بداية من أول أمس الأحد قررت الدولة رفع يدها عن تحديد الأسعار القصوى للمنتوجات النفطية. وحسب بلاغ للوزارة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة فإن الأسعار التي أعلنت عنها يوم الأحد الماضي، المتعلقة بالغازوال والبنزين، تكون آخر بيانات لتحديد الأسعار القصوى لتلك المواد. بلاغ الوزارة أفاد أنه، تبعا لمقتضيات قرار الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة رقم 1899.15 الصادر في فاتح يونيو 2015، الذي تم بموجبه تحديد قائمة السلع والمنتوجات والخدمات المنظمة أسعارها، وأيضا تبعا لاتفاق المصادقة على أسعار المواد النفطية المبرم بين الحكومة وقطاع المواد النفطية، ستتوقف الوزارة، ابتداء من أول أمس الأحد، عن إصدار أي بيان حول الأسعار القصوى للمواد النفطية السائلة المتداولة، مضيفا أن كل بنيات هذه الأسعار المطبقة إلى حدود هذا التاريخ لم يعد معمولا بها. وأشار المصدر ذاته إلى أن لجنة الأسعار المشتركة بين الوزارات ستستمر، استنادا لمقتضيات القوانين المعمول بها في هذا الشأن، في عملية تتبع أسعار المواد النفطية المطبقة في محطات الوقود على أساس تطور أسعار المواد النفطية المكررة المتداولة في سوق روتردام. تحرير أسعار المحروقات لن يتم دون مشاكل وخاوف، خاصة تلك الصادرة عن المستهلك الأمر الذي يخشى التلاعبات التي قد تلجأ إليها شركات توزيع الوقود سواء فيما يتعلق بالأسعار أو بالجودة. في هذا الإطار أصدرت وزارة الطاقة، قبل أسابيع، مشروع قانون ينص على "زجر الغش والتلاعب في جودة المحروقات عن طريق فرض عقوبات في حق مرتكبي المخالفات بشأن مواصفات المنتوجات البترولية"، وهي عقوبات تشمل "بالإضافة إلى الغرامات المالية، إمكانية توقيف اعتماد الفاعلين بصفة مؤقتة، أو نهائية". كما نص مشروع القانون على "إلزام شركات التكرير والمستوردين بإعطاء الأسبقية لتموين السوق الداخلي بالمواد البترولية". وفي الوقت الذي مازالت شركة "لا سمير" غارقة في أزمتها التي تسببت فيها مديونيتها الضخمة، وبالتالي، استمرار توقف تموينها للسوق بالمواد النفطية، سيبقى على شركات توزيع المحروقات بالمغرب استيراد كل ما تحتاج إليه السوق من هذه المواد وبمواصفات الجودة حسب المعايير المتفق عليها. هذا الأمر مازال يثير علامات استفهام لاسيما وأن عددا من محطات توزيع الوقود سجلت، في الآونة الأخيرة، خصاصا في مادة البنزين أو الغازوال لأسبوع أو أسبوعين. وبالإضافة إلى مشكل تموين السوق بالمواد النفطية بشكل غير متقطع، تطرح إشكالية الأسعار نفسها بعد التحرير الكامل الذي دخل حيز التنفيذ، مما سيطلق العنان لشركات التوزيع لتحديد الأسعار بحرية تامة. في هذا الإطار وجب التذكير أن الإلغاء التدريجي لنظام المقايسة الذي كان يعتمد في تحديد الحكومة لأسعار المحروقات مر في وقت عرفت فيه أسعار الذهب الأسود انهيارا بلغ 50 دولار للبرميل وأقل. وهو ما انعكس على أسعار الوقود عند التوزيع. ومع ذلك لم ينخفض متوسط سعر بيع المحروقات في المغرب سوى بنسبة 17 في المائة في الوقت الذي عرفت فيه أسعار استيراد هذه المواد انخفاضات بنسب تفوق 30 في المائة. وحسب إحصائيات مكتب الصرف، انخفض متوسط سعر النفط الخام عند الاستيراد بحوالي 34 في المائة خلال السبعة أشهر الأولى من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وانخفض متوسط سعر الغازوال والفيول بنسبة 29 في المائة. والآن بعد أن التحقت المواد النفطية بقائمة الأسعار الحرة يبقى السؤال حول مستقبل سوق مادتي البنزين والغازوال بالمغرب مرهونا بمدى تفعيل صلاحيات مجلس المنافسة والأسعار أو سلطات المراقبة المرتبطة بالوزارات المعنية.