بمصادقة البرلمان على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، تكون المملكة قد عززت خطوتها على المستوى المؤسساتي والمسطري، وأعدت رزنامة الترافع الديبلوماسي والسياسي والقانوني في مواجهة خصومها، وذلك من أجل كسب رهان الانضمام إلى المنظمة القارية واستعادة موقعها المشروع. من المؤكد أن هناك محاذير لا بد من استحضارها والاستعداد لها، ولا شك أيضا أن خصوم الوحدة الترابية لبلادنا سيعمدون إلى افتعال العراقيل واصطناع القضايا والتعارضات بمناسبة المؤتمر المرتقب للاتحاد الإفريقي وفِي حواليه، ولكن ما هو مؤكد كذلك هو أن المغرب يعي حجم كل هذه المهام وما تقتضيه المواجهة من نباهة وحزم وذكاء وتعبئة، ومن ثم كل القوى الوطنية معبأة اليوم لكي تربح بلادنا مقعدها الطبيعي والمشروع وسط الهيئة المؤسسية للقارة، ولكي ينجح الاتحاد الإفريقي نفسه في تصحيح خطأ تاريخي، وأن يعود للمشروعية. في السياق ذاته، لا بد اليوم أن نستحضر كون توجه المغرب نحو استعادة عضويته في الاتحاد الإفريقي يمثل خطوة مشروعة وطبيعية وتحظى بإجماع وطني واضح، خصوصا ضمن سياق السعي لتمتين الحضور السياسي والاقتصادي والإستراتيجي للمملكة داخل القارة، وأيضا اعتبارا لمختلف المبادرات والبرامج التي يقودها جلالة الملك لفائدة دول إفريقيا وشعوبها، ومن ثم فالكرة إذن يجب أن يجري رميها في ملعب الأطراف المتحكمة في الهيئة القارية، وخصوصا الأطراف المناهضة للحق المغربي، وهي من يجب عليها اليوم الجواب عن سؤال وطلب الرباط، الذي يحظى بمساندة أغلب دول القارة وأعضاء الاتحاد. وسواء على مستوى السياسة الإفريقية للمغرب، أو على مستوى تطورات ملف وحدتنا الترابية، فالمملكة توجد اليوم في محطة دقيقة تتطلب، فضلا عن النجاعة الديبلوماسية والذكاء السياسي، حرصا عاليا على قوة الجبهة الوطنية الداخلية، السياسية والشعبية، ذلك أن هذه كانت باستمرار الورقة الرابحة في مواجهة خصوم المغرب. انعقاد البرلمان المغربي ومصادقته بالإجماع على الشرط المسطري للطلب، يمثل انخراطا طبيعيا وتلقائيا لمجموع الطيف الحزبي والطبقة السياسية في معركة الدفاع عن الحق الوطني، وهذا يفرض اليوم مواصلة تكريس وتطوير هذه الدينامية التعبوية، وذلك عبر حراك شمولي يقوم على المشاركة والتواصل، وتعريف الرأي العام الوطني ووسائل الإعلام والفعاليات الوطنية بالمستجدات والمساعي والحيثيات، وخصوصا الأحزاب الوطنية الجدية، التي يجب، في إطار قيامها بواجبها، تمكينها من الإسهام الفعلي في هذا التحرك والترافع الوطنيين، وفِي تمتين اليقظة والانتباه للتصدي لمختلف المناورات التي تحاك من لدن الخصوم والأطراف المعادية. وحتى لا ننسى، فإن تقوية الاستقرار الداخلي في كل تجلياته، وصيانة دينامية النموذج الديمقراطي ومواصلة الإصلاحات الكبرى، وحماية المصداقية، وإنجاح البناء السياسي والمؤسساتي الداخلي، في إطار الالتزام بالمشروعية الدستورية، كل ذلك له أثر حقيقي على قوة الموقف الوطني المغربي وصورة البلاد في الخارج لدى الشركاء والأصدقاء وفِي كل المحافل والمنتديات. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته