الصحف الإسرائيلية تشن حملة مسعورة على نادي برشلونة بات واضحا أن إسرائيل لا تمتلك ذرة من الروح الرياضية، وهو ما يدفعها إلى التطفل كلما أحست بنسمة من التفوق العربي حتى في مجال الرياضة. ويبدو أن توالي الإنجازات القطرية على الصعيد الرياضي أثار سخطها، خصوصا بنجاح مؤسسة قطر الخيرية في إبرام عقد رعاية مع نادي برشلونة الإسباني العريق، سيتم بمقتضاه وضع شعار المؤسسة على قميص البلوغرانا لمدة ست سنوات بمبلغ 30 مليون يورو للموسم الواحد، ليصبح العقد الأغلى في العالم. وإن سبق وأعرب الرئيس الشرفي للنادي يوهان كرويف عن استيائه البالغ جراء إبرام هذا العقد المنافي لسياسة النادي، الذي دأب على عدم حمل شعارات سوى الشعار الرسمي للفريق، فالأسطورة الهولندية لم يصل إلى درجة وقاحة الصحافة الإسرائيلية، وذاك لأن برشلونة بات على حسب قوله «ناد كباقي الأندية»، وانتقاده يهدف فقط للاستمرار في سياسة تميز بها النادي منذ تأسيسه. لكن المفاجأة المدوية والتي تثير الاستغراب هي الموجة العارمة من السخط التي شنتها الصحف الإسرائيلية على النادي الإسباني، والتي حثته على إلغاء هذه الاتفاقية. بل إن الأمر وصل إلى مستوى خطير وصل إلى درجة التهديد كما فعلت صحيفة «عينان ميركزي» الإسرائيلية حين طالبت برشلونة بالتخلي عن العقد المبرم بين الطرفين، مهددة إياه بإحراق قمصانه وأعلامه من طرف مؤيديه الإسرائيليين ومن بينهم رئيس تحرير الصحيفة الإسرائيلية. بينما كشفت صحيفة «معاريف» عن مساع تبذلها الحكومة الإسرائيلية لإقناع مجلس إدارة نادي برشلونة ورئيسه الجديد ساندرو روسيل بالتخلي عن العقد المبرم مع مؤسسة قطر التي تديرها الشيخة موزة، معتبرة أن المؤسسة القطرية معروفة بدعمها بالإرهاب لكونها مساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة والتوجيه المساعدات لسكان القطاع. وبعبارة أخرى فالمؤسسة القطرية ضمن اللائحة السوداء، وبالتالي تسعى إسرائيل لإدراجها ضمن القائمة الدولية للمنظمات الإرهابية، الشيء الذي يعني أن برشلونة قد يجد نفسه مجبر على إلغاء الاتفاق رغما عن أنفه. ولم تهدأ الحرب الإعلامية ضد برشلونة، حيث شن مجموعة من الشباب الإسرائيليين حملة شرسة على موقع «فايس بوك» وجهوا فيها اتهامات عنصرية بإيواء النادي الكروي لمجموعة من الإرهابيين المتطرفين، بسبب وجود مجموعة من اللاعبين المسلمين بالفريق (أبيدال وسيدو كيتا)، وهو ما يعني دعم النادي الكاتالوني للإرهاب. ولم تكتف الصحف الإسرائيلية بهذا الحد من التضخيم، إذ بررت موقفها بعضوية مجموعة من الإرهابيين في المؤسسة الخيرية مما يعني مساهمة النادي في الترويج للفكر المتطرف والإرهابي، في حين عبرت صحيفة «هارتس» عن قلقلها إزاء الاتفاقية المبرمة وخشيتها من تطور الأمر إلى إبرام عقود رعاية بين مؤسسات عربية إسلامية والفرق الكبرى، كما هو الحال بالنسبة لكل من أرسنال الإنجليزي وميلان الإيطالي اللذين يحملان اسم شرطة «الإمارات» للطيران، واستحواذ العرب على نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، ووصفت الصحيفة النادي بأنه بات يبيع نفسه لصندوق يوزع منحا لتعليم الإسلام، كما رفضت تمرير القرار بدون اعتراض من عشاق النادي في إسرائيل وهددت بحرق قمصان وشعارات وكل ما يتعلق بالنادي الإسباني في حالة عدم التراجع عن قراره؛ وهذه ليست من شيم الأنصار. وتجاوزت إسرائيل حدود اللباقة والإتيكيت، في تعاملها مع برشلونة محاولة الضغط على النادي ليغير قراره الحالي، وهو ما يعد تدخلا سافرا في شؤون فريق رياضي يملك الحق في التعامل مع أي مؤسسة كيفما كانت جنسيتها، ما دام ذلك يصب في مصلحة النادي. أما تلك المبررات الساذجة التي قدمتها إسرائيل وشنت بموجبها حملة إعلامية شعواء على النادي فهي تعبر عن الحقد الدفين للعرب والمسلمين، وتخوفها الشديد من اتساع النفوذ العربي في العالم خصوصا لدول الخليج كقطر والإمارات والسعودية بسبب القوة المالية التي تملكها هذه الدول. وتناست إسرائيل أن الاتفاق المبرم ذو طابع رياضي ولا يحمل أي بعد سياسي أو حتى اقتصادي، وبرهنت على فقدان شعبها للروح الرياضية حين هددت بإحراق قمصان وأعلام النادي على اعتبار أن شعبها الصغير أدرى بمصلحة برشلونة بينما برشلونة لا يدري، وفي حالة رفض برشلونة فإنها فريق إرهابي وهذه سياسة إسرائيل على الدوام حتى في لعبة كرة القدم. وكشفت إسرائيل عن مستوى أخلاقها المنحط، مدعية الولاء. وليس غريبا على إسرائيل أن تتدخل في شؤون الغير إن رأت فيها تفوقا للعرب سواء في المجال السياسي أو الرياضي، وهي التي حاولت إلى أمد قريب إفشال قطر ومنعها من الحصول على حق استضافة كأس العالم لسنة 2022. وإزاء هذه الحملة الشرسة، فإن فريق برشلونة غير مكترث بتفاهات الإعلام الإسرائيلي ومستمر في مسيرته الناجحة بدوري أبطال أوروبا والدوري الإسباني. وهو يركز على طموحاته في السعي وراء الألقاب، وعقد الشراكة الذي يجمعه مع المؤسسة القطرية يدخل ضمن سياسة النادي للانفتاح وتدعيم قوته الاقتصادية. رغم أن سياسة برشلونة كانت ترفض ولمدة طويلة، وضع شعارات على قميص النادي إلا أن المؤسسة القطرية نجحت في التوصل إلى اتفاق يوجب رعاية المؤسسة للنادي مقابل وضع شعارها بقميص البلوغرانا، كما أن النادي وقع سنة 2006 مع «يونيسف» لوضع شعارها على قميص النادي من دون مقابل، بل إن النادي تعهد بدفع مبلغ 1.5 مليون يورو سنويا لأغراض خيرية. وستكون المرة الأولى التي يتقاضى فيها النادي الإسباني مبلغا ماليا لأحد رعاته واضعا إلى جانب شعار «يونيسف» شعار المؤسسة القطرية التي لا تهدف لأي ربح مادي، بل مجرد الترويج لدولة ستستضيف بطولة عالمية في المستقبل. ولن يلفح الهجوم الإسرائيلي في كسر خط الدفاع الذي يجمع بين برشلونة ومؤسسة قطر، لسبب بسيط أن إسرائيل لم تصل بعد إلى مستوى إتقان فنون المراوغة، وأن فن الغطرسة والهيمنة على المستوى السياسي لا يمكن أن ينتقل أيضا إلى الساحة الرياضية، لأن لوبياتها الضاغطة لن تنفعها في كرة القدم وغير مؤثرة في الخارطة الكروية العالمية، وستظل عاجزة عن الوصول إلى ما حققه العرب في الرياضة وأخفقوا في تحقيقه في السياسة.