على الرغم من أن الراحل مومن الديوري كان السباق إلى الحديث عن ثروة الراحل الحسن الثاني وأن عبد السلام ياسين قدر هو أيضا ثروة الملك الراحل ب40 مليار دولار، فإن المعطيات التقريبية التي يمكن أن تعطي فكرة عن ثروات الملوك والقادة ومنهم محمد السادس هي التي أوردتها مجلة "فوربيس" في أكثر من مناسبة وهنا قراءة في هذه الأرقام. تراجعت الأرباح المالية وثروات معظم أفراد العائلات الملكية بعد الأزمات التي ضربت العالم خلال السنين الأخيرة، لكن الأمر لا يبدو كذلك بالنسبة للملك محمد السادس، الذي قدرت ثروته ب2.5 مليار دولار، حسب تصنيف فوربيس لسنة 2013 ضمن خانة تصنيف الحكام العرب، ثم 2.1 مليار دولار في التصنيف الأخير في نونبر الماضي ضمن أغنى الأفارقة العشرين، وهذا يجعل محمد السادس الوحيد ضمن 15 ملكا ثريا مصنفا في القائمة، حيث لم تتراجع أرباحه بشكل كبير، بل حافظت الأرباح إلى حد ما على الاستقرار مقارنة بالاندحار الكبير للكثير من المنافسين في السلم "الفوربيسي".
تقرير "فوربيس" صنف حينها ملك السعودية الراحل عبدالله كأغنى حاكم عربي بثروة قدرت بنحو 18 مليار دولار، ويبدو أن الأسرة الملكية في السعودية في شخص الملك قد خسرت 1 مليار دولار مقارنة مع تصنيف "فوربيس" لأغنى الملوك في 2007، وجاء ملك السعودية على رأس تصنيف الحكام متبوعا بالشيخ خليفة بن زايد حاكم دولة الإمارات العربية المتحدة، بثروة قدرت ب15 مليار دولار، أي بخسارة وصلت 6 مليار دولار مقارنة مع ما كشفت عنه "فوربيس" في تصنيف 2007، إذ كانت ثروته تقدر حينها ب21 مليار دولار، فيما تذيل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة قائمة الحكام العرب وجاء في الرتبة العاشرة بثروة قدرت ب245 مليون دولار.
وكشف تقرير "فوربيس"، الذي يعتمد معايير هي الأقرب إلى الدقة في رصد ثروات المشاهير أن ثروة الملك محمد السادس تقدر بحوالي 21 مليار درهم، أي 2.5 مليار دولار، واحتل المركز الخامس من بين أغنياء الحكام العرب، إلا أنه يلاحظ أن الملك محمد السادس تراجعت ثروته في تصنيف أغنياء إفريقيا في نونبر الماضي إلى 2.1 مليار دولار بخسارة قدرت ب400 مليون دولار في ظرف سنة ونصف تقريبا.
ولعلها المرة الأولى التي تضع فيها مجلة "فوربيس"، التي تهتم بإحصاء الثروات المالية حول المؤسسات والشركات المالية حول العالم، تضع فيها الملك محمد السادس ضمن قائمة أغنى أغنياء إفريقيا الخمسين، واحتل العاهل المغربي الرتبة 16 كأغنى رجل في إفريقيا بثروة قدرت ب2.1 مليار دولار.
المفارقة الغريبة، أو على الأقل غير الشائعة لدى المغاربة في تصنيف "فوربيس"، هي أن محمد السادس جاء تصنيفه ليكشف أنه الرجل الثاني الأكثر ثراء في المغرب بعد عثمان بنجلون مالك مجموعة "فينانس كوم" والبنك المغربي للتجارة الخارجية.
وبينما غادر القائمة المغربي محمد العلمي الأزرق مالك "أليانس دارنا"، الشركة العاملة في مجال العقار، تضمنت قائمة هذه السنة ثمانية أسماء مغربية: عثمان بنجلون وأنس الصفريوي وميلود الشعبي وعائلته، وعزيز أخنوش ومولاي حفيظ العلمي، ومحمد بنصالح وعلي واكريم إضافة إلى الملك محمد السادس.
واحتل عثمان بنجلون صدارة الأغنياء المغاربة، إذ حل في الرتبة 13 إفريقيا ثروة بلغت 2.4 مليار دولار، متبوعا بالملك محمد السادس (16 إفريقيا) بثروة قدرت ب2.1 مليار دولار، وحل ثالثا (20 إفريقيا) وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش بثروة قدرت ب1.8 مليار دولار، أما الرتبة الرابعة فكانت من نصيب ميلود الشعبي (21 إفريقيا) بثروة قدرت ب1.3 مليار دولار، وحل خامسا (25 إفريقيا) أنس الصفريوي بثروة بلغت 1.1 مليار دولار، وحل سادسا محمد بنصالح بثروة تصل إلى 700 مليون دولار، وفي المرتبة السابعة مولاي حفيظ العلمي ب620 مليون دولار، وفي المرتبة الثامنة علي واكريم ب600 مليون دولار.
لكن رغم أن الكثير من مشاهير المملكة في لائحة أثرياء "فوربيس" يزاحمون الملك في السلم الفوربيسي، إلا أن ثروة الملك تبقى الأكثر متابعة نظرا لوضعه الاعتباري كملك للبلاد.
ولعل من المغاربة الأوائل الذين اهتموا عن قرب بالثروة الملكية الراحل مومن الديوري، الذي قدر ثروة الحسن الثاني المودعة بالأبناك الفرنسية والأمريكية وسويسرا (10 أبناك)، بما يناهز 10 ملايير فرنك فرنسي، تنضاف إليها عقارات وإقامات بباريس ونيويورك وأسهم وسندات مالية.
ففي غضون التسعينات كان مومن الديوري من الأوائل الذين جازفوا بمحاولتهم جرد جملة من التفاصيل عن الثروة الملكية، إلا أن القصر الملكي كذب كل ما نشره في أوانه.
أما الشيخ عبدالسلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان، فقد ذهب في رسالته "مذكرة إلى من يهمه الأمر" إلى تقدير الثروة الملكية بما يناهز 40 مليار دولار، علما أن أغلب المحللين اعتبروا أن هذا الرقم لا يستند إلى معطيات دقيقة.
رغم المحاولات "الفوربيسية" التي تخرج علينا كل مرة برقم، وخارج الرقم الذي قدر به الشيخ عبدالسلام ياسين ثروة الحسن الثاني في مذكرة إلى وريثه في نونبر 1999، ويتحدث فيها عن 40 مليار دولار، طلب من ملك جلس لتوه على العرش أن يسدد بها الديون المغربية الخارجية، وتجد مرجعا لها في الكتاب الساخن لمومن الديوري "من يملك المغرب" الصادر سنة 1992، رغم كل ذلك تبقى لعبة الأرقام المحيرة مستمرة، وتظل ثروة الملك محمد السادس سرا من أسرار الدولة.