" إنكم باستعمال المواد المغربية ستشاركون في اقتصاد البلاد"، عبارة لطالما قرأنها ونحن صغار مكتوبة بعلب عود الثقاب، وحتى وإن كان الإقبال وقتها على المواد المصنعة بالخارج قليلا جدا، فان الروح الوطنية العالية كانت تدفع إلى التحسيس بأهمية الإقبال على المنتوج الوطني. صحيح أن العولمة حملت تغييرات كبيرة سواء في أنماط العيش أو كثرة العرض ووفرة الطلب، ومع هذه المتغيرات الكبيرة الذي طرأت في أنماط العيش والعقليات، اختفت تلك العبارة الشهيرة، وتحول كل ما هو مصنع وطنيا إلى منتج غير مرغوب فيه نهائيا. سقنا هذه المقدمة كمدخل للحديث عن عودة اللاعب المحلي لصفوف الفريق الوطني الأول لكرة القدم، والقناعات التي قدمتها بعض العناصر التي فرضت نفسها على ناخب وطني لم يكن يلتفت بالمرة، لما تفرزه البطولة المحلية من كفاءات قادرة على منح الإضافة المطلوبة للمنتخب. فبعد تهميش دام لسنوات، سواء من طرف المدربين الأجانب أو الوطنيين (أبرزهم بادو الزاكي)، استطاع اللاعب المحلي أن يكسب رسميته، إلى درجة انتزع معها تنويها خاصا من طرف هيرفي رونار الذي وجه بوصلته كليا وهو يبدأ في الاشراف على الشؤون التقنية ل "أسود الأطلس"، نحو كل ما يأتي من الخارج، حتى ولو تعلق الأمر بلاعبين احتياطيين بالدرجات السفلى بالدوريات الأوروبية. فاللاعب جواد الياميق فرض نفسه بقوة بخط الدفاع إلى درجة بدأ البعض يفاضل بينه وبين العميد الحاضر الغائب المهدي بنعطية، وليد أزارو قال عنه المدرب إنه مهاجم جيد ويمتاز بخصائص كبيرة وهو لاعب للمستقبل، نفس الانطباع الجيد خص به رونار عبد الإله الحافيظي، وقبله سعد لكرو، مضيفا أن مجموعة من اللاعبين المحليين بدؤوا في استكشاف أجواء المباريات مع المنتخب مثل محمد الناهيري، وهو حكم ايجابي يتقاسمه معه مساعدة مصطفى حجي. فالدخول القوي للاعب المحلي لحظيرة المنتخب الأول، بوصول العدد إلى 9 لاعبين من أصل 23، منح رونار مساحة واسعة من الاختيار، كما مكنه من خلق التنافسية المطلوبة في المراكز بين بعض اللاعبين، وهو أمر مهم يؤكد جهارا أن جميع اللاعبين الموجودين حاليا في المنتخب يستحقون المشاركة رفقة الفريق الوطني. المؤكد أن تألق اللاعب المحلي من شأنه منح صورة ايجابية عن البطولة المحلية، بعد كل الأحكام السلبية التي ألصقت بها خلال السنوات الأخيرة، كما أن قيمة العناصر المحلية سترتفع في بورصة اللاعبين الدوليين، وتشجيع الأندية المغربية على العودة للتكوين. والمنتظر أن تكون هذه العودة القوية للاعب المحلي، قناعة بالنسبة للمدرب، ومن ورائه الجامعة المشرفة، وأن لا تكون مجرد خيار للتعويض فرضته كثرة الإصابات التي لحقت بأكثر من لاعب يمارس بأوروبا…