افتتح مؤخرا بمعهد كامويش-المركز الثقافي البرتغالي بالرباط، معرض الرسام البرتغالي فيليب روشا دا سيلفا بعنوان "جماهير". وتتسم لوحات هذا الفنان، الذي يشتغل، في الكثير من الأحيان، على الصباغات لكن بأساليب حديثة، بالحضور المكثف للوجوه البشرية الصغيرة المبسطة والمخططة، والتي تزداد صغرا حتى أنها بالكاد تصبح مرئية، مما قد يوحي إلى الناظر إليها وكأنها أعمال تجريدية، بينما هي في الواقع لوحات رمزية. وأوضح دا سيلفا، أن تيمات لوحاته هي شخوص بشرية في أوضاع جماعية وتعددية تجتمع لتسير في نفس اتجاه لا يعرفونه، والناظر إليها من بعيد قد لا يرى سوى ضوء وظلال، بينما هي في واقع الأمر ظواهر جماعية تحيل على مجتمعات اليوم، وعلى الحقائق التي يراكمها المعيش اليومي. وقد طور دا سيلفا مساره الفني منذ عام 1983، حين كان مقيما بنيويورك، حيث كتب العديد من النقاد الفنيين والكتاب عن هذا الجانب من أعماله، التي ترتبط بالواقع، وعن المعاني والأفكار المركبة التي يمكن استخلاصها منها، في زمن أضحت فيه الحركات الجماعية تحكم وتغير وجه العالم. ولعل السمة الأخرى التي يمكن استنتاجها في لوحات الفنان البرتغالي هو أن التجريدي والرمزي في الفن والتشكيل على وجه الخصوص ليست هي الخصائص الحاضرة في الرسم، ولكن طرق النظر إليها، ترتبط إلى حد ما بطريقة وحالة الناظر إلى اللوحة. ويضم هذا المعرض، الذي حضر حفل افتتاحه وزير الثقافة السيد بنسالم حميش وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي، أعمالا رسمها دا سيلفا خلال العقدين الأخيرين، وبالتالي فهي تنتمي إلى قرنين مختلفين، وتجسد استمرارية صارخة، تشهد على تغير العالم، وتتغير معه طرق تناول المواضيع والتيمات. وقد عرض الفنان فيليب روشا دا سيلفا، الذي درس التشكيل بباريس ولشبونة ونيويورك, قبل أن يشد الرحال ثانية إلى عاصمة بلده، بشكل فردي أو مشترك في العديد من بلدان العالم كالولاياتالمتحدة وفرنسا وغينيا بيساو وإسبانيا واليونان، على أنه هذه هي المرة الأولى التي يعرض فيها إبداعاته بالمغرب. ولدى دا سيلفا مسار متميز، أيضا، في مجال تدريس الفن عموما والتشكيل خصوصا، ويشغل هذا الفنان حاليا منصب مدير شعبة الفنون البصرية بجامعة إيفورا (البرتغال)، ودرس فنون التشكيل بكل من فلورانسا (إيطاليا) ونيويورك (الولاياتالمتحدة)، كما كتب العديد من المؤلفات والمقالات حول الفن.