سيجد المتتبع للشأن الاجتماعي ببلدنا الحبيب أن أخطر الظواهر التي أصبحت تتزايد باستمرار في الشوارع المغربية ظاهرة المرشدين، والتي تلخص في كثرة المتخلى عنهم - صغارا وكبارا، أطفالا وفتيات- بلا ملجأ و لا عمل و لا رأفة ولا رحمة.. منهم من يبحث عن حياة أفضل كما يقول، ومنهم يفكر في الهجرة، ومنهم كذلك من له رؤيته الخاصة بعالمه المفترض كما يرى... إلا أن الحصيلة النهائية هي تزايد الجريمة بشتى أصنافها من قتل وسرقة واغتصاب. إضافة إلى تعاطي الفساد والانحلال الخلقي والمخدرات والمسكرات، والانخراط في عصابات أو الانضمام إلى منظمات إجرامية مشاريعها التدمير وإلحاق الضرر بالآخر. ولعل أهم أسباب هذه الظاهرة تلك التي تتجسد في طقوسنا الاجتماعية المخزية والتي لا تمس بصلة إلى ديننا الحنيف في شيء، وهي مثلا تكمن في التخلي عن الأطفال الصغار بسبب الزنا الفاحش أو التأسيس لأبناء غير شرعيين ونبذ الشيوخ والعجزة وجعلهم عرضة للضياع والتهميش بلا شفقة ولا رحمة.. وتزايد أعدادهم المستمر وبشكل مخيف في غياب أي وازع ديني أو الاحتكام لقوانين تحد من هذه الظاهرة المخزية.. تعمل على إيواء المتخلى عنهم أو إعادة إدماج المشردين.. ولأن الظاهرة هنا ذات أصول ميدانية يتم ملامستها في الواقع، فإن المدن المغربية خاصة الرئيسة منها مثل مكناس وفاس والناظور.. وبني ملال عينة الاستشهاد. أصبحت تعج بهذه الشريحة التي تعتبر وصمة عار في جبين المسؤولين، إذ أصبح المتشردون بمدينة داي يشكلون فئة كبيرة على اختلاف أنواعهم، إذ منهم اللصوص والخونة ومنهم المتسولون ومنهم دون ذلك إلى درجة يصعب معرفة عددهم بفعل تحركاتهم وتنقلاتهم المستمرة .. وأغلب هؤلاء الأطفال الصغار والمراهقين الذين يتعاطون للمخدرات وبعض مظاهر التدخين التي تذهب العقل. وأغلب أماكن تواجد هؤلاء المحطة الطرقية ومحطة السيارات وكذا المزبلة الرئيسية وقرب تمكنونت وبعض شوارع المدينة. أتذكر في الأيام الماضية القليلة ما حدث حينما رزق شارع ساحة الحرية بعدد كبير من المشردين تم جمعهم و ترحيلهم من مدينة طنجة إلى بني ملال ... و حال ما حصل شبيه بحال ذلك المريض الذي أنهى جميع محاولات العلاج العلمية ليقصد في الأخير عالم الشعوذة ظنا منه أنه سيشفى مع العلم أنه يعرف مسبقا أن لا علاج له سوى الانقطاع عن سبب فعل الداء. وإذا كان حال مدينة بني ملال هو حال جميع المدن المغربية فيما يخص ارتفاع معدل الجريمة، فمن المسؤول عن تزايد أفواج المشردين؟ وأي مهمة لجمعيات المجتمع المدني ومراكز الاستقبال المختصة بإعادة التربية والإدماج؟ ومادا عن الجهات المعنية بالأمر في ظل تزايد الصمت المهول خاصة. و أن بعض السلطات لجهات معينة تعمل على إفراغ مدن ما و ملء أخرى كما نتساءل كذلك عن أهم العوامل المغذية لهذا التزايد الخطير لظاهرة المشردين أسئلة تحتاج إلى بحث مطول ودراسات عميقة عسى الجميع أن يجد حلولا لظواهر خطيرة أصبحت كارثة اجتماعية، ربما تبقى عائقا كبيرا أمام التنمية والرقي الحضاري بمختلف أنواعه.