الربيع العربي إنها فعلا ثورة جذرية , لم تكن في الحسبان , زلزلت كل بناء هش مقام على إرادة الشعوب , ثورة أزاحت الديكتاتوريات الصادية , وقلبت الموازين في مناطق من العالم , لتنتقل من دولة إلى دولة , كإعصار لا مفر منه , فمن كان يظن أن تونس البلد الصغير المساحة يوما ما , سينتفض شبابه , عن طريق " الفايس بوك " ليهرب رئيسه إلى بلد عربي آخر ,باحثا عن الأمان والنجاة بنفسه .نفس الشيء قام به الشباب المصري الذي هز كيان الرئيس "حسني مبارك " الذي كاد أن يرد نظامه الديكتاتوري إلى ولاية العهد , والذي لا يفارق اليوم سرير المرض وهو يحاكم محمولا , لا يستطيع الوقوف على قدميه . أما نهاية العقيد القدافي" فهي موعظة و عبرة لكل متجبر طاغية في هذا العصر .كان يعيش في النعيم والبتخ بكل أصنافه غير مكترث بهموم شعبه وآلامه ... والذي دفن في زاوية من زوايا الأرض الليبية الشاسعة , ولو كان يعرف نهايته هذه ما كتب "الكتاب الأخضر" الذي انهار وأصبح في ذاكرة شعبه يسمى ب "الكتاب الأسود". أما اليمن , فالشباب بين مد وجزر , مد الثورة والتحرر , وجزر الجيش وبطش الحاكم "علي صالح" ولا اعتقد انه أصبح صالحا للشعب اليمني الأبي , وقد تكون نهايته كنهاية "القدافي " أو أكثر من ذلك . غير أن ما يقع ألان في سوريا الشقيقة , يذكرنا بما وقع في الثورة الروسية , حيث القمع والقتل والتعذيب ...مثل ما وقع للشعب الروسي في ثورة " الأحد الأحمر" في الساحة الحمراء ,لما خرج المواطنون يرددون "نريد خبزا ليسقط قيصر" ,واليوم وفي هذه اللحظة , يقتل الشباب والصبيان والكهول وحتى الشيوخ من اجل الكرامة والحرية ومحاربة الفساد العام المنتشر في كل الميادين , وهنا أتذكر قول الشاعر العربي الجاهلي , طرفة بن العبد حين قال : ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا )( ويأتيك بالإخبار من لم تزود . ويستمر الإعصار لينتقل إلى القارة الأوروبية ,إلى اليونان لكون الشباب يرفض "سياسة التقشف " ويشتد كل يوم الاصطدام والتراشق بالحجارة , لترد قوة الجيش والأمن بالخراطيم المائية الساخنة والغازية المسيلة للدموع ... لكن النهاية تكون دائما في صالح إرادة الشعوب . ونفس الشيء وقع في أمريكا الشمالية و انجلترا وايرلندا , واسبانيا وايطاليا ... ويبقى السؤال المطروح : هل يمكن اعتبار الثورة التكنولوجية الإعلامية الحديثة ,حتمية تاريخية , ستؤدي يوما ما إلى قلب كل أنماط الإنتاج العالمي الحالي , يعني أن هذه الثورة الجذرية الراهنة ليس سوى إرهاصات وبوادر لأشكال إنتاجية أخرى جديد ستقلب موازين القوة في العالم المعاصر . ؟ . ويتبادر إلى ذهن كل مواطن عربي خاصة , سؤال لا نستطيع الاستغناء عنه وهو : ما هو البلد الذي ستنتقل إليه العدوى , وسينتفض فيه الشعب , وهل الغاية من هذه الانتفاضة أو الثورة : تغيير النظام أم فقط محاربة الفساد ومحاربة الرشاوى .. . محمد همشة . دار ولد زيدوح في : 28/10/2011 .