فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحولات الاقتصادية والاجتماعية وأفق الاشتراكية


مدخل
مر الآن على وفاة كارل ماركس 128 سنة ، وكان له الفضل في اكتشاف وتعرية القوانين التي ترتكز عليها الرأسمالية وتنمو في إطارها ، ومر على وفاة لينين 87 سنة، أي في سنة 1924 وهي الفترة التي عرفت بروز ونشوء مرحلة الامبريالية والتي عالجها بالأساس في كتابه "الامبريالية أعلى مرحلة في الرأسمالية" . والمنظران معا تابعا تطورات وتحولات الرأسمالية العميقة منها والظرفية ، ووقفا أيض عند نقاط أساسية لمعرفة التناقضات الداخلية المستعصية . واليوم يمكن القول أن عددا من المنظرين الاشتراكيين والاجتماعيين والاقتصاديين ، تابعوا عن كثب المرحلة الجديدة بكل ما تحمله في طياتها من تقلبات وتحولات ألا وهي مرحلة العولمة. وبغض النظر عن صحة أنها مرحلة جديدة في الرأسمالية أو أنها تطور كمي في الامبريالية ، فإن الموضوع يفرض الرجوع إلى بعض المفاهيم الأساسية في الاقتصاد السياسي من منظور اشتراكي ، لأن القوانين التي تم تناولها منذ ماركس ما تزال تفرض نفسها بقوة . ومع أن الرأسمالية تتحرك مثل ثعبان يتلوى وينساب أمام العراقيل التي يصادفها ويلجأ إلى الضربات القاتلة عندما يحس بالخطر، فإن تلك القوانين بالدقة العلمية التي بنيت عليها بقيت صاحبة القول الفصل ، إلى درجة أن الرأسمالية نفسها استفادت منها كثيرا في معالجة اختلالات وتقهقرات كادت أن تعصف بها. وعلى سبيل المثال فقط وليس الحصر ،قانون القيمة مثلا والذي سأعود له ، وإعطاء الاستقلال للدول المستعمرة ، إذ أن لينين عندما وصف المرحلة الجديدة في تطور الإمبريالية بأنها آخر مرحلة ، لم يكن يأخذ بعين الاعتبار فقط التناقضات الداخلية والأزمات الدورية التي كانت تعيشها، بل أيضا أخذ بعين الاعتبار الجانب الذاتي في النضال : قوة الطبقة العاملة في كل البلدان الرأسمالية وأحزابها وأيضا نضال الشعوب المستعمرة والتي وضعها في صف الطبقة العاملة وحليفا لها في مرحلة النضال ضد الامبريالية. ومع توالي الضربات الموجعة للإمبريالية لم تجد إلا أن تعترف باستقلال تلك الشعوب على فترات متتالية ، لتستطيع أن تؤمن جزءا من المصالح التي كانت ستعيش أوضاعا كارثية لو لم ترضخ الإمبريالية، كي لا تخسر الأسواق لبضائعها وتخسر المواد الخام لصناعتها . وفي كل الأحوال التي تراجعت فيها الامبريالية فعلت ذلك تحت ضربات النضال ضد الاستغلال وليس اقتناعا بعدالة الأفكار الاشتراكية.
في هذه المساهمة سأقسم الموضوع إلى ثلاثة أقسام:
1- بعض المفاهيم الأساسية في الاقتصاد السياسي
2- التحولات العميقة الاقتصادية والاجتماعية الدولية
3- حالة المغرب : الصراع الطبقي وآفاقه
1-مفاهيم أساسية
- ماذا يجعلنا نقول دائما أن نمط الإنتاج الرأسمالي هو إلى الزوال مثله مثل الأنماط الأخرى التي سبقته؟ ذلك أنه يعاني من تناقض تناحري لا فكاك منه إلا بزوال الرأسمالية. إنه تناقض بين الطابع الاجتماعي للعمل وبين الطابع الفردي للملكية . في ظل هذا التناقض وتحت ضغوطه الكبرى يصبح المجتمع الرأسمالي يعيش وضعين متناقضين ، ويتأثر مع ذلك المجتمع بنتيجة واحدة في الحالتين . الأولى عند وفرة العرض وضعف الطلب أذ ينتج سلعا أكثر مما يستهلك. الثانية عند قلة العرض ووفرة الطلب إذ نجد في كلتا الحالتين جزء كبير من ذلك المجتمع يعيش مجاعة وفقر. من هنا تلح الاشتراكية على أن حل هذا التناقض بشكل جذري ، هو الذي سيجعل المجتمع المستفيد الوحيد ومالك إنتاجه ،وهو الذي ينتج وفق قوانين أخرى غير قوانين الرأسمالية الخاضعة للعرض والطلب، وذلك بأن يتوافق الطابع الجماعي للإنتاج مع الطابع الجماعي للملكية .ولا نقول التأميم لأن أي طبقة أو جماعة يمكنها أن تستولي على الدولة تستطيع أن تؤمم وسائل الإنتاج ولكن جوهر الدولة يبقى دائما هو نفسه فقط ستصبح الدولة هي الوسيط الذي يخفي الاستغلال ويخفي المالك الجديد لوسائل الانتاج . ويطلق عادة على هذا الشكل مفهوم رأسمالية الدولة.
- حاول الرأسماليون عبثا ، نظريا وعمليا ، الالتفاف على هذا القانون مثل كل ما فعلوه مع القوانين الأخرى. فما هو نظري مثل القول أن الأفراد خارج البرجوازية خاملون وغير نشطاء ولا يتوفرون على ملكة المبادرة وأن الجميع يستطيع أن يتحول إلى رأسمالي ، وفي ما هو عملي يعرضون على العمال وعلى العموم أحيانا المساهمة في رأسمال الشركة عن طريق الأسهم والهدف من ذلك هو الدعاية وتركيز الأمل في ما تدعيه الرأسمالية نظريا بأن الجميع يمكن أن يتحول إلى رأسمالي ، أما الحقيقة فهي أن قوانين الرأسمالية التي تتسم بالمنافسة والمزاحمة الشديدة لا تسمح بتاتا بمثل هذا الدعابة أن تتحقق على أرض الواقع . والدليل أن الرأسمالية التي تتبجح بالدفاع عن الملكية والحفاظ عليها بين الرأسماليين أنفسهم نشاهد شهريا حالات سقوط المتوسطين والصغار أمام ضربات الكبار ودحرهم إلى مصاف الفقراْء بين عشية وضحاها وذلك بسبب قانون رأسمالي آخر هو تركز الرأسمال ودحر رأسماليين . إن المخرج الوحيد أمام أي مجتمع يسعى إلى توازن مجتمعي حقيقي هو الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج.
- القانون الثالث هو قانون القيمة . من المعروف أن التقسيم الاجتماعي لم يظهر في المجتمعات إلا مع تحقق فائض في الناتج الاجتماعي ، ولتقريب الصورة نقول أنه عندما لا ينتج ذراعان إلا ما يكفي لعيش صاحبهما ، فلا يمكن أن يظهر لا حارس ولا فقيه ولا فنان ولا رجل سلطة .. لكن ما أن يوجد فائض من المنتجات حتى يبرز صراع على توزيعه . ومنذ هذا التاريخ يقسم عمل المنتجين إلى قسمين : قسم موجه للمنتجين أنفسهم للحفاظ على استمرار نشاطهم ويسمى العمل الضروري وقسم موجه لفئات أخرى لا تنتج يسمى العمل الفائض .هذا التقسيم عرفته كل المجتمعات الطبقية العبودية والإقطاعية . فالعبد كان يعمل طوال سبعة أيام ولا يستفيد إلا من الأكل والمبيت في أكواخ بجانب القصور ، وفي الإنماط الإقطاعية على اختلاف أشكالها كان يعمل القن أو الرباع أو الخماس يومين إلى ثلاثة أيام في قطعة أرضية صغيرة من أجل العمل الضروري لنفسه وأسرته وخمسة أيام إلى أربعة كفائض عمل من أجل الأسياد بدون مقابل . إن المنتج في الحالتين عندما يقوم بالعمل الضروري الموجه لسد حاجته ، إنما ينتج الناتج الضروري، وعندما يقوم بفائض عمل لغيره إنما ينتج فائض إنتاج اجتماعي. ففائض الناتج الاجتماعي هو إذن جزء من الناتج الاجتماعي، تستحوذ عليه الطبقة المسيطرة، رغم كونه نتاج طبقة المنتجين، بأي شكل كان، سواء بشكل محاصيل طبيعية، أو بشكل سلع معدة للبيع، أو بشكل مال.
من هنا فإن فائض القيمة ليس إلاّ الشكل النقدي لفائض الناتج الاجتماعي. فعندما تستحوذ الطبقة المسيطرة أو أخرى على جزء من إنتاج المجتمع، هو"الفائض الناتج"، بشكل مال حصرا، فإن الحديث لا ينصرف آنذاك إلى فائض الناتج، لأنه نزل في نهاية المطاف إلى السوق إلى التبادل، بل يطلق على هذا الجزء "فائض القيمة". وإذا لم يجد الفلاح الفقير والصغير والقن والعبد نفسه بدون أرض بأن يفصل عنها وبدون مورد عيش لا يمكن أن يتحقق شرط اضطرار أي أحد أن يبيع قوة عمله لآخر يملك وسائل الانتاج . إذن في المجتمع الرأسمالي وكما قال ماركس في البيان الشيوعي هناك في أي مجتمع رأسمالي طبقتين أساسيتين الأولى تملك وسائل الإنتاج والثانية محرومة منها ومضطرة لبيع قوة عملها لتحافظ على استمرار حياتها.
إن قوة عمل العامل المعروضة للبيع ، تتعامل معها الطبقة الرأسمالية بمجرد وجودها في السوق بمثابة سلعة عادية تماما ، ستشتريها مقابل أن تربح منها وتحقق منها ربحا أكثر مما أنفقته . ولا يتم تحقق هذا الربح العجيب وحسابه إلا في الزمن مثل كل الأنماط الأخرى . فإذا اشترى الرأسمالي قوة عمل العامل ودفع أجرا يعادل يوم عمل كامل فلن يحقق شيئا ،بل سيخسر في الضرائب وفي ريع التوزيع وغيره ، ولكن إذا دفع الأجربقيمة ساعتين وشغله عشر ساعات سيكون العامل قد حقق للرأسمالي فائض ناتج بثمانية ساعات بدون أجر.
وليتحقق فائض القيمة لا بد من توفر شرطين أساسين بالإضافة إلى ما سبق. الأول أن يتجاوز المجتمع إنتاج القيم الاستعمالية فقط ،إلى إنتاج السلع من أجل التبادل . ولا يحصل انتقال المجتمع إلى مرحلة التبادل المتقدمة إلا إذا خطا خطوات كبرى في تقسيم العمل كي تتعدد أنواع السلع مثلا سكر خضر زيت وسائل نقل كتب ملابس أحذية إلخ... وطبعا لا بد من أجل نجاح التبادل أن تحافظ السلع على الشرط الأول لأنه بدونه لن يشتريها أحد . وفي التبادل يتحقق نقدا استرجاع الرأسمالي للجزء الذي أنفقه في الأجر والجزء الذي هو فائض قيمة . الشرط الثاني أن يتحقق التوزيع والاستهلاك لأنه بدون هذه العملية الأخيرة ستكون سلع الرأسمالي إما في المستودعات أو معروضة عند الباعة بدون شاري. من أين ياتي الريع الذي يحصل عليه البائع وناقل البضائع إنه جزء ضئيل من فائض القيمة الذي يتنازل عنه الرأسمالي لفائدة شريحة اجتماعية يعمل على أن تكون إلى جانبه كما يخصص منه جزءا لتعويض بلي الآلات وجزء للتأمين وجزء للضرائب. والربح هو ما تبقى من كل ما سبق.
ومن المهم جدا أن الدولة التي تملك وسائل الإنتاج، إلى جانب الرأسماليين تحقق هي أيضا فائض قيمة من قوة العمل. وفي هذا الصدد القول بأن الدولة يجب أن تنجز مطالب اجتماعية وبنية تحتية ما دام المواطنون يؤدون الضرائب وكأن مصدرها الوحيد هو فقط تلك الضرائب فيه جانب من حجب الحقيقة ويتماشى مع طروحات المدارس الاقتصادية البرجوازية ، لأن الدولة تحقق فائض قيمة وتمتص زيادة على ذلك أقسام مهمة من الريع ألفلاحي والسياحي ومن كراء الأراضي ومن الفرق في تحويل العملات وغير ذلك إلى جانب فائض القيمة الضريبي وفائض القيمة في البورصة وهي أرباح تتحقق من الفرق بين أسعار الأسهم بين البيع والشراء لشركات تملكها الدولة او الرأسماليون ، وكذلك الرسوم ، وعاءدات الريع بمعناه الصحفي وليس العلمي وهومثلا عاءدات تفويت شواطئ الرمال أو غيرها من العمليات غير القانونية، ووضع اليد على الادخار .
من خلال قوة العمل وعلاقتها بفائض القيمة عملت الرأسمالية على الالتفاف على الموضوع عندما أدركت الفرق بين العمل المركب والعمل البسيط وهو أحد تجليات قانون القيمة ولابد من شرحه فبل تناول عملية الالتفاف هذه في القسم الثاني.
- بالإضافة إلى العمل المجرد هناك عدة أشكال للعمل مثل العمل الحي وهو قوة العمل المبذولة حالا والعمل الميت وهو العمل الموجود في السلع والعمل المنتج وغير ذلك لكن ما يهمنا هنا هو العمل المركب والعمل البسيط . الفرق بينهما هو أن العمل المركب ينتجه عامل مؤهل ويمتلك مهارات وبالتالي قابل أن يواكب التطورات التقنية المتواترة إذا ما اضطر الرأسمالي إليهاوهو ينتج في نفس المدة الزمنية أكثر مما ينتجه العامل الخامل. والعمل البسيط ينتجه عامل بسيط لا مهارات لديه ولا يستطيع مواكبة التطورات التكنولوجية وغالبا ما ينحصر عمله في العمل اليدوي أو في الآلات البسيطة الغير المعقدة .من الواضح أن الأول يضيف نسبة فائض للقيمة أعلى من الثاني وقد دفعت هذه النقطة الرأسماليين إلى المكننة المستمرة والتي سنتعرض لها
- من الأسلحة الهامة عند الدولة والرأسماليين هي التضخم والذي جعلاه يؤدي مهام سياسية وإيديولوجية واقتصادية ضد الشغيلة وعموم الجماهير الشعبية ، والتضخم هو فصل متزايد بين النقد المتداول وبين المبلغ المتداول للسلع والخدمات المشتراة ، فصل يعبر عنه بارتفاع الأسعار. إننا نعلم أن الإنتاج هو وحده الذي يخلق القيم الجديدة والتي تستهلك عندما توزع ويجب أن يكون العرض النقدي مساويا للإنتاج الاجتماعي ، إذا ما زاد النقد ارتفعت الأسعار لأن الطلب سيزداد ، كي تحافظ الدول والشركات على نسبة التضخم في حالتها بدون ارتفاع مستمر، لم تعد تلجأ في الدول ذات المؤسسات القوية والتي تخضع للمراقبة ،إلى زيادة الكتلة الورقية في غياب زيادة في الإنتاج ، بل إلى حيلة الديون التي سنتناولها لاحقا في القسم الثاني.
2- التحولات العميقة الاقتصادية والاجتماعية الدولية
لن أقف عند تأكيد أن الرأسمالية تعيش أزمات دورية قصيرة من سبع سنوات إلى عشر سنوات والآن أربع سنوات إلى خمس ، وتعيش أزمات دورية طويلة تتراوح بين 25 سنة و30 سنة ولكن سأتناول الأسباب العميقة التي تؤدي إلى هذه الأزمات على أن أعرج على الأزمات الحالية التي تعصف بأغلب اقتصاديات الدول وخطر الأزمة التي تتجمع في أمريكا مجددا بعد أن تخطت أزمة العقار بصعوبة، وعلى تأثيرها على مجمل الاقتصاد منذ بضعة سنوات قليلة وأثر ذلك على الدول الضعيفة صناعيا ومنها حالة المغرب.
مع التشديد على أن التناقض الرئيسي الذي تعيشه الرأسمالية وهو تناقض بين الطابع الاجتماعي للعمل وبين الطابع الفردي للملكية هو السبب الرئيسي في هذه الأزمات فإنه مع ذلك لا يكفي وحده أن يعطينا أجوبة عن كل حالات وتحولات الرأسمالية ،فهو عام جدا ومركب ، ويحتوي على كثير من القوانين الأخرى التي يجرها معه .
انصب هم الرأسمالية طبقة ودولة منذ تجسدت الرأسمالية على شئ واحد هو أن تزيد من حصة العمل المجاني الغير المدفوع الأجر أو فائض القيمة، وأن تلتف على الأجر المدفوع بوسائل في غاية في التنوع والخبث . أولا لنرى الجانب المتعلق بالعمل المجاني: فإذا تجاوزنا الزيادة في ساعات العمل، والذي يزيد من نسبة فائض القيمة ، وإذا تجاوزنا أيضا اختراع آلات سريعة الدوران تزيد من وتيرة العمل وتجعل العامل مضطرا لأن يتحرك مع الآلة كما صورذلك شارلي شابلن في فيلم الأزمنة الحديثة عام 1936، فإننا نجد أن الراسماليين وضعوا سياسة مالية وخططا للبحث العلمي هدفه ليس انتاج تقنيات تهدف إلى التغلب على مشاق الطبيعة وجعل الانسان في راحة بل همه هو كيف يخفف الرأسمالي من الأجور وكيف يزيد من الانتاجية في نفس الوقت . لقد كان العالم المخترع شبه فقير ومنفصل عن البرجوازي وهو من أبناء الشعب يحس بآلامه ومعاناته ولكن مع وعي البرجوازية لأهمية التكنولوجيا توظف الشركات الكبرى جزءا من فائض الانتاج من أجل هذا الغرض. لقد وصلت التكنولوجيا إلى مرحلة متقدمة جدا في جعل الآلة نفسها تدور بسرعة لا يستطيع العامل أن يجاريه ولهذا تم الانتقال إلى مرحلة جديدة ما يزال التطور مستمرا فيها بأن تم اختراع لآلات تعوض عشرات ومئات العمل ولا يسيرها إلا أربعة إلأى خمسة أصبحوا مثل تقنيين وتم اختراع روبوات تعوض بالكامل عمالا في بعض جوانب العمل المكملة داخل المنشأة الصناعية مثل السيارات والطائرات وحتى بعض الصناعات العادية مثل الأحذية المطاطية وبذلك زادت الإنتاجية ونقصت الحاجة إلى اليد العاملة الكبيرة والمركزة . وكان ماركس لما خلص إلى ضرورة الوصول إلى الشيوعية وهي مرحلة متقدمة جدا على الاشتراكية وتعني أن الإنسان في هذا المجتمع الجديد سيعيش حسب حاجياته وليس حسب عمله كما سيطبق في الاشتراكية ، خلص إليه لأنه كان يعاين ويتابع التطور التقني بسرعته المدهشة وعرف بدقة التحليل العلمي أن هذا التطور سيصل إلى درجة أن تقوم الآلات بالعمل مكان الإنسان ، والبرجوازية في هذه المرحلة لابد أن تنتفي لأنه لا معنى لامتلاك وسائل الانتاج ، فهو يمتكلها في هذا العصر لأن الجميع مضطر للعمل ليعيش لكن آنذاك لمن سيبيع البرجوازي سلعه التي سينتجها ؟ لا أحد ، لأن لا أحد يملك أجرا ليشتري السلع .
إن الرأسمالية ومعها الدول قادرة على أن تخترع في هذا الاتجاه وهو ألا يصبح الإنسان متفرغا للفنون والعلوم والرياضة فقط كما قال ماركس فهي تحجم عن ذلك وتطور بمقدار في إتجاه محدد هو المزيد من فائض القيمة والتقليل من حجم الأجور.
خلق استغلال التكنولوجيا بهذا الشكل الشنيع عدة نتائج :
1- فصل العلماء والمخترعين عن معاناة المنتجين وأصبحوا أداة في يد الرأسماليين يطبقون في الواقع أحلامهم وتطلعاتهم
2- دحر أعداد هائلة من العمال من دائرة الانتاج ليصبحوا بؤساء ما عدا أمريكا واستراليا اللتان لم يصل فيهما التقسيم الاجتماعي إلى حدوده القصوى خاصة في العلاقة مع الأرض وبعض ميادين الخدمات
3- القدرة على إنتاج كبير للسلع أكثر مما كان يتصور في أي عصر وهذا كان من الدواعي الأولى لعولمة الإنتاج في مرحلته الأولى ثم في المرحلة الثانية
ولكي تنجح عولمة الإنتاج لابد أن يصاحبها عولمة المال وبهما اكتملت الكماشة على الدول التي لم تكن صناعية في السابق وسقطت في التبعية وفيما بعد وجدت ألا مفر لها من الدخول تحت كنف العولمة الحالية ، وتلعب عولمة المال في الظروف الحالية المركز الأول بعد أن كانت تلعبه التكنولوجيا منذ عشر سنوات ومن الممكن أن يتغير الوضع من جديد لفائدة التكنولوجيا المتطورة على الحالية وقد ساعد على هذه العولمة انحسار الاستعمار ودور صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في علاقتهما مع الدول الرأسمالية بالجات حيث تحصل الأطراف الأولى على اتفاقات مقابل الرأسمال بفتح المجال للتجارة الدولية ورفع الحواجز
ولإبراز المكانة التي تحتلها عولمة المال الآن يجب أن نعرف أن ثلاث بورصات فقط في العالم هي نيويورك ولندن وطوكيو تتداول 2 تريليون دولار يوميا وكانت تتداول في 1986 ما مجموعه 188 مليار دولار وفي 1995 تتداول 1,2 تريليون دولار
كان تقدم الرأسمالية هذا كارثة على الدول الغير المصنعة والسائرة في طريق التصنيع وعلى شعوبها لقد شهدت التسعينات أزمات حادة بدأت في المكسيك عام 94و95 ثم جنوب شرق آسيا بكامله تقريبا كوريا الجنوبية اندونيسيا ماليزيا الفلبين وكلها في 1997 وهذه الدول كلها كان سببها هو عولمة المال إذ أن الاستثمار الأجنبي يكون على شكلين أساسين : إما رأسمال موظف في الرأسمال الثابث والمتغيرأي شركات نقل عقار عمال وأجور إلخ... وإما رأسمال من محفظة الأوراق المالية ويوظف في شراء الأسهم والسندات وهذا الأخير هو الذي خلق الأزمات في تلك البلدان لأنه قصير الأمد لا يتعدى عادة من ستة أشهر إلى سنتين، ويغادر بمجرد انخفاض ولو طفيف في الفائدة وشجعه على المغادرة قبول الدول النامية المادة الثامنة لصندوق النقد الدولي والتي تفرض قابلية تبديل النقود على معاملات الحسابات الجارية مع تسجيل أن هذا الصنف من رأس المال لا يمكن أن يدخل أي بلد إلا إذا وافق ذلك البلد على المادة الثامنة وبعض الاتفاقات التنظيمية مثل تسوية النزاعات عبر آليات متفق عليها مسبقا ، أما الثاني فهو مثقل جيدا لابد من بيع العقار والنقل وتصفية الشركة وغير ذلك
لقد جعل هذا النوع من الرأسمال والذي كان من نتائج العولمة الدول التي برزت فيها الأزمة أو التي لم تبرز فيها في وضعية مزرية كانت وطأتها على الطبقات الشعبية كبيرة جدا لأنها هي التي تتحمل دائما تبعات السياسات الاقتصادية للبرجوازية والدولة كما كانت سببا لتدهور الشريحة الصغيرة من البرجوازية التي تتعاطي لشراء الأسهم والسندات .
حاليا تفجرت أزمات جديد بدأت بداية صغيرة جدا ومفاجئة ثم برزت في اليونان وإيرلندا واسبانيا وبريطانيا وتتجمع بقوة في أمريكا وكلها بسبب واحد مع وجود بعض الاختلافات ألا وهو مسألة الدين فما هي هذه القضية؟
سبق أن قلت أن التضخم هو فصل متزايد بين النقد المتداول وبين المبلغ المتداول للسلع والخدمات المشتراة ، فصل يعبر عنه بارتفاع الأسعار، لأنه يجب أن تتساوى كتلة النقد مع كتلة السلع والخدمات المنتجة ، وحتى تصل الرأسمالية والدولة إلى نفس النتيجة بدون أن ترفع من الأسعار بسبب ضخ أوراق نقدية جديدة تلجأ إلى طرح سندات لسنة أو أكثر أو أسهم وهي مفتوحة للشراء من طرف العموم من داخل البلد أو خارجه ، وهذا الطرح للسندات والأسهم يلعب ثلاثة أدوار رئيسية من جهة يجلب العملة الصعبة ومن جهة أخرى يمتص جزءا من الكتلة النقدية المطروحة داخل البلد إلى حين ومن جهة أخرى تحصل الرأسمالية على جزء من أجور ورواتب المنتجين والمستخدمين وخاصة الموظفين ذوي الرواتب العالية والمتوسطة التي تشتري السندات والأسهم وحتى جزء من فائض القيمة من لدن البرجوازية ، والحقيقة أن العولمة وأزماتها خلقت نوعا من التماسك ليس فقط بين الرأسماليين بعضهم البعض بل كذلك بين الدول بعضها البعض وبين هذه الأخيرة والرأسماليين وعلى سبيل المثال فإن الصين التي يجتمع فيها النمط الاشتراكي والنمط الرأسمالي بشكل غريب تملك 2 تريليون دولار كعملة احتياطية ومن شأن طرحها في السوق بشراء الذهب مثلا أن تخفض من قيمة الدولار إلى مستوى لم يسبق له أن نزل إليها ولكنها لم تفعل لأن أمريكا تعتبر المستورد الأول لمنتجات الصين ومن شأن خفض الدولار أن تتضرر عوائد الصين وأن تتدهور صناعاتها إذا ما عمدت أمريكا إلى الانتقام، بل نجدها تسرع هي الأخرى لنجدة اليونان بواسطة الاحتياطي الموجود لديها لشراء ميناء من موانئ اليونان . بل أكثر من هذا يوجد لدي الصين من سندات الخزينة الأمريكية 1,7 تريليون دولار مما يؤكد أن الصين كانت تساعد أمريكا على ألا تعرف أزمة اقتصادية حتى لا تتضرر هي الأخرى وليس الأمر في الحقيقة راجع إلى التطلع إلى نسبة الفائدة التي ستجنيها
هذا هو دين أمريكا الذي يتزايد باستمرار وقد وصل الآن إلى أكثر من 14 تريليون دولار ويريد الرئيس الأمريكي زيادة سقف الديون لطرح سندات جديدة ولكن ظهرت خلافات كبيرة مع الجمهوريين وإذا ما وصل تاريخ 2 غشت ولم يتبلور الموقف الذي يطمئن الدائنين من شركات ودول وأصحاب المحفظات المالية ومواطنين أمريكيين فستكون أمريكا قد تخلفت عن السداد لهم في الموعد وهذا سيؤثر على الأبناك وصناديق الإئتمان وعلى الصناعة وعلى كثير من دول العالم.
لقد عانت اليونان معاناة شديدة وكذلك إيرلندا وهبت الدول الثمانية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للنجدة ولا يظهر أن الجرعة التي أعطيت ستكفي كما لم تكف في إيرلندا
- مع العولمة امتدت الرأسمالية إلى أدق شرايين النشاط في المجتمعات ومن وسائلها التي لجأت إليها في العشر سنوات الماضية أنها سطت على صناديق التقاعد وصناديق التأمين التي يؤدي تمويلها العمال والباطرونا وكانت في السابق في يد الزعامات النقابية التي حصرت النضال النقابي في درء المخاطر الكبرى والتي تتوقعها دائما وترك المخاطر الصغرى تمر بشراكة ورقابة الدولة . لقد جرت هذه الصناديق إلى التوظيف في دائرة الرأسمالية دوليا ووطنيا في المؤسسات الدولية وفي البورصات وسنت سياسات لتقليص الأجر المؤجل للعمال ومنها طريقة رفع سن التقاعد ببضع سنوات .
3- حالة المغرب وأفق الصراع
سأتناول الموضوع من زاويتين الأولى اقتصادية والثانية سياسية وإيديولوجية ودفعة واحدة بدون هذا التبويب المرتب
من الزاوية الاقتصادية لوحظ أن المغرب ارتبط بكل الإرهاصات الرأسمالية التي تكلمت عنها بل وله ما يمكن أن يفتخر به أمام الرأسماليين في السطو على الثروات وعلى الأجور وعلى فائض القيمة ، وفي الإضرار بالبيئة وفي إضعاف الطبقة العاملة .
قبل انخراط المغرب بقوة في العولمة وقبل التوقيع على اتفاقية الجات كانت البرجوازية المغربية تقسم بسهولة إلى البرجوازية المالية والبرجوازية العقارية والبرجوازية الفلاحية وبرجوازية الخدمات غير أنه مع الانفتاح ورفع بعض القيود على الرأسمال تداخلت البرجوازيات وأصبحت لدينا برجوازية كبرى تغطي كل الميادين السابقة وأضافت الصيد في أعماق البحار وتسللت إلى المناجم التي كانت حكرا على الدولة في السابق . ويبدو الأمر كأن الدولة تتهاوى أمام ضربات البرجوازية ولكن العكس هو الصحيح إذ أن التفويت الذي يتم وتغلغل الرأسمال يتم في وسط هو في الأصل محيط الدولة وشريحتها التاريخية .
إذا تتبعنا المشهد السياسي في الشهور الأخيرة من نجد مباشرة في مواجهة شباب 20 فبراير ؟ ليس كل البرجوازية المغربية التي توظف الرأسمال الثابت والمتغير بل وليس حتى نسبة ضئيلة منها وليس كذلك البرجوازية الأجنبية التي توظف نفس الرأسمال ولا حتى صاحبة المحفظات المالية لأنها ببساطة لا تقطن في المغرب إلا إذا جاءت للسياحة .إنها شريحة من التكتل الطبقي لكنها من طينة أخرىتجعلها تختلف بعض الاختلافمع البرجوازية العادية وسنقف على الاختلاف بمجرد معرفة أصلها وكيفية صعودها المالي إنها :
1- من السلطة إلى المال والأعمال وليس العكس أي كل الذين كانوا يستغلون النفوذ
2- من الحثالة إلى المال لقاء أدوار لعبها ويلعبها في الفساد السياسي
3- من السمسرة للموظفين في كل الإدارت إلى المال
4- من السطو على لقاء علاوات على مرفق أو مرافق عمومية مثل الغابات أو الشواطئ
5- من الممنوعات والمخالفة للقانون
6- من الايديولوجيا المرتبطة بالبترودولار إلى بعض الأعمال البدائية مثل توزيع آلات الخياطة على النساء لخياطة ملابس غير خاضعة لتصميم مقبول ولا ذوق ومثل بعض أعمال العقار وهناك أمل من طرفهم أن تستجيب الدولة لمطلب الأبناك الاسلامية وهذه الايديولوجيا تمجد الملكية وتعمل بقوانين الرأسمالية بل تفوقها في القضايا مثل الآبناك الاسلامية والإدعاء أنها ضد الربا والحقيقة أنها أخطر من الفائدة ومثل تسخير النساء للخياطة لساعات تصل إلى 14 و 16 ساعة في اليوم .
وجميع هذه الفئات بعيدة عن قيم الرأسمالية نفسها وبعيدة عن الاحتكام إلى قوانينها ولا تؤمن بالديمقراطية ولا بالشفافية
إذن إذا أردنا أن نتكلم على البرجوازية الحقيقية في المغرب فإنه من الناحية الاقتصادية هي مثلها مثل كل البرجوازيات في العالم لكن هي أكثر جشعا ولكن لا يمكن اعتبارها متماثلة مع الفئات السابقة. والدولة في المغرب تحمي أرباحها وتعمل على الحفاظ عليها وتعمل أيضا على قضم الأجور والسطو على أموال الضمان الاجتماعي لتوظيفها وغير ذلك من كل القضايا التي أثرناها . لكن في الصراع السياسي الجاري ومع كل ما سبق نجدها حذرة ومتيقظة لمعرفة إتجاهات المستقبل ولكنها غير منخرطة لا ضد ولا مع 20 فبراير ومع ذلك تريد شيئين متناقضين الأول الاستقرار وعدم جر المغرب إلى ما يقع في اليمن وسوريا وليبيا ثانيا أن ينفصل الفساد عن الدولة وتخدم فقط الرأسمال الذي ينتج وليس تقديم مكافئات على خدمات سياسية .
الفئات التي ذكرتها سابقا أصبحت لها قوة اقتصادية كبيرة ولو استولت عليها بطرق غير قانونية وهي تعتقد أن لها كامل الحق أن تصبح في مصاف البرجوازية ما دامت تملك الملايير ولهذا أصيبت بالذعر عندما رأت ما جرى في مصر وتونس من المطالبة بالحساب وهي منذ البداية تدفع إلى الصدام المباشر مع قوتين أساسيتين غير قوى الفساد هذه الأولى البرجوازية بكل ألوانها ثانيا الملكية ، بحيث تتمنى قوى الفساد أن تعتبر 20 فبراير كل التكتل الطبقي فاسدا وخائنا ويجب أن يرحل لأنها تبحث بقوة عن إئتلاف تختبئ وراءه .
بفعل العولمة وأثرها على المغرب وبفعل تداخل الرأسمال الفلاحي والصناعي والبنكي والخدماتي من تجارة وسياحة ونقل ... تعتبر كل القوى العاملة في هذه القطاعات من مستخدمين وموظفين أجراء وعمال زراعين وعمال البحر وعمال التجارة وفلاحين فقراء وغيرهم في الميادين السابقة قوة استراتيجية للطبقة العاملة بمفهومها الذي تخلق فائض القيمة والتي وجهت لها ضربات موجعة من الناحية الكمية ومن ناحية تشتيتها وعدم تمركزها ليس نقابيا بل في أماكن عملها بسب سياسة الدولة التي اختارت عدم التصنيع الثقيل والاستراتيجي حتى لا تخلق طبقة عاملة قوية ومؤثرة.
لكن شروط العولمة خلقت معطيات جديد في هذا الباب إذ بلترت فئات كانت محسوبة على البرجوازية الصغيرة ودفعت فئات أخرى إلى الفقر المذقع وأخرى إلى البطالة الدائمة وكل هذه الفئات تمثل مع الطبقة العاملة تكتلا نقيضا للتكتل السائد ، يمثل في الظروف الحالية قوة صاعدة من أجل إنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية ، والتي ستكون فيها الدولة بيد هذا التكتل الجديد والذي سيعمل على تصنيع البلاد وإعادة ترتيبه على أسس جديدة قوامها تطوير قوى الإنتاج وإعادة توزيع الثروات ، ومن متابعة الآثار التي خلقتها الأزمة الحالية في أوروبا يظهر أن السنوات الذهبية للهجرة إليها قد ولت وأن التاريخ ذلك المد يعود إلى ضده تماما حيث لا حظنا في الأسابيع الماضية عودة أكثر من أربعة آلاف أسرة مهاجرة في اسبانيا إلى المغرب بفعل تأثير الأزمة فيها وهؤلاء المهاجرون سيشكلون لا محالة عنصر دعم جديد للتكتل المناهض للتكتل السائد.
فإذا أردنا أن نتكلم عن الاشتراكية فلا بد أن يتوفر شرطان أساسيان:أولا قوى إنتاج متطورة وهذا يمكن أن تقوم به الدولة الوطنية الديمقراطية ، ثانيا وعي الطبقة العاملة لذاتها مالكة للفكر الاشتراكي أي منظمة أو أغلبها في حزب اشتراكي حقيقي أو تحالف اشتراكي وهذا الشرط الأخير عادة ما ينطلق تنفيذه من البداية عند أول نشأة الطبقة العاملة وليس حتى تنمو وتصل إلى مستويات عالية من التنظيم لأن أي تأخر يجعلها تحت تأثير إيديولوجيات الطبقات البرجوازية أو حلفاءها من الطبقات الوسطى وحتى يكون هذا الشرط سهل التحقق لابد أن تعي كل الأطراف المقتنعة بالاشتراكية بأهمية نشر الثقافة الاشتراكية وسط الشعب وخوض النضال الأيديولوجي ضد كل أشكال الفكر الرأسمالي والماضوي والدعوة إلى المشروع المجتمعي على أنه الخلاص الوحيد لكل طبقات الشعب
ذ اليزيد البركة
المحمدية 28– 7- 2011
*مداخلة حول التحولات الاقتصادية والاجتماعية وأفق الاشتراكية بالجامعة الصيفية للشبيبة الطليعية يوم 28 يوليوز2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.