لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومخالف له في الإتجاه " قاعدة فزيائية تنطبق على مسألة التحرش الذي عرّفته موسوعة ويكيبيديا بأنه مُضايقة أو فعل غير مرحب به من النوع الجنسي. يتضمن مجموعة من الأفعال من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات جنسية أو إباحية، وصولا إلى النشاطات الجنسية معتبرة إياه كما اعتبرته الملل والنحل فعلا مشيناً بكل المقاييس. نعم لكل تحرش تحرش مضاد ، وما الفتيات العربيات ومنهن تلك المغربية طبعا اللائي قلدن أجنبية في فيديو يوثق عمليات التحرش بالساعات والمرات إلا متحرشات تحرشن بما لهن من لباس وسلوك و" هشتكة " و" بشتكة " بذكور آمنين مطمئنين ما كانوا ليتحرشوا بتلك الزمرة من الفتيات اللابسات من " غير هدوم " أو " الماشيات " بغنج ودلال عليه لباس يصف التضاريس الجغرافية لجسد صاحبته ويكشف المستحثات الكامنة تحته بشكل يخالف شريعة الاسلام المعمول بها وإن على أوراق الدساتير في مجتمعاتنا ويضرب بعرض الحائط كل عرف جميل ونبيل . طبعا قد يقول قائل إن تلك البنت حرة في اختيارها للباسها ، وقد يقول متشبع بدعاوى الحريات الفردية لبنات أريد لهن أن ينتمين " بزز " لحركة " فيمن " إن البنت ما دامت قد وصلت لسن الرشد فهي حرة فيما ترتدي وبمن تقتدي ، ولا يحجر عليها إلا معقد أو متزمت لا يفقه لغة الواقع ولا يعيش إلا على هوامش العصور الحجرية ، وتلك حجج واهية تخدم الباطل وتزيغ عن الحق وعن شرع الحق سبحانه وتعالى الذي كرم المرأة من أخمص قدميها إلى أعلى أذنيها بأوامر شرعية تجعلها بمنأى عن التحرش المقيت . وقد يقول قائل هذا الشارع أمامك يتحرش فيه الفتيان والشبان بالمنقبات والمحجبات والمتبرجات على حد سواء فلا علاقة للباس المحتشم بانعدام التحرش أو التقليل منه، وهذا يرد عليه ب " إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا " ، ولو أننا في مجتمع غير " سافر " في إعلامه وسياسته التعليمية والثقافية والفكرية والاجتماعية لكان كل متحرش سيواجهه المجتمع بالزجر والتنديد مع أول إشارة تحرشية منه ، ولأصبح المتحرش قبل أن يتحرش بتلك الفتاة المطلقة للسفور والملتزمة على الأقل بلباس لا " يهيج " الآخر يطرح على نفسه أسئلة من قبيل " أترضاه لأمك ؟؟ أترضاه لأختك ؟؟ ... " . ولنا في قصة نبي الله موسى عليه السلام مع بنات النبي شعيب عليه السلام أكبر عبرة وأكبر أسوة ، ذلك أنه جَاءه رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ، فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ، وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ ، فلما وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ۖ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ۖ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ، فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا سورة القصص . تمشي على استحياء ، هكذا وصف القرآن مشي الفتاة ، وزاد في دقة الوصف فوصف قولها بتعبير رباني لا يفهم إلا اللبيب المتأمل في عمق العبارات، وذلك بأن جعل دعوتها لجزاء موسى أجر السقي منسوبة للأب لئلا يوهم كلامها ريبة ولئلا يفهم الجزاء بنية سيئة وحاشاه وهو الذي أدبه ربنا فأحسن تأديبه ، فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين ، وهنا قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ، فسألها شعيب بنبرة الأب المتفهم والغيور على عرضه عما رأت من قوته وأمانته فذكرت قوته في حال السقي وأمانته في غض طرفه عنها وقوله لها : امشي خلفي ودليني على الطريق حين جعلت الريح تضرب ثوبها فتكشف ساقيها . و من الثرات العربي نستحضر قصة تروى عن رجل كان تاجرا فبعث أحد أولاده في بضاعة له إلى بلد بعيد ولما أراد ولده أن يغادر قال له أبوه : يابني احفظ عرض أختك في سفرك ، فعجب الولد كيف يحفظ عرضها وهي في البيت مكرمة معززة ، ومضى الولد وسافر لعدة أيام ، وكان في قريتهم شيخ كبير فقير يطوف بالبيوت ويبيع الماء ، وكان أن طرق في أحد الأيام بيت التاجر ففتحت الفتاة الباب فدخل كعادته وصب الماء من قلته في انيتهم والفتاة واقفه عند الباب تنتظر خروجه لتغلق الباب فلما انتهى أغواه إبليس فراودها عن نفسها فأبت واستعصمت فقبلها قبلة سريعة ثم انطلق ،و رأى أب الفتاة الموقف من بعيد فكتم غيظه لئلا يفضح نفسه وابنته ، فلما عاد الولد وشرع في إخبار أبيه بما جرى في رحلته التجارية ، قاطعه الأب وسأله عما إذا تعرض لامرأة في سفره فقال الشاب نعم أصبت من امرأة قبلة بالإكراه فقال ابوه في حكمة بليغة " قبلة بقبلة ولو زدت لزاد صاحب القلة" . ولذلك قالوا : عفوا تعف نساءكم في المحرَمِ ***وتجنبوا ما لا يليق بمسلم إن الزنا دين إذا أقرضته *** كان الوفا من أهل بيتك فاعلم من يزنِ في قوم بألفي درهم *** في بيته يُزنى بربع الدرهم من يزنِ يُزنَ به ولو بجداره *** إن كنت يا هذا لبيبًا فافهم يا هاتكًا حُرَمَ الرجال وتابعًا *** طرق الفساد عشت غيرَ مكرم لو كنت حُرًّا من سلالة ماجدٍ*** ما كنت هتّاكًا لحرمة مسلمِ