يبدو أن إرتدادات اغتيال الجنرال قاسم سليماني وصلت أصداءه إلى جبهة البوليساريو الانفصالية التي تتخبط خبط عشواء داخل منظومتها المهترئة التي شارفت على الانتهاء حيث تعيش مرحلة موت سريري بسبب فقدانها لأهم داعميها في منطقة الشرق الأوسط الجنرال قاسم سليماني. فبعد أن أضحت الجبهة عبئا ثقيلا على القيادة الجزائرية بالرغم من التصريحات الأخيرة غير المسؤولة وغير المنطقية للرئيس الجديد تبون حول الصحراء المغربية ، إلا أن الواقعية السياسية تؤكد أن البوليساريو لم تبق موضوعا متفقا عليه من قبل أركان النظام الجزائري. وما تصريحات الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني بالجزائر عمار سعداني وأيضا شعارات الحراك الشعبي في الشارع الجزائري التي أكدت على رفضها المطلق لدعم الجمهورية الوهمية ، إلا دليل على أن البوليساريو قد بدأت تتآكل داخل قلعتها بالتراب الجزائري وأيضا بداية انهيار قواعدها الأيديولوجية في الخارج مثل كوبا التي بدأت تنفتح نوعا ما حول مقترح الرباط (الحكم الذاتي ) في الأقاليم الجنوبية إضافة إلى سحب عدد من الدول اعترافها بالجمهورية الوهمية خاصة بأمريكا الجنوبية التي كانت حاضنة لقيادات البوليساريو لاعتبارات إيديولوجية. ومن مظاهر هذا التخبط أيضا الذي تعيشه البوليساريو هي خروج بعض منابرها الاعلامية في محاولة يائسة لربط حدث الاغتيال واتهامات الرباط بوجود روابط صلة بين البوليساريو ونظام الملالي بالمنطقة المغاربية منذ قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران في فاتح ماي 2018 على خلفية تورط عناصر من ميليشيا حزب الله اللبناني في تدريب عناصر وكوادر عسكرية من البوليساريو تحت إشراف فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي كان يقوده الجنرال المغتال سليماني. حزب الله الذي فقد بوصلته وتحول من حركة مقاومة كانت لها شعبيتها وشرعيتها في الشارع العربي الى ميليشيا ومرتزقة وعصابة بيد ايران ونظام الاسد في قتل الشعب السوري على الهوية واجهاض ثورته ، اصبح رقما داخل المعادلة السياسية لخدمة اجندة طهران بشمال افريقيا. والمغرب ما كان ليحدث ازمة مع ايران لو لم يكن متأكدا من وجود عناصر ل حزب الله اللبناني في تندوف. إضافة إلى وجود تقارير إعلامية موثوقة تؤكد أن ديكتاتور الشام طلب من قيادة جبهة البوليساريو الانفصالية ارسال مقاتلين إلى سوريا للمشاركة في إخماد انتفاضة الشعب السوري المشروعة ضد نظام دمشق. والمغرب كان من أوائل الدول التي قطعت علاقتها مع نظام بشار الأسد بسبب الوضع الكارثي والمأساوي الذي تسبب به في تدمير سوريا وحول ثورتها إلى حرب أهلية، حيث فتح المجال لمختلف القوى الدولية والإقليمية في تدمير بلده وكان يمكنه تجنب ذلك بطريقة ذكية لو استثمر بداية الحراك السوري الشعبي في تجديد هياكل نظامه نحو نظام ديمقراطي بما يتناسب مع تطلعات الشعب السوري. مقتل قاسم سليماني هي محطة أخرى في سلسلة الانتكاسات التي تعيشها البوليساريو في ظل وجود رغبة أكيدة من القوى الدولية في حلحة ملف قضيتنا الوطنية بناءا على تصورات مقترح الحكم الذاتي الذي جاء به المغرب كحل واقعي ومنطقي لهذا الصراع الذي يقوض جهود تفعيل اتحاد المغرب العربي نحو تكامل اقتصادي وسياسي بما يخدم مصالح شعوب دول المنطقة والذي أكد عليه الملك محمد السادس في مختلف خطاباته بضرورة العمل والإسراع في فتح الحدود بين دول شمال إفريقيا وعدم السماح ببروز كيانات وهمية لاطائل لها سوى خدمة أجندات سياسة وفئوية ضيقة على حساب وحدة شعوب المنطقة المغاربية.