يبدو أن مؤتمر برلين الاخير فتح الباب للجزائر بأن تكون طرفا محايدا في النزاع الإماراتي التركي بالمنطقة المغاربية وذلك كوسيط بين مختلف الجهات الفاعلة في الأزمة الليبية فمباشرة بعد زيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الأحد للجزائر العاصمة، دعت الجزائر الاثنين وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان لزيارتها. وقد اعتبره بعض المراقبين والمحللين للشأن المغاربي أنه تطور دراماتيكي تسعى الجزائر من خلاله إلى العودة إلى المشهد الإقليمي والدولي مع أملها في الحصول على مكاسب دبلوماسية في خضم أزمة الشرعية التي تواجهها بسبب دينامية الحراك الشعبي المستمرة بالشارع الجزائري. ومن الناحية الرسمية تقول الجزائر أن هذه الزيارة تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية، وهو معطى غير صحيح تماما فتبون طلب رسميا من بوقادوم إجراء وساطة بين الإماراتيين والأتراك ويتزامن وصول الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان مع حضور الرئيس أردوغان في الجزائر ووفد تركي كبير يضم وزير الدفاع الوطني والشؤون الخارجية. وسيجري صبري بوقادوم محادثات سرية ستعقد في الجزائر بين الوفد الإماراتي ونظيره التركي ويعارض البلدان بعضهما بشدة في العديد من الملفات الإقليمية الملتهبة ولا سيما في ليبيا حيث تمول أبو ظبي الجنرال المتمرد خليفة حفتر بينما تدعم أنقرة حكومة طرابلس المعترف بها دوليا. ويبدوا أن أنقرةوأبوظبي تحاولان تهدئة الأوضاع والتوترات بالمنطقة على ضوء مخرجات قمة برلين لأن الطرفان يعيشان حرب باردة حقيقية تهدد بتدهور العلاقات بشكل أكبر في أي وقت مضى خاصة وأن الأمور وصلت إلى نقطة اللاعودة بسبب معاداة الإمارات للربيع العربي وتورطها في محاولة الانقلاب العسكري ضد أردوغان في 15 يوليو 2016 ومن جهة أخرى تحظى الجزائر بعلاقات جيدة مع ابوظبي ولا تريد أن تفقد الدعم الإماراتي الذي عززه قائد الأركان الراحل قايد صالح لكن الرئيس الجزائري الجديد يحتاج في الوقت نفسه إلى الاستفادة من دعم تركيا لتعزيز موقعه الهش في الجزائر العاصمة. وبالتالي فإن هدف الحكومة الجزائرية بقيادة تبون يتمثل في التفاوض على الوصول إلى اتفاق ضمني بين أبو ظبي وأنقرة لاستعادة الهدوء بين البلدين وبذلك ستستفيد الجزائر نفسها كوسيط أساسي وقد قبل الإماراتيون العرض وكذلك الأتراك حسب مصادر اعلامية أجنبية لكن مخرجات المفاوضات رهينة بما سيجري اليوم الاثنين في اللقاء السري وتأمل الحكومة الجزائرية أن تحصد قريبا نتائج دبلوماسيتها الهجومية ضد الحراك الشعبي الذي لا يزال حيا ويهددها من الداخل خاصة في ظل أنباء عن اتفاق بين الأحزاب التقليدية الجزائرية مع السلطة الجديدة بقصر المرادية لتطويق الحراك وافراغه من كينونته الجماهيرية .