على بعد يومين من الاجتماع التشاوري لبحث التصويت على التمديد لبعثة الأممالمتحدة (مينورسو) لمدة سنة إضافية في الأقاليم الصحراوية للمملكة، يعود مقترح الحكم الذاتي إلى الأضواء من جديد، سيما وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية، غيرت نوعا ما من موقفها، لتصبح أكبر داعم لهذا المقترح. شكل لقاء الملك محمد السادس بالرئيس الأمريكي بارك أوباما سنة 2013 بالبيت الأبيض نقطة تحول في رؤية واشنطن لقضية الصحراء المغربية، خاصة وبعد أن وصفت مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط، ب"الواقعي وذو المصداقية".
غير أن المثير في البيان المشترك الذي أعقب زيارة العاهل المغربي الأخيرة لواشنطن، والذي مازال يؤرق بال "البوليساريو" ومعها الجزائر، تشبث الإدارة الأمريكية بمقترح الحكم الذاتي، و هو دعوة صريحة لمحمد عبد العزيز زعيم البوليساريو للتفاعل مع المقترح الذي يجعله رئيسا للصحراء المغربية بتعيين من الملك محمد السادس.
وكان لقاء محمد السادس وباراك أوباما سابقة من نوعها بخصوص العلاقات الثنائية المغربية الأمريكية وملف الصحراء، مما أحدث تحولا عميقا في مواقف واشنطن بالخصوص. تطرق البيان المشترك بين العاهل المغربي والرئيس الأمريكي حينها إلى ضرورة إيجاد حل سياسي متوافق عليه بين الأطراف، لكن في سياق الانفتاح على المقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي، تلاحظ الطريقة والمنهجية التي صيغت بها فقرة معبرة يقول فيها الرئيس الأمريكي:" إنه يلتزم باستكمال المجهودات لإيجاد حل سلمي ودائم ومتوافق عليه في قضية الصحراء، وتماشيا مع السياسة الأمريكية لمدة سنوات، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبر مقترح الحكم الذي الذي تقدم به المغرب، جديا وواقعيا وذا مصداقية يمكنه من تلبية انتظارات الصحراويين وتسيير شؤونهم في أمن وسلام".
يقول باراك أوباما إن مقترح الحكم الذاتي يلبي انتظارات الصحراويين في تسيير شؤونهم في أمن وسلام، ويقول المشروع المقدم، إن مقترح الحكم الذاتي ليس إلا مشروعا قابلا للنقاش في جلسات المفاوضات في حالة ما إذا قبلت الأطراف المعنية التفاوض على أساسه، وهو ما يفهم منه، ضمنيا، إمكانية توسيع المقترح لتلبية انتظارات الساكنة بما لا يتعارض مع ما يعتبره المشروع مقومات السيادة، وهي الاختصاصات الحصرية التي تحتفظ الدولة بها لنفسها دون تفويض لجهة الحكم الذاتي بالصحراء، وهي بالأساس العلم والنشيد الوطني والعملة، بالإضافة إلى المقومات المرتبطة بالاختصاصات الدستورية والدينية للملك، بصفته أميرا للمؤمنين والضامن لحرية ممارسة الشعائر الدينية وللحريات الفردية والجماعية، ثم الأمن الوطني والدفاع الخارجي والوحدة الترابية، والعلاقات الخارجية، والنظام القضائي للمملكة. وباستثناء هذه الاختصاصات الحصرية، يضع المشروع عددا من المقومات الأخرى للمشروع رهن توسيع أو تقليص ما جاء في أحكامهما، وهي مجالات التقاطع بين جهة الحكم الذاتي والمركز بالرباط، كما يوضحها الإطار في المادة نفسها. وهي المجالات التي قالت وثيقة الحكم الذاتي إنه يمكن تفويضها عملا بمبدأ التفريع. وتنص المادة 20 على أن يمارس السلطة التنفيذية في جهة الحكم الذاتي للصحراء رئيس حكومة ينتخبه البرلمان الجهوي وينصبه الملك. وفي المادة 21 من مقترح الحكم الذاتي الذي أعدته الرباط، تنص على أن يتولى رئيس حكومة الجهة الحكم الذاتي للصحراء تشكيل حكومة الجهة، ويعين الموظفين الإداريين الضروريين لمزاولة الاختصاصات الموكولة إليه، بموجب نظام الحكم الذاتي، ويكون رئيس حكومة الجهة مسؤولا أمام برلمان الجهة.