فلاحو منطقة الغرب متخوفون من تكرار الفيضانات قالت بعض جمعيات المجتمع المدني بمنطقة الغرب، إن حديث السكان، بعد التساقطات المطرية التي عمت مجمل الأراضي الفلاحية بداية الأسبوع الجاري، لا يخلو يوميا، من تعبير عن التخوف من إمكانية حدوث فيضانات ينتج عنها دمار قد تتجاوز خسائره حصيلة السنتين المنصرمتين. وأجمعت هذه الجمعيات، في حديث لبيان اليوم، على أن القاسم المشترك للهلع الذي ينتاب الساكنة، مع اقتراب الفصل المطير، مرده غياب بنية تحتية بإمكانها حصر مياه السدود والوديان، والحيلولة دون تسببها في هدم المنازل وجرف المواشي وتشريد الأسر. وإذا كانت أمطار السنتين الماضيتين قد ألحقت أضرارا بالغرب بأكمله، فإن حديث الشارع الغرباوي يجمع على أن حجم الخسائر، في حال بلوغ حجم التساقطات مستوى السنة الماضية، أو أقل بقليل، سيكون شبيها بما وقع بمنطقة «الكومت» شهري فبراير ومارس الماضيين، حين باتت هذه المنطقة تتنفس تحت الماء. ويقول سعيد أومنصور رئيس جمعية الصفا للتنمية لبيان اليوم إن «الجميع يخشى تكرار أحداث لازالت راسخة في الذهن»، و أن «الجميع يتذكر أغطية مليئة بالوحل، و أجهزة إلكترونية مبعثرة، ومواد غذائية فسدت وسط الماء، وقطعان ماشية إما تحت الركام، أو وسط الوادي الجارف، ومنازل مليئة بمياه الأمطار، وحيطان لم تقو على المقاومة فسقطت فوق رؤوس من لم يستطع المغادرة». بل لم تسلم، يضيف المتحدث، حتى المقابر من قوة السيول، ليتوحد الموتى والأحياء في واقع واحد يتمثل أساسا في انعدام المأوى. ولا يبدو أن توقع الأسوأ ينحصر على الجمعيات، فأعضاء بالجامعة الممثلة للمزارعين بمنطقة الغرب، رفعوا أصواتهم مطالبين بالتدخل قبل فوات الأوان، وعدم انتظار الكارثة للاكتفاء بالقيام بجولة بالمنطقة يتم خلالها توزيع بضع أكياس من الدقيق، ولترات من الزيت غير كافية لسد حاجيات أسر متعددة الأفراد. وبهذا الخصوص، يرى محمد الهاكش، الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، أن تدبير آثار الجفاف يكون دائما أمنيا، حيث يحرص على احترام تراتبية الإدارة الترابية، ويسير رأسا نحو الأسر التي يتم تكديسها في المدارس أو تحت الخيام، فيما يتم تجاهل كيفية التعامل مع العمال الزراعيين الذين يعتبرون عصب الحياة الاقتصادية بالمنطقة. ويشدد محمد الهاكش، في تصريح لبيان اليوم، على أن التخوفات المعبر عنها، مع دنو فصل الشتاء، مشروعة، لكون التجهيزات والبنيات التحتية الخاصة بتصريف المياه لا زالت عاجزة عن استيعاب حمولة التساقطات، في منطقة تمتاز بتربتها التي لا تمتص المياه بسرعة، وتبدو وكأنها في قعر خندق. ويرى الهاكش أن الأمطار القادمة ستكشف لا محالة، ضُعف وهشاشة البنيات التحتية في منطقة الغرب، وستبين عن محدودية التخطيط العمراني والمجالي فيها، وستفضح، للسنة الثالثة على التوالي، من جهة، سياسة تزيين الواجهة، التي تعتمدها المؤسسات الحكومية في التعامل مع المشاريع المختلفة، خاصة الإستراتيجية منها، وستعري، من جهة أخرى، واقع فوضى التعمير التي كانت تعرفها المناطق المنكوبة، والتي أدّت بالمضاربين العقاريين إلى المتاجرة، حتى بالأراضي الواقعة في مجرى الأنهار، بعد أن استنفدوا البُقع الأرضية الواقعة في ضفاف الوديان. وبارتباط مع المنطقة والتوقعات التي تجمع على انتظار الأسوأ، طالب المستشار حسن الغزوي عن فريق التحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين، وزير الفلاحة والصيد البحري بتطبيق برنامج دعم الفلاحين المتضررين من فيضانات السنة الماضية بجهة الغرب، وبتنفيذ وعدها بدعم ثلاث قنطارات في الهكتار بدل بعض الكيلوات المقترحة على الفلاحين. وجاء ذلك خلال إحاطة المجلس علما في إطار المادة 128 من النظام الداخلي للمجلس، حيث قال الغزوي «إن فلاحي هذه المنطقة قد ضاعوا في كل محصولهم الزراعي في السنة الماضية، بسبب الفيضانات القوية التي عرفتها المنطقة، وكانت وزارة الفلاحة قد أقرت برنامج دعم لاستبدال الزراعات الخريفية الضائعة بزراعات ربيعية، يتمثل في أداء الدولة ل 60% من ثمن الأسمدة في حدود 3 قنطارات في الهكتار الواحد. وأشار المستشار في إحاطته إلى أن أغلب الفلاحين لم يتمكنوا من الاستفادة من هذا البرنامج بسبب عدم توفير هذا الدعم في الوقت المناسب، وأن الوزارة أقرت برنامجا آخر سمته ب «البرنامج التكميلي لتوزيع الأسمدة المدعمة عل الفلاحين المتضررين من فيضانات 2010»، والذي تراجعت فيه عن الوعود المقدمة حيث لا تدعم الوزارة سوى 37 كيلو من الأسمدة في الهكتار الواحد، بعد أن كان 3 قنطارات للهكتار، وبالتالي اعتبر الغزوي هذا المقدار جد ضئيل وغير مشجع للفلاحين، ما أدى إلى عزوف الفلاحين عن الدخول في مغامرة الحرث بداية هذه السنة.