القانون المالي يدخل في صميم اختصاص الحكومة بكاملها نبيل بنعبد الله: القانون المالي يخضع لمسلسل تشاوري عميق يهم التوجهات والإجراءات الأساسية عبد الأحد الفاسي: مشروع القانون المالي الحالي يحمل مجموعة من الإيجابيات أبرزها التأكيد على الأوراش الكبرى رشيد روكبان: مشروع القانون المالي حمل مقتضيات إيجابية خاصة ما يتعلق باستمرار إصلاح صندوق المقاصة صلاح كرين: عدد من التدابير الجبائية التي تضمنها مشروع القانون المالي تتطلب إجراء نقاش عميق بشأنها أكد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وزير السكنى وسياسة المدينة، أن القانون المالي يعد أهم قانون بعد القوانين التنظيمية المنبثقة عن الدستور، وهو طبقا لمضامين هذا الأخير يخضع لمسلسل تشاوري عميق يهم التوجهات والإجراءات الأساسية التي تشمل إنعاش الاقتصاد والجوانب الاجتماعية والإصلاح الجبائي ومسألة التوازنات الماكرو-اقتصادية. وأضاف بن عبد الله، خلال افتتاحه أشغال اليوم الدراسي الذي نظمه فريق التقدم الديمقراطي بالغرفة الأولى للمؤسسة التشريعية بتنسيق مع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، مساء يوم الجمعة الماضي بمقر مجلس النواب، أن القانون المالي يدخل في صميم اختصاص الحكومة بكاملها ورئيس الحكومة، على أساس أنه في إطار احترام الدستور يتم عرض التوجهات الأساسية التي يحملها هذا القانون على صاحب الجلالة في إطار المجلس الوزاري. واعتبر الأمين العام، أن تنظيم هذا اليوم الدراسي حول مشروع القانون المالي برسم 2016، يتيح من جهة مناقشة المقتضيات التي يتضمنها ومن تم التوقف على ما تم القيام به من مجهودات من لدن الحكومة على مستوى تحقيق التوازنات الاقتصادية والمالية وإعطاء دفعة للاقتصاد الوطني حتى يحقق نسبة نمو مرتفعة ويمكن من إحداث مناصب شغل والدفع في اتجاه دعم القدرة على خلق الثروات، ومن جهة أخرى يتيح التدقيق في بعض الإجراءات المتخذة تهم بعض القطاعات، كقطاع الفلاحة والقطاع العقاري بما يمثله من وزن في الحركية الاقتصادية إلى جانب القطاعات الصناعية المرتبطة بإستراتيجية التسريع الصناعي والقطاعات التي لها علاقة بالجانب الاجتماعي، وكذا تقديم مقترحات بشأن المسألة الجبائية. ودعا بن عبد الله أعضاء فريق حزبه النيابي بمجلس النواب، والعضوين المنتخبين مؤخرا بمجلس المستشارين، إلى الحرص على تقديم مقترحاتهم بشأن مشروع هذا القانون، مؤكدا أن لعب الدور السياسي الذي يضطلع به الحزب في إطار التحالف الحكومي، وذلك "بالاستمرار في اعتماد المقاربة النقدية العلنية في ظل الحكومة التي يعد طرفا فيها مع الوفاء لالتزاماته أيضا". ومن جانب آخر، كشف بن عبد الله، خلال حديثه عن السياق الذي أتى فيه هذا القانون، عن أنه بعد تعذر تكوين فريق للتحالف الاشتراكي بمجلس المستشارين كما كان عليه الأمر في الولاية السابقة، سيتم إحداث مجموعة تضم العضوين الفائزين باسم الحزب في انتخابات مجلس المستشارين وذلك بإشراك أحد النقابيين المنتخبين بالمجلس، مشيرا بالقول "سنسعى إلى إكمال العمل الذي كنا نقوم على مستوى هذه الغرفة". ومن جهته، أكد رشيد ركبان رئيس فريق التحالف الديمقراطي بمجلس النواب، على السياق الذي طرح فيه مشروع القانون المالي، فوطنيا يأتي هذا القانون في إطار استكمال البناء المؤسساتي والدستوري، وما يفرضه ذلك من استعمال السرعة النهائية، كما يعد مؤطرا لآخر سنة مالية لهذه الحكومة و آخر فرصة لها لتنزيل برنامجها، فيما دوليا يأتي في إطار وضع عالمي مضطرب، خاصة في المنطقة، فيما منطقة اليورو التي تعد الشريك الخارجي الأساسي للمغرب، تعيش انتعاشا اقتصاديا مقارنة مع السنوات السابقة، والتي من المرجح أن تنعكس على الاقتصاد المغربي بتزايد الطلب الخارجي بنسبة هامة خلال سنة 2016، بعد أن وصلت النسبة إلى 4.4 في المائة سنة 2015، مقابل 3.3 في المائة سابقا، مشيرا إلى استمرار تراجع أسعار البترول و التأثير الجد الهام لذلك على الميزانية الوطنية. ووصف ركبان الفرضيات التي اعتمدت في التوقعات التي حملها مشروع القانون المالي، خاصة فيما يتعلق بتخفيض نسبة العجز ب3.5، ونسبة النمو المحددة في 3 في المائة ونسبة التضخم في 1,7 في المائة، بأنها فرضيات موضوعية وغير مبالغ فيها، معتبرا إياها بمثابة مؤشرات على نجاح الحكومة وعلى ثقة المستثمرين الأجانب في المغرب، الذين استثمروا أموالهم في العديد من القطاعات . ونبه المتحدث إلى أن مشروع القانون المالي حمل مقتضيات إيجابية خاصة ما يتعلق باستمرار إصلاح صندوق المقاصة التي انخفضت تكلفته خلال هذه الحكومة من 57 مليار درهم إلى 15 مليار، مبرزا أن تنظيم هذا اليوم الدراسي سيمكن من رصد مختلف الإجراءات التي تمت بلورتها في وثيقة هذا القانون وتعميق النقاش بشأنها في أفق بلورة مقترحات وتقديمها ،معلنا في هذا الجانب أن "العمل سيتم بتشارك مع فرق أحزاب الأغلبية". وقال موضحا بهذا الخصوص "من باب المسؤولية نواصل كل الدعم للحكومة في كل المشاريع والقرارات المنسجمة مع البرنامج الحكومي ، وحتى تلك التي وجدنا أنها تنسجم مع توجهاتنا التي نؤمن بها داخل الحزب أو حتى القرارات والقيم الجماعية والفردية التي ندافع عنها"، مضيفا "كما جرت العادة سنشتغل جبنا إلى جنب مع فرق النيابية التي تنتمي لأحزاب الأغلبية لمناقشة التعديلات التي يمكن تقديمها وإدخالها على مشروع القانون المالي ". ومن جانبه، شدد عبد الأحد الفاسي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، على أهمية مسألة تقديم الحساب لنتائج السنة الماضية، بحيث على الحكومة ألا تغفل هذا الجانب عند تقديمها لمشروع القانون المالي، مقترحا من جانب آخر اعتماد مقاربة متعددة السنوات لوضع المشروع وعدم الاكتفاء بالمقاربة السنوية، على اعتبار أن المقاربة المتعدد تمكن من وضع تصور على مدى زمني مناسب يمكن أن يؤدي في أحد جوانبه إلى تحسين شروط المنافسة. واعتبر الفاسي، الذي أفاد في بداية عرضه أن قراءته لمشروع القانون المالي لن تكون محايدة حيث سيركز على بعض القطاعات دون أخرى، (اعتبر) أن مشروع القانون المالي الحالي يحمل مجموعة من الإيجابيات أبرزها التأكيد على الأوراش الكبرى عبر التركيز على مخطط تسريع التصنيع، ثم تحسين مناخ الأعمال عبر دعم الاستثمار الخاص ومواكبته، والحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية، والمجال الاجتماعي بالرفع من ميزانية قطاع الصحة، وتخصيص دعم للأرامل والمطلقات. وقال في هذا الصدد "إن التأكيد في المشروع على هذا الجانب المتعلق بالمخططات التي بدأ بعضها قبل مجيء هذه الحكومة، خاصة مخطط تسريع التصنيع الذي خصصت له فقرة خاصة ضمن مشروع هذا القانون، في حين المخططات الأخرى وبالتحديد مخطط المغرب الأخضر والصيد البحري تم تجميعها في فقرة واحدة، هو أمر لا يمكن إلا نثمنه لكونه مخطط له أهداف كبرى، حيث يهدف إلى الانتقال بمساهمته في الناتج الداخلي الخام في أفق 2020 من 14 في المائة إلى 20 في المائة، وإحداث أكثر من نصف مليون منصب شغل، "والأهمية الكبرى للتصنيع هي أن نقطة واحدة ناتجة عنه تمكن من خلق 30 ألف منصب شغل قار"، حسب المتحدث. لكن في المقابل، اعتبر الفاسي على أنه بالرغم من أن حجم الاستثمار مهم والذي يبرز من خلال قطاع السيارات وبعض الصناعات التحويلية التصديرية، فإن وتيرة الإنجاز تبقى بطيئة وغير كافية، مشيرا أن مسألة المخططات أمر مهم، لكن وتيرة الإنجاز غير كافية و وثيقة المشروع نفسها سجلت هذه الملاحظة، يوضح المتحدث، داعيا إلى العمل والبحث عن مخارج لتقوية الآثار الناتجة عن هذا الجانب من خلال خلق مناصب الشغل والاختيار بشأن نوعية الاستثمارات وتحسين الحكامة والالتقائية ونظام الجهوية، وضمان عنصر الإدماج . أما فيما يخص القضايا الاجتماعية، سجل الفاسي التطور الهام في الميزانية المخصصة للصحة ضمن مشروع هذا القانون، حيث تم توفير موارد مالية عبر إصلاح صندوق المقاصة، مشيرا في هذا الصدد إلى نظام الرميد الذي بات من خلاله يتم تشجيع الطلب على الخدمات الصحية التي يجب أن ترقى للمستوى المطلوب، يؤكد الفاسي. وفي المقابل لاحظ المتحدث الانخفاض الذي عرفته الميزانية المخصصة للتعليم، مشيرا إلى نوع من التناقض المسجل على هذا المستوى حيث أنه في الوقت الذي يجمع فيه الكل على أهمية القطاع ومحوريته وأولويته، فإن الميزانية المخصصة له تم خفضها، كما أن كثلة الأجور عرفت انخفاضا ،وذلك بالنظر لنسبة عدد رجال ونساء التعليم الذين أحيلوا خلال هذه السنة على المتقاعد، فيما عدد مناصب الشغل المخصصة للقطاع لم تتجاوز 8000 منصب، يشير الفاسي. وفيما يتعلق صندوق التنمية القروية والجبلية والذي خصصت له ميزانية تصل إلى 55 مليار درهم، والذي أثير حوله الكثير من النقاش، اعتبر الفاسي إلى أن له نفس الأهداف التي من أجلها تم إحداث صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن، لذا "يجب تحديد أوجه التكامل بين هذه الصناديق"، يقترح المتحدث. كما دعا بشأن صندوق التضامن بين الجهات، إلى تعميق النقاش بشأن مسألة الالتقائية للسياسات العمومية التي لها نفس الآمر بالصرف. فيما اعتبر الخبير الاقتصادي صلاح كرين، أن عددا من التدابير الجبائية التي تضمنها مشروع القانون المالي تتطلب إجراء نقاش عميق بشأنها، خاصة ما يتعلق بالرفع من الضريبة على النقل السككي، وكذا مسألة إحداث جدول نسبي يخص الضريبة على الشركات، ثم مراجعة تعريفة الضريبة على مباني الأشخاص ، وكذا تشديد تجريم الغش والتملص الضريبي، مشيرا إلى أن التبريرات التي قدمتها الحكومة لطرح هذه التدابير كلها غير مقنعة. ودعا المتحدث إلى ضرورة بلورة مقترحات بديلة بهذا الخصوص، سواء بالنسبة للضريبة على النقل السككي، الذي يعد وسيلة نقل غير ملوثة والذي يعد في العديد من البلدان منفعة عمومية ،علما أنه في المغرب تستعملها بشكل كبير فئات الطبقة الوسطى، أو للضريبة على مباني الأشخاص . وأضاف على أن مسألة الغش والتملص الضريبي يجب أن تكون موضوع استراتيجية وطنية ويتم معالجتها وفق مقاربة شمولية، مقترحا أن يتم مثلا في إطار إصلاح القضاء الجاري حاليا، العمل على إقرار عقوبات بديلة فيما يخص التملص الضريبي خاصة في حالة العود عوض السجن الذي سيضيع على خزينة الدولة مبالغ مالية ويزيد من اكتظاظ السجون . ودعا بهذا الخصوص الحزب إلى تفعيل إحدى المقترحات التي تضمنها في برنامجه الاقتصادي والاجتماعي المصادق عليه في المؤتمر الأخير، ممثلا في خلق هيئة للسهر على لبلورة تدابير بشأن فعالية والإنصاف في الميدان الجبائي وفي نفس الوقت لمحاربة الغش"، قائلا "بالنسبة للمقتضيات التي تضمنها القانون المالي على هذا المستوى "إن الأمر جد معقد ويتطلب البحث بشكل عميق عن تدابير تكون عملية وناجعة، إذ لا يمكن بجرة قلم القول أنه سيتم القضاء الغش ومحاربة التملص الضريبي".