قال عمال إنقاذ والمرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الاثنين إن طائرات حربية شنت هجمات مكثفة على آخر منطقتين كبيرتين تحت سيطرة المعارضة في سوريا مما أدى إلى مقتل 29 شخصا على الأقل في منطقة الغوطة الشرقية قرب العاصمة واختناق أشخاص بالغاز في إدلب في شمال غرب البلاد. وتعهدت حكومة الرئيس بشار الأسد باستعادة كل الأراضي السورية من المعارضة التي خسرت مساحات كبيرة من أراض كانت تحت سيطرتها في حرب تقترب من عامها الثامن. وأحكمت القوات الحكومية في الشهور القليلة الماضية الحصار الذي تفرضه منذ سنوات على الغوطة الشرقية. وفي شمال غرب البلاد تحاول الحكومة والفصائل المتحالفة معها التقدم صوب ريف إدلب وهي آخر محافظة لا تزال خاضعة لسيطرة المعارضة إلى حد بعيد. وقال المرصد السوري إن طائرات حربية هاجمت الغوطة الشرقية قرب دمشق فقصفت بلدات زملكا وعربين وحزة وبيت سوى مما أدى إلى مقتل 29 على الأقل. وذكرت وسائل إعلام رسمية أن مقاتلي المعارضة قصفوا العاصمة فقتلوا امرأة. وزاد القلق الدولي بشأن مصير الغوطة الشرقية حيث يقول سكان إن إمداداتهم من الطعام والدواء قاربت على النفاد. وفي شمال غرب البلاد، ساحة القتال الرئيسية الأخرى في الحرب بين القوات الحكومية وخصومها من المعارضة، زادت وتيرة القصف مساء الأحد بعد أن أسقط مقاتلو معارضة طائرة حربية روسية يوم السبت. وقال عمال إنقاذ إن تسعة أشخاص على الأقل يعانون من صعوبات في التنفس جراء استنشاق مواد كيماوية ألقيت من الجو. وذكرت جماعات حقوقية وعمال إنقاذ أن ثلاثة مستشفيات قصفت أيضا. وقالت الجمعية الطبية السورية الأمريكية وهي منظمة خيرية تدعم المستشفيات في سوريا إن أطباءها في إدلب أبلغوا عن إصابة 11 مريضا "بأعراض تشير إلى استخدام الكلور". وقال راضي سعد من فريق الأسلحة الكيماوية بجماعة الدفاع المدني المعروفة باسم "الخوذ البيضاء" لرويترز إن طائرة هيلكوبتر ألقت مساء الأحد برميلين يحويان غازات كيماوية. وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجماعة الخوذ البيضاء واتحاد منظمات الرعاية الطبية والإغاثة ومقره الولاياتالمتحدة إن منشآت الرعاية الصحية في شمال غرب سوريا أصيبت في ضربات جوية. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على تويتر "في ظل حقيقة أن غالبية المستشفيات لم تعد تعمل في تلك المناطق فإن هذه الهجمات الحديثة ستحرم عشرات الآلاف من الأشخاص من الرعاية العاجلة". ونفت الحكومة السورية مرارا استخدام غاز الكلور أو أي أسلحة كيماوية أخرى خلال الصراع في سوريا. واتهم عمال الإنقاذ والجماعات الطبية قوات الحكومة باستخدام غاز الكلور ضد الغوطة الشرقية ثلاث مرات خلال الشهر الماضي. وكانت أحدث مرة يوم الخميس. * عمل شنيع كانت سوريا وافقت في 2013 على التخلي عن ترسانتها من الأسلحة الكيماوية. وفي العامين الماضيين، خلص تحقيق مشترك للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيمائية إلى أن الحكومة السورية استخدمت غاز السارين واستخدمت أيضا غاز الكلور كسلاح عدة مرات. وذكر التحقيق أيضا أن تنظيم الدولة الإسلامية استخدم غاز الخردل. ونشب خلاف بين الولاياتالمتحدةوروسيا في مجلس الأمن الدولي يوم الاثنين بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، فقد اتهمت واشنطن الحكومة الروسية بحماية الأسد من المساءلة بينما اتهمت موسكوالولاياتالمتحدة بتشويه سمعة روسيا. ودعت ألمانيا يوم الاثنين إلى إجراء تحقيق مستفيض في تقارير أفادت بأن سوريا استخدمت أسلحة كيماوية في إدلب والغوطة الشرقية. وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان "إذا تأكد أن الحكومة السورية استخدمت أسلحة كيماوية مرة أخرى فإنه سيكون عملا شنيعا وانتهاكا سافرا للالتزام الأخلاقي والقانوني بتجنب استخدام الأسلحة الكيماوية". كان وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس قال الأسبوع الماضي إن الحكومة السورية استخدمت مرارا غاز الكلور كسلاح وإن واشنطن تشعر أيضا بالقلق من احتمال استخدام السارين. وأودت الحرب السورية بحياة مئات الآلاف ودفعت أكثر من 11 مليون شخص إلى النزوح عن ديارهم. كما جذب الصراع المتعدد الأطراف دولا مجاورة وقوى عالمية تؤيد جماعات حليفة لها على الأرض. وتوجد قوات تركية في شمال غرب سوريا وقد دخلت محافظة إدلب بناء على اتفاق "عدم التصعيد" الذي توصلت إليه مع روسياوإيران داعمي الأسد. ووسعت تركيا عمليتها قبل أسبوعين بالتوغل في منطقة عفرين المجاورة لقتال وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على المنطقة. وقال الجيش التركي إن قواته أقامت موقعا عسكريا جنوب غربي مدينة حلب السورية يوم الاثنين، وهي أعمق نقطة تجري فيها إقامة موقع عسكري حتى الآن داخل شمال غرب سوريا بموجب اتفاق بين روسياوإيران يهدف إلى خفض العنف هناك. وقد انهار "عدم تصعيد" العنف الذي كان من المفترض أن تراقب تركيا تطبيقه بعد أن دشن الجيش السوري وفصائل مدعومة من إيران فضلا عن القوات الجوية الروسية هجوما كبيرا في ديسمبر كانون الأول لاستعادة مناطق في محافظة إدلب. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان إن موقع المراقبة التركي الجديد يقع قرب قرية العيس. وسيجعل الموقع القوات التركية على بعد أقل من خمسة كيلومترات من الأراضي التي تسيطر عليها القوات الحكومية السورية وحلفاؤها وسيجعلها في نقطة أعمق داخل الأراضي السورية من المواقع الثلاثة السابقة التي أقامها الجيش التركي حتى الآن.