شرعت اللجنة الموسعة المكلفة بإعداد مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، برئاسة إدريس خروز في عقد أولى اجتماعاتها بشكل رسمي، يوم الأربعاء الماضي بالرباط، بحضور وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي. ويأتي اجتماع هذه اللجنة التي تضم 34 عضوا يمثلون مختلف الفعاليات ذات الصلة الوثيقة بمجالات اللغات والثقافة المغربية، بعد أن أعطى جلالة الملك محمد السادس الموافقة على تشكيلتها وتعيين رئيسها إدريس خروز، وبعد مسلسل تحضيري تراكمي أطلقته وزارة الثقافة منذ سنة 2012، تم من خلاله إعداد مجموعة من الوثائق التي تتعلق بتشخيص الحقل اللغوي ودراسة واقع وآفاق الثقافة المغربية ووضع ورقة تقديمية تتضمن رؤية الوزارة لأهداف المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وصلاحياته وتركيبته، واقتراح جدولة زمنية لتأسيس هذا المجلس الذي يعتبر خاصية مغربية بامتياز، تجمع بين اللغات والثقافة المغربية، عكس المجالس الموجودة في العديد من البلدان والتي تهتم إما بالثقافة أو باللغة. ومن المتوقع أن تشرع هذه اللجنة الموسعة، بعد الانتهاء من تحديد منهجية عملها، في تلقي مذكرات من مختلف الفاعلين من المجتمع المدني والفاعلين المؤسساتيين والفعاليات الثقافية والفنية، حول موضوع مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، خلال الأيام القليلة المقبلة، على أن تنتهي مهامها، في غضون الأسابيع المقبلة، بوضع تقرير تركيبي يتضمن ديباجة أو تصور يفصل الأرضية الحقوقية ويحدد المبادئ والأهداف العامة التي تؤطر المجالين اللغوي والثقافي كما يقوم بتحديد اختصاصات المجلس وتركيبته وكيفية تسيره. وكان وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي، قد أوضح خلال هذا الاجتماع الأول للجنة الموسعة، على أن رؤية وزارة الثقافة لأهداف المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، ترتكز على المبادئ المتعلقة بحرية الرأي والتعبير واحترام التعدد اللغوي وتنوع التعابير الثقافية في إطار الهوية الوطنية وثوابت الأمة التي ينص عليها الدستور، وتعتمد على مقاربة تشاركية تتيح لمختلف الفاعلين في هذه المجالات المساهمة بآرائهم ومقترحاتهم، مشددا على الأهمية التي منحها الدستور للغات من خلال ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية وحماية اللغة الحسانية وصيانة تلاحم وتنوع مكونات الهوية المغربية. وأبرزت الورقة التقديمية التي أعدتها وزارة الثقافة بخصوص إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، مختلف التجارب التي عرفها المغرب منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، في مجال إنشاء المجالس العليا أو المؤسسات التي تعنى بقضايا الثقافة أو اللغة، قبل أن ينص الدستور الجديد على إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، تكون مهمته على وجه الخصوص حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، ويضم كل المؤسسات المعنية بهذه المجالات، ويحدد قانون تنظيمي صلاحياته وتركيبته وكيفية سيره. ومن بين التجارب التي عرفها المغرب في هذا المجال، "معهد الدراسات والأبحاث حول التعريب سنة 1950" و"المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للثقافة سنة 1995" و"أكاديمية محمد السادس للغة العربية سنة 2003" ثم "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية سنة 2001" و"المجلس الأعلى للتعليم سنة 2006". لكن الملاحظ، وفق الوثائق التي أعدتها وزارة الثقافة، أن أغلب تلك التجارب لم يتم تفعيلها، بل أن منها من بقي في حكم المشروع كما الحال بالنسبة لأكاديمية محمد السادس للغة العربية. كما أن تلك التجارب، تراكمت في ظل وضعية ملتبسة على المستوى القانوني والمؤسساتي، تتمثل بالأساس في عدم تحديد من يرجع له اختصاص تتبع السياسة اللغوية ببلادنا بوضوح، وتضارب ومحدودية اختصاصات تلك المؤسسات والمجالس المذكورة وغموض في تطبيق السياسة اللغوية سواء في الإدارة والمؤسسات أو في الحياة العامة. وفي ظل هذه الوضعية الملتبسة، أضفى الدستور الذي أقره المغاربة سنة 2011، الطابع الرسمي على اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية وأكد على وضع نص تنظيمي لتفعيل هذا الطابع، وعلى وجوب حماية اللغتين الرسميتين وصيانة الحسانية وتعلم إتقان باقي اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، وكذا على حماية وتنمية مختلف التعابير الثقافية المغربية.