القوافل التي نتحدث عنها اليوم تختلف عن تلك التي تضم بعض المسافرين بغرض التجارة كقوافل العرب أو طريق الحرير. بل قوافل تختلف عن سابقتها من حيث الهدف الذي تنشده بسفرها وتنقلاتها وتجوالها في جميع ربوع المملكة، تفعيلا لبرنامجها السنوي. وعلى هذا الأساس فهي تجربة فريدة من نوعها وحميدة المسعى، استنادا الى الغاية التي اخدتها على عاتقها، مكونة من أطر عليا شابة، نذكر من بينهم الدكتور والباحث المختص عثمان مودن، يضعون خبرتهم وكفاءاتهم في خدمة تعميم وتبسيط المعرفة في شقها المالي. منتدى الباحثين في وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، هو أحد أنواع هاته القوافل الذي حمل على كاهله عبئ وعناء شد الرحال كل سنة، والتوجه الى مختلف شرائح المجتمع وفئاته المهنية والثقافية، من مدارس وجامعات ودور للثقافة والشباب ومؤسسات عمومية وسياسية، من أجل إشراكهم في نقاش عام حول قانون المالية واطلاعهم على مضامينه، لتقريبها الى شريحة واسعة من الناس بمختلف جهات المملكة. اضافة الى ذلك يهدف المنتدى، من خلال نقاشاته وتبادل الافكار، الى تقصي آراء وتصورات ومقترحات المواطنين باختلاف اطيافهم بالنسبة لميزانية السنة الموالية، ترفع كتوصيات إلى وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، تستند عليها في إعداد مشروعها لقانون المالية للسنة المقبلة، في صيغة مبسطة وميسرة للفهم في إطار سياستها التحسيسية والتواصلية مع المواطنين والمجتمع باختلاف مكوناته. وفي هذا تفعيل للمبادئ الدستورية المتعلقة بإشراك المواطنين في إعداد السياسات العمومية وشفافية التدبير المالي والحق في الوصول والحصول على المعلومة، في إطار مقاربة تشاركية وتفاعلية. وللتذكير فان منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، هي جمعية مكونة من عدة أطر وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، يهدف بنهجه هذا الى انفتاح الوزارة على محيطها الخارجي والتفاعل معه. نظم أول قافلة تواصلية لقانون المالية له سنة 2015. وهو حاليا في نسخته الخامسة التي نظمها في بداية هذه السنة تحت شعار " قوانين المالية ورهانات العدالة الاجتماعية" . يحيي كل سنة ندوات مفتوحة للجميع، من طلبة وموظفين ومهنيين ومجتمع المدني وأساتذة جامعيين مسؤولين وأطر من وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة نفسها. ما احوجنا في زمننا هذا والذي كثر فيه الحديث عن تدبير المعرفة واشعاعها، الى المزيد الكيفي من القوافل وتنوع اصنافها، بأهداف صائبة وذات نفع عام بإسقاطات إيجابية ومباشرة على مستوى المرء من الناحية التوعوية والثقافية وكذلك على طريقة التحليل برؤيا متعددة الزوايا والتفاعل معها من أجل بلورة منتوج نهائي آخذة بعين الاعتبار الرأي والرأي الآخر. فالمجتمع المدني يعج بأعداد هائلة من الجمعيات باختلاف المواضيع والاهداف، لكن ليست كلها فاعلة وفعالة ولا هادفة فالعبرة بالنتائج وبالكيف وليس بالكم.