أخيرا وبعد كلام كثير أسال المداد بين المهتمين والإعلاميين والسياسيين، يخرج حزب الإستقلال بقرار الانسحاب من الحكومة من داخل مؤتمر حزب الإستقلال بعد أن صوت الجمع العام للحزب لصالح قرار الإنسحاب من التحالف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية. فيما يلي نص البيان الذي أصدره المجلس الوطني لحزب الإستقلال والمتضمن لقرار الإنسحاب من الحكومة. بيان المجلس الوطني لحزب الاستقلال التأمت طيلة يوم السبت 30 جمادى الثانية 1431 الموافق ل 11 ماي 2013 بالرباط الدورة العادية الثالثة للمجلس الوطني لحزب الاستقلال٬ التي تميزت بالخطاب السياسي الهام الذي ألقاه الأمين العام للحزب الأستاذ حميد شباط٬ بيد أن جدول أعمال الدورة تضمن تقديم عروض حول سير أعمال اللجنة التحضيرية للذكرى الثمانين لتأسيس الحزب٬ وحول أشغال اللجنة العلمية الخاصة بإنجاز دراسة استشرافية تهم مستقبل العمل السياسي في بلادنا خلال العشرية القادمة من سنة 2014 إلى غاية سنة 2024. وبعد الإنصات لجميع العروض فسح المجال أمام المناقشة العامة التي أطرتها تدخلات أعضاء المجلس الوطني للحزب في أجواء من الديمقراطية والحرية٬ وهي المنافشة التي عكست نضج ووعي الاستقلاليات والاستقلاليين بأهمية الخطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تجتازها البلاد٬ وفي ضوء ذلك صادق المجلس الوطني على البيان العام التالي: « إن المجلس الوطني للحزب يؤكد من جديد أن ملف قضية الوحدة الترابية تم إغلاقه بصفة نهائية منذ عودة أقاليمنا الجنوبية إلى حظيرة الوطن٬ وأن جميع المناورات التي يقوم بها أعداء حق هذا الشعب في وحدته السيادية الوطنية لن تنال منه. والمجلس الوطني للحزب٬ إذ يهنئ الشعب المغربي على الإنتصار الدبلوماسي الذي حققته قضيتنا الوطنية الأولى خلال اجتماع مجلس الأمن الأخير٬ وهو المكسب الذي تحقق بفضل أجواء التعبئة الوطنية التي شاركت فيها القوى الوطنية السياسية والنقابية والحقوقية والمدنية ٬ وأثمرت نتائج كرست أجواء الثقة في نفوس المواطنات والمواطنين. والمجلس الوطني للحزب يسجل بكل اعتزاز وفخر الجهود الكبيرة التي قادها جلالة الملك محمد السادس نصره الله٬ والتي توجت أجواء التعبئة الوطنية لمواجهة كافة التحديات٬ وحزب الاستقلال يدعو من جديد إلى حتمية تفعيل مقترح الحكم الذاتي في أقاليمنا الجنوبية لأن المراهنة على اقتناع الخصوم والأعداء بالتوصل إلى تسوية سياسية متفاوض في شأنها ومقبولة من جميع الأطراف لم تعد ذات جدوى. كما يحرص المجلس الوطني للحزب على انتهاز هذه الفرصة ليوجه تحية تقدير وإجلال لأفراد قواتنا المسلحة الملكية٬ قوات الأمن٬ الدرك٬ الوقاية المدنية والقوات المساعدة للتضحيات الجبارة التي يقدمونها من أجل وحدة واستقرار هذا الوطن٬ كما يحيي عاليا المواطنين الوحدويين في هذه المنطقة الغالية من البلاد ويعتز بنضالات أطره الحزبية ومنتخبيه هناك. وحزب الاستقلال يدعو بإلحاح الحكومة المغربية إلى التعجيل بالإلتجاء إلى إعمال القانون الدولي للمطالبة بإسترجاع صحرائنا الشرقية التي تحتلها الجزائر بداية من طرح القضية على أنظار اللجنة الرابعة للأمم المتحدة. إن المجلس الوطني لحزب الاستقلال يذكر في هذه اللحظة الدقيقة والمصيرية بأنه كان سباقا إلى إثارة الإنتباه إلى الخطورة البالغة التي تكتسيها المؤشرات المتعلقة بالأوضاع الإقتصادية والإجتماعية٬ واقترح حلولا وبدائل عملية للأزمة التي زادها الإهمال والعجز الحكومي على المواجهة استفحالا واستعصاء٬ بل على عكس ما كانت ولا تزال تفرضه وتحتمه هذه الأزمة فإن الحكومة التجأت إلى اتخاذ قرارات وتدابير انعكست سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين٬ وعطلت الحوار الإجتماعي بين فرقاء الإنتاج وتسببت في سيادة مظاهر الشعبوية والفوضى الإرتجالية والتخويف والقلق٬ مما ساهم بشكل كبير جدا في الدفع بالبلاد نحو ما يمكن أن نصفه اليوم بالمجازفة والغموض. إن المجلس الوطني يؤكد اليوم أن الحزب استنفذ جميع إمكانيات التنبيه والنصح٬ وأوفى بجميع التزاماته تجاه حلفائه وتجاه ما تقتضيه الظروف الدقيقة التي تجتازها البلاد في ظل سيادة معطيات إقتصادية وإجتماعية٬ وتدعو إلى القلق على مصير البلاد٬ وأوفى بالتزاماته داخل المؤسسة التشريعية وداخل الحكومة. لكن أطراف أخرى داخل التحالف الحكومي تصر على مواصلة العناد في الإستفراد بجميع القرارات الصغيرة والكبيرة والإستحواذ على جميع الملفات المتعلقة بالأوضاع الإقتصادية والإجتماعية وإطلاق العنان للخطابات الشعبوية وممارسة الوصاية على الشعب من خلال التحدث باسمه والتهديد به لممارسة الإبتزاز والتصرف في رئاسة الحكومة كرئيس حزب٬ وعدم الإكتراث للخطورة البالغة التي تكتسيها مؤشرات الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية والإسرار على التباطؤ في تنزيل مضامين الدستور الجديد الذي مثل ثورة حقيقية متميزة ومتفردة. وحزب الاستقلال الذي آمن دوما بالإحتكام إلى الدستور كوثيقة تعاقدية متينة٬ وكرس نضالاته التاريخية من أجل قيام دولة الحق والمؤسسات٬ وسيادة القوانين واحترام الإلتزامات والتعهدات٬ فإنه يذكر اليوم بمقتضى الفصل 42 من الدستور الذي ينص “الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى ورمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولة واستمرارها والحكم الأسمى بين مؤسساتها٬ يسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية٬ وعلى صيانة الإختيار الديمقراطي"٬ والمجلس الوطني يخول في هذا الصدد قيادة الحزب تصريف إعمال ما يستوجبه هذا الأمر٬ ويعلن في هذا الصدد تجاوبا مع أعمال تطلعات أعضائه عن جاهزية قرار الإنسحاب من الحكومة٬ ويفوض اللجنة التنفيذية للحزب صلاحية اختيار توقيت وظرف تفعيله. والمجلس الوطني للحزب يؤكد بالمناسبة أن جميع الاستقلاليين والاستقلاليات سيواصلون التعبئة الكاملة٬ في إطار من الوعي والمسؤولية لمواجهة التحديات على كافة الأصعدة والمستويات٬ في إطار التشبث بالثوابت التي تحصن البلاد بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله».