'ملفات تادلة' تتكلم بنفسها. هذه الحروف وهي ترنو إلى أقدارها .. البعيدة والقريبة إلى الجوهرة السوداء صاحب الروح الغالية والبسمة الجميلة... والكلمة الداهية ملفات تادلة... أو كلمة من كلمات ملفات تادلة حجام جديد وقديم .. محبة لن تشيخ .. وقبل: هكذا هي الصحافة تفقد أكثر مما تعطي، تتألم أكثر مما تفرح .. وكل ما تضيئه سرعان ما ينطفئ ويهرب ويتآكل، هي المرعى وهي القطيع.. هي الملتقى وهي المفترق.. عناصر أهلها رغم كونهم يأخذون، فقد يتنكرون، لكن سرعان ما يتفرقون ... وفوق رقعة الكلمة جلد الحبر يتقشر، وأهداب البياض تدنس، ولكن السؤال- مرة ثانية- يتجدد، من أين تجيء الحقيقة؟ بل متى؟ وأين؟ وكيف؟ رؤيا أنا: طبعا ليست لدي أجوبة حينما أراجع نفسي أجدني أنني في أحسن الحالات .. أستشعر رغبة عارمة في أن أفاجئ نفسي.. وأشرع في التلصص المشروع من بزوغ الشمس إلى موت المساء، هاربة من أذى الصناعة المفبركة.. كي أحقق حلمي المنشود، وفي حالة أخرى تخر قواي.. رغما عن نفسي، أو بتواطؤ من غيري. والنتيجة عودة من سباتي الملعون، لأعلن الإلزام أو الالتزام. أما أنا ولو خالفني غيري فهما معا عندي، ولو أن الواحد قد يأخذ ذكرى البداية ... بداية محددة أو غير محددة، رغبة طاغية وشعور هائج ومنفلت، بل غبطة مستعصية.. على وجه الحاضر : واليوم وأنا في سن الثانية والعشرين من عمري.. عملت غجرية في أصناف المهن، سافرت وتعبت، وتعب كلها الحياة كما يؤرخ صاحب اللزوميات .. أنا أنا وغيري لا أنا، أنا هاربة صوب الحقيقة، أو من الأحسن قول الحقيقة، هاربة وبغير عودة صوب كل حدث مزيف، ولا يهم تعبُ رحِيلي، قبرا أم بحرا .. فلا تحزن قلبي، وافرحي ذاكرتي.. من جديد أحاول الخروج إلى الشمس ولو داهمت جريي أشعة حادة.. فأنا ضد تقلبات مسام المومياء، ومناعتي مغلفة برداءٍ حصانته معرفة أو بحث عن معرفة.. نكرة لا معرفة.. والنكرة عند النحاة أصل لا التعريف .. ولو أن النكرة إبهام وغموض.. ربما وحش يصرخ ويشتم، وشعاره قل: واجبا ولو كنت أعمى، وسافر من شروق الشمس إلى غروبها، وسلم ظهرك لكل من أراد الركوب لا مذلة، بل عزة وأنفة.. وقديما قيل: جهنم بالعز لا الجنة بالذل .. حياتي ذكرى أو قل: ذكريات.. ذكرى أولى: بموجبها أتذكر أن حياتي جحيم، أب وأم وإخوة متنافرون، وأصدقاء اتكاليون وتفكير غارق في الفوضى، والنهاية عودة الكل من حلمه.. كم هي جميلة عبارة العروي: 'خرج الاستعمار من الباب ليعود من النافذة'.. أما أنا في رأيي فلا استقلال حقيقي .. ذكرى ثانية: لقبوني بالمراهِقة الشقراء.. والمراهَقة انتصار جسدي على ما هو عقلي، وتلك صفة اتهمت بها ولو أن الطبيعة لا تعرف الخطأ، الحقيقة هي الأخرى لن تنتصر للزيف.. بداية ميل بالمصادفة العقلانية، إلا أن حبكتها نمت بالصنعة والعلم، ولو قيّد لسانه حينا من الدهر.. ذكرى ثالثة: أنا أنثى بعيدة مهوى القرط في أعين الجميع، كل تمناني إما بالخير وإما بالشر. وربما لعنة الحقيقة ثدي مازلت أعشق مغازلته، ولو أن المفاجآت تنبثق من عمق التجربة، وتعلن في ثنايا النص . ترى هل هو مسار رحلة؟ أم رحلة مسار؟ .. طبعا فجوات هوائية.. خاتمة صوفية : اتضحت الرؤيا ،إذن، وضاقت العبارة، لعنة الكتابة حقيقة لا بهتان، والصحافة امرأة فاتنة لا تعشق سوى البساطة، ولو كان الجمال آفة .. فهو بالنسبة لها إعصار من مكان لآخر بلا إمطار. ... على ما يبدو حينما قطع Van coghأذنه عربون محبة لمعشوقته صار سمعه أحسن، قديما كذلك قطع Terrée لسان Philomèle بعدما اغتصبها كي تصمت وتكتم سر فضيحته.. طبعا لم تفعل، أخذت المغزل ونسجت قصتها فوق قطعة من قماش، والنتيجة انتصرت الاستعارة، وخلِقتِ الأسطورة، والأسطورة هنا تستوجب وجود عاهة للمُنطلق. فكانت النهاية أن عم الخبر.. وعُرِفت الحقيقة.. أما أنا فلو قطعوا نصف جسدي.. ولو كلفوني محنة سيزيف، فذلك لن يزيدني سوى عشق الكلمات، وقول القول. والعشق قانون لا مرجع له. تركيب: بثقة وتجربة - ربما- و مع حب الحروف، وصدى العبارات. وجدت نفسي أروي نهاية زمن ولى بلا رجعة بحثا عن فضول منشود، مازال حنينه لم يكتب بعد، ولكي نكتب لا بد من تضحية.. لأن المكان الأكثر ظلمة يوجد دائما تحت المصباح- كما تقول الحكمة الصينية- ولأنه كما تكلم شاعرنا بنطلحة: "الأشياء الميؤوس منها هي الأشياء الأكثر نبلا".. أما أنا فنبلي في فضولي، و شوقي إلى ذلك لا يقر له قرار.. وكأن وصف المتنبي ينطبق علينا "على قلقٍ كأنّ الرِّيحَ تحتِي" .. و بعد،ملفات، هنيئا لك سيدتي العيد ... الذي أنت عِيده.