مع انقضاء فصل الصيف وبداية فصل الخريف، تجد قاطنة المناطق الجنوبية الشرقية للمغرب نفسها في مواجهة الآثار المدمرة لرداءة أحوال الطقس، التي تهدد المحاصيل الزراعية، والمواشي والمساكن المتواضعة المبنية بالطين، وهو ما يجعل هذه الساكنة في حيرة من أمرها حيال هذا الغضب الخريفي للطبيعة. فقد اعتاد سكان مدن الراشيدية وورزازات وتنغير وزاكورة، على هذه المواعيد الخريفية، التي تكدر عليهم، مؤقتا، سير نمط عيشهم. فبحكم ما عانوه خلال السنوات الأخيرة من أوقات عصيبة، بدأ هؤلاء السكان يأخذون حذرهم، من خلال الإستعداد الجيد لمواجهة الأضرار الناجمة عن رداءة الطقس بهذه المناطق. من جانبهم، يعمل المسؤولون عن الشأن المحلي جاهدين لوضع البنى التحتية الرئيسية التي من شأنها احتواء المخاطر غير المتوقعة، وذلك من خلال وضع نظام للإنذار بالمناطق المستهدفة، على غرار ما هو معمول به بحوض أوريكا على سبيل المثال. وإذا كان سكان هذه المناطق لا يزالون بعيدين عن الحصيلة الثقيلة التي سجلت خلال السنوات الأخيرة، خصوصا ب «مرزوكة» و»كرامة» و»كولميمة»، فإن التساقطات القوية التي شهدها الأطلس الكبير تفرض، هي الأخرى، اتخاذ المزيد التدابير الإحتياطية. فقد غمرت المياه أماكن لم يكن أحد يتوقع أن تصلها. لحسن الحظ، فإن الخسائر في الأرواح بدأت تتراجع تدريجيا. وفي هذا الصدد، فقد نالت منطقة إملشيل، نهاية شهر رمضان الأخير، حصتها المعتادة من العواصف الرعدية والأمطار العاصفية. وتشير التوقعات إلى أن الأمور ستستمر على هذا المنوال إلى غاية منتصف شهر أكتوبر القادم. كما شهدت المنطقة فيضان الوديان, بحيث أنه على طول أكثر من مائة كيلومتر، وهي المسافة التي تربط بين إملشيل وأموغار، فقد تضررت الحقول بنسب متفاوتة. وفي هذا المضمار، همت الخسائر، بشكل أكبر, كلا من أشجار التفاح والطماطم ونبات الفصة. كما أن الطريق الرابطة بين إملشيل والريش على طول 138 كلم، غمرتها السيول، وأن العديد من المقاطع، خصوصا تلك المتواجدة بين «أموغار» و»أوتربات» قطعت في وجه حركة السير جراء الأمطار القوية التي ضربت المنطقة. وفي ما يخص ساكنة دوار آيت شاكر، الذي يوجد على بعد حوالي 40 كلم عن وسط مدينة الراشيدية، فقد عانت، هي الأخرى، الأسبوع المنصرم من فيضانات جارفة، مما خلف انهيار خمس منازل مبنية بالطين وخسائر هامة في المزارع المجاورة. ويلاحظ المتتبعون للشأن المحلي، أن هذا المشكل يتكرر كل سنة. فالسكان راسلوا عدة مرات المصالح والجهات المختصة بهدف إيجاد حلول لهذا الوضع، لكن بدون جدوى. فلسان حالهم يقول «إننا نعاني من نفس المشكل منذ ستينيات القرن الماضي، بالرغم من أننا راسلنا كل المصالح المعنية». وخلال نفس الأسبوع، وعلى بعد عشرين كلم من كولميمة، ألحقت الأمطار العاصفية خسائر هامة بعدة «خطارات» (آليات للسقي التقليدي) بمنطقة «الكلتة». فقد سجل على المقاولة المكلفة باستصلاح هذا النظام التقليدي للسقي أنها أخلت بمعايير السلامة الواجب اتباعها في مثل هذه المشاريع، وهو ما جر على الساكنة مشاكل لم يكن للطبيعة دخل مباشر فيها. فالمسؤولون عن المشروع لم يقوموا بتحويل مجرى الواد الذي يعبر مكان الورش، مما ألحق ضررا كبيرا بآليات السقي التقليدي، التي تعد إحدى أهم مصادر التزود بالماء بالنسبة لهذه الساكنة. إن رداءة أحوال الطقس الخريفية التي يعاني منها الجنوب - الشرقي للبلاد تعد معطى طبيعي دائم، وهو ما يحتم على السكان مضاعفة التدابير الاحتياطية وعلى المسؤولين وضع أنظمة للإنذار وتشييد البنيات التحتية الضرورية.