لم يمر فوز فريق الفتح الرباطي بالبطولة الوطنية لكرة القدم في نسختها الاحترافية الخامسة، دون إثارة الكثير من ردود الفعل المختلفة، وبالرغم من اختلاف كل هذه التعليقات، إلا أنها تجمع على أن الحدث ليس عاديا، خاصة بالنسبة لفريق يعود تأسيسه لسبعين سنة خلت... ولعل الأهمية التي أعطيت للتتويج الفريق الفتحاوي، يعود إلى الصورة التي يسعى مسيروه إلى الترويج لها، وتتعلق بتقديم ناد نموذجي على الصعيد الوطني، في وقت عجزت فيه الكثير من الأندية عن التحول إلى مؤسسة قائمة الذات، بما فيها الأندية التاريخية والتقليدية التي لا زالت تعيش على إيقاع الهشاشة والضعف والهزالة... فمنذ عودة الفتح إلى حظيرة القسم الوطني الأول سنة 2008، تم وضع مخطط يرمى إلى تحويل النادي إلى فضاء متعدد الفروع، لكن بصيغة لا علاقة لها بما سبق، إذ تم تجميع كل الأنواع الرياضية تحت إطار مكتب مديري بصلاحيات واسعة، يعود له أمر تعيين مكاتب الفروع وتمويلها ومراقبة طرق تسييرها، والاحتفاظ بأمر التدخل في حالة تسجيل أي خلل أو خروج عن الإطار المحدد سلفا. وحين نتحدث عن فرع كرة القدم، فنحن نتحدث عن منظومة تضم مجموعة من الأطر التكنوقراط روعي في اختيارهم مسألة الكفاءة والخبرة وحسن السلوك، وأغلب هذه الأطر عبارة عن موظفين ينفذون مهام محددة في الزمان والمكان... على هذا الأساس، فان المتتبعين الرياضيين يعرفون باطنا وسعدان والناهيري والمدرب وليد الركراكي، لكن القلة القليلة هي التي تعرف أن حمزة الحجوي هو الرئيس، وان إلياس الزياتي هو الكاتب العام، وأن امحمد الزغاري يتحمل مسؤولية المدير العام، وغيرهم من الأطر التي تشتغل في صمت بعيدا عن أي بهرجة أو بحث مجاني عن الأضواء، والانتصاب المبتذل أمام عدسات الكاميرات والقنوات التلفزية... فأمام حالات التخبط والفوضى وعدم الاستقرار الذي تعيشها أغلب الأندية الوطنية صغيرة منها كانت أم كبيرة، فإن النموذج الفتحاوي يبقى الأصلح لحد الآن، مادام التطبيق السليم للمنهج الديمقراطي يتم التحايل عليه والالتفاف على النصوص والتدخل السافر في لائحة المنخرطين، وتحويل الجموع العامة إلى فضاءات لتكريس التسيب والتسلط، والمصادقة على تقارير مالية غير واضحة، وبأرقام مشكوك في صحتها... هذا حال أغلب الأندية الوطنية، وبالتالي فأي نموذج مغاير سيكون مرحبا به حتى إشعار آخر...