انطلقت منذ أسبوعين بمختلف مناطق تادلة أزيلال موجة برد قارص مع مايصاحب الحالة المناخية من تساقطات مطرية هامة، وما يواكب وتيرة تقلبات الطقس من انخفاض تدريجي لدرجات الحرارة خلال أوقات الليل ، حيث يتدحرج السائل الزئبقي ليلا ليسجل 4 درجات تحت الصفر،وموازاة مع هذه الخاصية المناخية تتبدى مخاوف عدة بشكل متزايد داخل صفوف المشردين ، أطفالا وشيوخا ، نساء وذكورا ، حيث يتخذون من الشوارع مأوى لهم رغم قساوة التقلبات المناخية على امتداد السنة . وعلاقة بالظاهرة أبدت فعاليات حقوقية مخاوفها من تكرار فاجعة المواسم الأخيرة ،حيث موجة البرد القارص أزهقت أرواح 11 مشردا على فترات ، ثلاثة منهم قضوا في ليلة واحدة ،جراء احتسائهم لمسكر كحول حريق منتهية صلاحيته، فيما هلك الباقون جراء سوء التغذية ومضاعفات موجة الصقيع . يذكر أن الوضع المأساوي لهذه الشريحة الاجتماعية يبعث على القلق ،جراء تنامي أعداد النازحين من المعتوهين وفاقدي القدرات العقلية وذوي العاهات والإعاقات البدنية المتفاوتة من حيث درجات العجز البدني . وعزت مصادر أمنية دواعي تنامي الظاهرة في شموليتها إلى رغبة الجهات والمدن المجاورة في التخلص من هذه الفئة الاجتماعية ،وذلك من خلال شحنها قسرا في الحافلات القادمة إلى بني ملال ، حيث يتوزع المشردون بحثا عن أماكن آمنة يقبعون في زوايا أزقتها التي تنعم ليلا بأريحية ساكنيها ، مقابل ما تجود به الشوارع الفاضية من تيارات هوائية توزع شحناتها التدميرية على الأجساد المنهوكة لعشرات المشردين . ويظل مبعث القلق سائدا في صفوف هذه الفئة التي غالبا مايتعرض بعضها إلى اعتداءات وحشية ،بهدف سلب ما بحوزتهم من قطع نقدية وملابس جاد بها عليهم بعض المتعاطفين من دوي الأريحية ، فيما تتكرر حملات تمشيط واسعة النطاق من حين لآخرمن قبل السلطات المحلية مستهدفة المشردين ،حيث يتم تجميعهم في سيارات “الترانزيت” وإلحاقهم بجناح تابع للأمراض العقلية والعصبية بالمركز الاستشفائي،إذ يستفيدون من كميات من الأقراص المهدئة وكميات من وجبات الأكل ،ليتم إخلاء سبيلهم في اليوم الموالي، فيكون المآل في نهاية المطاف عودة عفوية للمشردين إلى مواقعهم التي يجبرون على مغادرتها قسرا من حين لآخر . يذكر أن أعدادا هائلة من المشردين توارت عن الأنظار بعد أن شكلت لسنوات شخوصا ظلت تؤثث فضاءات المدينة ،فيما لازال العشرات باختلاف أعمارهم يجوبون الشوارع في ظروف صحية مأساوية، في انتظار ما تخبؤه لهم الأقدار مع الانطلاقة الأولى للفحات الصقيع الذي يجثم على مختلف مناطق الجهة لما يقارب أربعة أشهر متتالية .