلة التي التزمت الجامعات بتنزيلها على شاكلة عقود تنمية، وفق برمجة على ثلاث سنوات، بل، والأفظع من ذلك، منع الإدارة المركزية من الاستناد عليه وحتى ذكر اسمه الذي وصل حد "التجريم"، متناسيا أن الأمر يتعلق ب"إطار تعاقدي وطني ملزم"، له ولمن سيخلفونه، بحكم أنه إرادة ملكية سامية وأنه تم اعتماده بالمجلس الوزاري والبرلمان بغرفتيه وأنه تم نشره بالجريدة الرسمية.
للإشارة، فقد سبق لعبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، في التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2021، أن أشار إلى أن "العديد من الأوراش التي توجد قيد الإنجاز لا تأخذ بالاعتبار هذه المتطلبات الأساسية بالشكل الكافي، علما أن هذه المشاريع تكتسي أهمية قصوى تستدعي تنزيلها في أسرع الآجال"، معتبرا أن "إصلاح قطاع التعليم خير مثال على ذلك". وفي هذا الصدد، يضيف التقرير، "فهذا الإصلاح الذي يفترض أن يعكس رؤية تمت صياغتها منذ عدة سنوات وتحويلها إلى قانون إطار تم اعتماده سنة 2019، ينفذ اليوم على شكل إجراءات، حتى وإن كانت مناسبة، تبقى صعبة التحديد ولا يجري تتبع تنفيذها استنادا إلى الأهداف والآجال المسطرة"، مضيفا، في ذات السياق، أن إصلاح قطاع التعليم "يعرف تنفيذه عدة تغييرات، مما قد يضعف التعبئة الضرورية لتحقيق أهدافه الطموحة".
في نفس السياق، وفي امتداد ل"عجرفته الاستثنائية" التي اكتشفها أطر القطاع والرأي العام الوطني ولسياسته "غير المفهومة" لطمس ملامح برامج سلفه، طلب عبد اللطيف ميراوي، منذ أيامه الأولى على رأس الوزارة، من رؤساء الجامعات توقيف العمل بنظام الباشلور الذي، للمفارقة العجيبة، يعد محورا مهما في برنامج الحكومة التي ينتمي إليها وكأنه غير معني به، معتمدا، في قراره الذي صدم 24.000 طالب مسجل في مئات المسالك المعتمدة بمختلف الجامعات العمومية، على رأي "محاباة"، "قيم ما لم يتم إطلاقه بعده"، والذي، للإشارة، لم يدعو قط إلى تعليق العمل به، غير مكترث بعقبات قراره على مستقبل الطلبة وحتى على علاقة ثقة الشباب في مؤسسات الدولة.
يتساءل متابعو الشأن الجامعي بإلحاح، ونحن على بعد أيام معدودات عن الدخول الجامعي، عن البديل البيداغوجي الذي جاء به ميراوي، مقابل سياسته المبنية على الإلغاء والتعليق والتوقيف: أين هي جامعته "النظرية" 4.0 التي أقام الدنيا وأقعدها من أجل أن يسوق لها كنموذج جامعي جديد والتي تثير، في عديد الأحيان، الاستخفاف وحتى الضحك من قبل الأطر البيداغوجية؟!! أين هي مهاراته الناعمة والتي يفضل أن يسميها بغير الناعمة، أو Power Skills حسب تعبيره، لأجل فتح مجال وهمي للخيال بالنسبة للملقي والمتلقي وتقديم شخصه كفيلسوف زمانه؟!! كيف ينوي التصرف في الميزانية الضخمة التي طلبها لرئيس الحكومة والتي تتعدى ال14 مليار درهم، مع العلم أنه، كما أشار إلى ذلك لدى أطر الوزارة، ينوي إطلاق طلبات عروض من أجل تطوير منصات التعلم عن بعد، أو، بطريقة أوضح، إطلاق عملية "سمسرة" مع فاعلي القطاع الخاص على حساب أساتذة التعليم العالي؟!!
لم يقف ميراوي عند هذا الحد، بل "استفز" بقراره القاضي بتعليق إحداث 34 مؤسسة للتعليم العالي بكل ربوع المملكة المنتخبين والسلطات الترابية، من جهة، والطلبة وأولياء أمورهم، من جهة أخرى، في ضرب صارخ وغير مفهوم لمبدأ العدالة المجالية التي وجب تكريسها وللجهوية المتقدمة التي وجب ترسيخها وفي تناف مع التزامات الدولة التي تم التوقيع عليها في اتفاقيات ملزمة وتم التأشير عليها من قبل المسؤولين الجهويين ومن قبل وزارتي الداخلية والمالية، وبالرغم من رصد الدولة، في ميزانيتها لسنة 2022، لأزيد من 600 مليون درهم لهذه الغاية، دون أن يقدم لا توضيح في هذا الشأن ولا بديل لقراره "الغريب".
ما وجب التنبيه إليه هو أنه خلال السنة الجامعية المنقضية لم يتم تشييد أو إحداث ولا حتى إصلاح لا مؤسسة جامعية ولا مدرج ولا قاعة ولا حي جامعي ولا مطعم ولا ...، مع العلم أن الميزانية المخصصة لذلك تم رصدها من لدن الدولة ومع العلم أيضا أن السنة الجامعية المشرفة على الافتتاح ستعرف التحاق أزيد من 250.000 طالب جديد!!
ومن تجليات شطط الوزير كذلك أنه دعا إلى إعادة النظر في حصص المنح المخصصة للأقاليم على أن يتم تفضيل ومحاباة أقاليم بعينها ليستفيد من ذلك سياسيا وحزبيا، كما قام ببرمجة تشييد حي جامعي بتارودانت، خارج اللائحة المبرمجة سلفا، وذلك حتى يلمع صورته على المستوى الداخلي للحزب الذي ينتمي إليه، خصوصا وأن تلك المدينة ينحدر منها ويرأس مجلس جماعتها الأمين العام لحزبه.
وتبعا لذات المنطق، عمد ميراوي إلى سحب القانون الأساسي للأساتذة ضدا على التوافقات التي تم تحقيقها خلال نهاية الولاية الحكومية السابقة مع نقابتي التعليم العالي وهو ما أدى إلى احتقان جامعي غير مسبوق ترجمته الإضرابات العامة التي شلت كل مؤسسات التعليم العالي العمومية خلال شهر يونيو الماضي، مع العلم أن الدخول الجامعي المقبل لا يزال معلقا بحكم أن ممثلي الأساتذة يلوحون بمقاطعته في حال ما لم يلتزم الوزير بوعوده.
كما عمد، بالتوازي مع ذلك، إلى سحب مشروع القانون المنظم للتعليم العالي والبحث العلمي الذي تم عرضه، في يونيو 2021، على الأمانة العامة للحكومة من قبل الوزيرين السابقين، ليعيد النظر في ما جاء في مضامينه، مدرجا مبادئ دخيلة عن الجامعة الوطنية، وفي التوافقات التي تمت مع مختلف الفاعلين والخبراء الأكاديميين والاجتماعيين والتقنيين والقانونيين وذلك في إطار لجنة وطنية، يترأسها رئيس الحكومة، تضم كل القطاعات المعنية وأسند إلى الأمانة العامة للحكومة الإشراف على لجنتها القانونية، ليتم، على إثر ذلك، وبعد مصادقة وزارة الاقتصاد والمالية عليه، برمجته برقم خاص، قصد استصدار نص قانوني توافقي.
في مقابل كل ذلك، أطلق ميراوي "مناظرات جهوية"، ذات الأهداف المبهمة والمخرجات الغامضة، والتي قاطعتها النقابات، لتشخيص المشخص، بالرغم من تقديمها، عكس الواقع، على أنها الأولى من نوعها في القطاع وأنها "تمرين جديد مبني على التشاور لم تعرفه الجامعة المغربية من قبل"، حيث أنها، في الواقع، استنساخ طبق الأصل للجولات التشاورية والملتقيات الجهوية التي نظمها سلفيه في القطاع، أمزازي وأوعويشة. والحقيقة هو أن تنظيم هذه المناظرات الجهوية والذي من المفترض أن تتلوها مناظرات وطنية ما هي إلا محاولة منه في الهروب إلى الأمام وربح مزيد من الوقت السياسي، في موضوع من المفترض أن لا يتم إقحام السياسة فيه.
وبالتالي، فإن ما يفتخر به ميراوي اليوم لا يعدو أن يكون إخراجا، في حلة جديدة وبمبالغ مالية ضخمة فرض على الجامعات أداؤها لصديقته الحميمة، حياة أكفلي، المالكة لوكالة خاصة للتواصل، لما تم الحسم فيه والتوافق عليه سابقا بإجماع كافة الفاعلين والشركاء السياسيين والسوسيو-إقتصاديين والمؤسساتيين والمجتمعيين بمختلف جهات المملكة.
كما كلف صديقته نفسها بتطوير ما سمي ب"المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي" وفرضته، بإيعاز منه، على رؤساء الجامعات ومدراء القطاع وطلبت منهم اتباع مخططها، مع العلم أن "الصديقة" لا دخل لها لا من بعيد ولا من قريب بالقطاع، وتتلقى أموالا وتعويضات من الجامعات ومن مؤسسات عمومية، على غرار جمعية R&D Maroc وغيرها، مثلها مثل باقي مقربي الوزير، بطرق ملتوية وخارج القانون، بحيث لا تجمعها بالوزارة أية علاقة تعاقدية.
حصيلة السنة الأولى من ولاية ميراوي على رأس قطاع التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار شهدت تدبيرا عشوائيا للملفات المعروضة عليه بحيث فشل فشلا ذريعا في حلحلة الإشكال الذي لا يزال الطلبة المغاربة العائدون من أوكرانيا يواجهونه، في ظل التجاهل الذي لحقهم من طرف الوزارة، بالرغم من انقضاء سنة جامعية كاملة وإشراف أخرى على الافتتاح وبالرغم من الوقفات المتعددة التي نظموها أمام مقر الوزارة وبالرغم من المراسلات العديدة التي وجهوها للوزير قصد لقائهم، دون جدوى، وبالرغم من البلاغات العديدة التي نشرتها الوزارة ومنصات جرد الطلبة التي أطلقتها هذه الأخيرة.
وعود ومقترحات عبد اللطيف ميراوي والتي أخذت أشكالا وتوجهات مختلفة، منذ اندلاع الأزمة الروسية-الأوكرانية، من إدماج مباشر للطلبة المعنيين، كما أعلن على ذلك بتاريخ 4 مارس، إلى اجتياز مباريات الولوج، كما جاء في خطته لحل المشكل نهائيا (مباشرة بعد عيد الأضحى الماضي) والتي أعلن عنها يوم 21 يونيو بمجلس المستشارين، مرورا بخطط وصيغ لم ترقى الترحيب لا من طرف الطلبة المعنيين ولا من طرف الطلبة المنتسبين إلى كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب الذين قاموا بإنزال وطني أمام البرلمان للتنديد بقرارات ميراوي "غير المسؤولة"، لم تكن كافية لإيجاد حل للإشكال المطروح.
ولعل غياب الحماس لدى المسؤولين الجامعيين الذين لم تتم استشارتهم يوما في الموضوع ومعارضة الطلبة المسجلين بالمسالك الطبية بالمغرب لخطوات الوزير نظرا لضعف الطاقة الإيوائية للمؤسسات الجامعية والمراكز الاستشفائية وآثارها على جودة التكوينات وكذا تشبت "طلبة أوكرانيا" بوعود ميراوي الأولية والتي تبقى غير قابلة للتطبيق نظرا لغياب الإطار القانوني لذلك، من جهة، وعدم انخراط القطاعات الحكومية الأخرى المعنية في المبادرات "الأحادية" لميراوي التي أتى بها ديوانه دون الأخذ برأي حتى الإدارة ومسؤوليها، من جهة أخرى، تعد الأسباب الرئيسية لفشل وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في إيجاد وابتكار حل واقعي وموضوعي للإشكال المطروح.
في سياق متصل، عرفت مباريات ولوج كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة، في سابقة من نوعها، تسريب الامتحانات وحالات غش متفرقة، بينما اعتبر ميراوي أن :"الامتحانات مرت في ظروف جيدة، ووفق شروط الشفافية، رغم تسجيل بعض الحالات المحدودة جدا للغش".
من جانب آخر، لعل سلسلة إعفاءات مسؤولي القطاع، من مدراء مركزيين ورؤساء جامعات ومؤسسات جامعية ومسؤولين إداريين والطريقة المهينة التي اتبعها لإبعادهم لدليل عن شخصية الوزير "المضطربة" التي عنوانها الحقد والعداء.
وقد وظف لذلك صديق طفولته وابن بلدته، عبد الفتاح ولد النعناع، الذي عينه مفتشا عاما بالنيابة، من أجل إيجاد دلائل ولو تطلب ذلك نسج قصص خيالية لتلفيق التهم المجانية والمجازية لهم، ظلما وعدوانا، كما وظف رئيس ديوانه، سعيد مفتي، لقيادة حملة التشهير الإعلامي "الباطل" المبني على ما أتى به ولد النعناع، بالإضافة إلى صحفية قادمة من مواقع الإثارة، من أجل تشويه صورة من لحقهم الإعفاء المجاني.
وفي مقابل ذلك، اختار الوزير سياسة "تبليص فضيعة" لأصدقاء فرنسا، كما شهدته رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس والوكالة الوطنية لتقييم جودة التعليم العالي والبحث العلمي وغيرهما بفرضه "شظايا" النظام الفرنسي على الجامعة المغربية والذين لم يعرفونها يوما وذلك باستخدام لجان "زور" يترأسها ويكونها فرنسيي الجنسية، على الخصوص نور الدين مؤدب، رئيس الجامعة الدولية للرباط (والذي أهداه ميراوي هذه السنة دعما استثنائيا قيمته 80 مليون درهم)، لتثبيت الفرنكوفونية التي جاء من أجلها ميراوي إلى المغرب، كما أفصحت عن ذلك وثائق تثبت تلقيه تعويضات بمئات الملايين للترويج لمشاريع فرنكوفونية بالمغرب في ما سمي بفضيحة "تضارب المصالح وتلقي أموال خارجية والتخابر لصالح دولة أجنبية".
كما أبرزت تقارير صحفية وثائق ثبوتية لعلاقة ميراوي في ملف فساد يهم 20 صفقة عمومية قيمتها الإجمالية تعدت 14 مليار سنتيم خلال الأسبوعين الأخرين من ولايته الثانية على رأس جامعة القاضي عياض بمراكش والتي هي موضع الشكاية رقم 5543 التي أحالها، سنة 2019، محمد عبد النبوي، رئيس النيابة العامة آنذاك، على الوكيل العام للملك بمدينة مراكش، بالإضافة إلى إدانته في شبهة التزوير واستعماله وتبديد وإتلاف وثائق رسمية واختلاس ونهب أموال عامة في قضية اقتطاع تجزئة من الوعاء العقاري للملك المسمى كلية اللغة العربية وإحداث مشروع تشييد بناية فوقها بالتدليس والخلسة بكلفة إجمالية قيمتها 19.994.991,00 درهم ممولة من المال العام من ميزانية الاستثمار لجامعة القاضي عياض، بالإضافة إلى عدم صرف إعانات الوزارة الوصية الاستثنائية المخصصة لفائدة كلية اللغة العربية خلال تنفيذ ميزانيات سنوات 2015 و2016 و2017 والمحددة في مبلغ إجمالي قدره 1.980.750,00 درهم.
ولم تكد السنة الحكومية الأولى لميراوي على الانقضاء حتى تبين للملأ علاقة الرجل، الذي ادعى غير ما مرة الحداثة وأعلن عن عدائه لمن سماهم "الرجعيين"، مع جماعة العدل والإحسان المحظورة من أجل جمع الدعم ضد "مسؤولي القطاع" الذي لا يترك فرصة لتحميلهم مسؤولية فشله في تسيير القطاع و"التطبيل والتزمير" لسياسته التي اكتشف الجميع معالمها وأهدافها، المعلنة منها والمبيتة.
سقطت ورقة التوت وانكشف المستور...
المظنون في رئيس الحكومة ليس فقط رفع ملتمس إعفائه بالنظر إلى الكوارث التي لحقت القطاع منذ مجيئه، بل تحريك المتابعة القضائية ضده في كل ملفات الفساد التي تلاحقه، بصفته الوزارية وكذلك بصفته رئيسا سابقا لجامعة القاضي عياض بمراكش، تخليقا للحياة العامة وللممارسة السياسية الفضلى وتكريسا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؛ وردا للاعتبار للجامعة المغربية التي لحقتها أضرار بالجملة ستكون آثارها حتما سلبية، على الأقل خلال المدى القصير، حتى يتمكن من سيخلفه من تصويب المسار الذي أفسدته أنانيته "المرضية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.