يعتبر رمضان عند الأسر المغربية فرصة لصلة الرحم وجمع شمل الأهل والأحباب وإنهاء الخلافات التي تظهر في علاقات القرابة، وهو بذلك يعتبر شهر تعزيز العلاقات العائلية وتنقيتها، ففي هذا الشهر تجتمع العائلات حول موائد الإفطار بعد أن شتتتها ظروف الحياة،ويتبادل الأقارب والجيران المأكولات، ويستضيف كل منهم الآخر. ويحظى هذا الشهر الفضيل بمكانة خاصة عند المغاربة،وهو الشهر الذي تستعد الأسر الفقيرة والغنية على حد سواء لاستقباله في أجواء احتفالية، حيث تتم إعادة ترتيب المنازل وتزيينها بالطلاء، وعلى مدى أيام هذا الشهر تستعيد صوامع المساجد أنوارها المتلألئة ،كما ينشط الرواج التجاري في الأسواق والمحلات التجارية وتدب الحركة في الشوارع إلى ساعات متأخرة من الليل... و تستعيد العلاقات العائلية دفئها . ويحتل شهر رمضان مكانة عميقة في قلوب المغاربة، تتجلى في الإقبال الكبير خلال هذا الشهر المبارك على المساجد وأماكن العبادة في المدن كما في القرى. ويتحول عدد من الشباب إلى باعة لكتب القرآن والأحاديث النبوية والأدعية والأذكار،وتستقطب صلاة التراويح عدداً من المصلين من الجنسين معا والذين يفضلون الخروج من منازلهم بعد الإفطار وحضور مجالس الذكر، وحلقات الوعظ الديني وتلاوة ما تيسر من القرآن الكريم في دور العبادة. ويعد رمضان بالنسبة للأسر المغربية مناسبة للتحكم في حجم إنفاقها فلا يخفى على عامة الناس أن هذا الشهر إنما هو فرصة لتقوية الجانب الروحي للإنسان، لأن ذلك ينعش الروح وينعش الفكر ويسمو بالنفس ومشاعرها. والمشكلة المعاصرة لدى أغلبية الأسر المغربية في رمضان هي كثرة الإسراف خاصة في مشتريات الأغذية مما يؤدي إلى ضياع الكثير منها في هذا الشهر. إن شهر رمضان فرصة تساعد على تكوين سلوك ادخاري لدى الأسر،مما يؤدي إلى الحد من الإسراف والعمل على ترشيد السلوك الاقتصادي خاصة والسلوك الاجتماعي عامة في هذا الشهر الكريم. فالتربية الاستهلاكية هي سلوك الإنسان في استهلاكه للماديات من غذاء وشراب ولباس وسكن . ومستوى الاستهلاك يعبر عن شخصية الإنسان والمجتمع وعن مستوى الفكري لدى الإنسان والمجتمع. ويعتبر شهر رمضان مناسبة قيمة للتخلي عن العادات السيئة؛ وتصحيح بعض مسارات الحياة التي تحتاج إلى تقويم ،وهو كذلك فرصة للقطع مع الفوضى و والرتابة اللتين لا تسمحان بحرية تحديد الاختيارات في مناحي الحياة.ومن هذه الفوضى في الحياة التبدير. فرمضان بمثابة مدرسة روحية وتربوية عظيمة، ومنحة إلهية لتقوية الانضباط النفسي لدى الصائمين،وتحصينهم من التبدير والعادات السيئة، ومن مزاياه تأهيل المسلمين للرقي روحيا وبدنيا.