مروحيات عسكرية إسبانية كانت تحلق في السماء الوطنية أثناء وجود الملك في الحسيمة خلاف جوهري عميق حول السيادة على مدينتي سبتة ومليلية يبدأ وزير الداخلية الإسباني ألفريدو بيريز روبالكابا يومه الإثنين زيارة رسمية للمغرب يلتقي خلالها بنظيره المغربي الطيب الشرقاوي، في مبادرة لتبديد حالة التوتر التي عرفتها علاقات البلدين خلال الأسابيع الماضية. والتي يقف وراء حدوثها التحليق المتكرر لمروحيات عسكرية إسبانية فوق الأجواء المغربية والتعامل العنصري والتعنيف الصادر عن عناصر الشرطة الإسبانية اتجاه عدد من المواطنين المغاربة بالمعبر الحدودي لمدينة مليلية المحتلة، هذا ومن المنتظر أن يتطرق الجانبان خلال هذا اللقاء أيضا لعدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، منها على الخصوص التعاون الأمني بارتباط مع محاربة الإرهاب والهجرة غير القانونية وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة. وتأتي هذه الزيارة لتجسد تلك الإرادة السياسية للبلدين للجارين (المغرب وإسبانيا)، لجعل الحوار المسلك الرئيسي لحل مختلف المشاكل العالقة والطارئة، هذه الإرادة التي أكد عليها عاهلا البلدين الملك محمد السادس والملك خوان كارلوس خلال المكالمة الهاتفية التي تمت مؤخرا بينهما حينما عبرا عن مثانة العلاقات بين البلدين والتأكيد «أن الأحداث التي وقعت خلال الأسابيع الأخيرة لا يمكن أن تضر، بأي حال من الأحوال، بنوعية العلاقات المغربية الإسبانية». واتفق العاهلان على الالتقاء قريبا في لقاء غير رسمي سيحدد موعده لاحقا . وارتباطا بالموضوع، قال خالد الناصري وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال المؤتمر الصحفي يوم الخميس الماضي على إثر انعقاد مجلس الحكومة، «إن الاحتقان الذي يطفو بين الفينة والأخرى على سطح العلاقات الثنائية بين البلدين مرده خلاف جوهري عميق حول السيادة على مدينتي سبتة ومليلية»، مبرزا «أن المغرب الذي يشدد على موقفه المبدئي غير القابل للتزحزح قيد أنملة بهذا الخصوص، يؤكد كما جاء في المكالمة الهاتفية بين جلالة الملك محمد السادس وجلالة الملك خوان كارلوس (أن المشاكل إذا ما حصلت، فالمطلوب هو العمل على تجاوزها وخلق مناخ مناسب لقيام علاقات تقوم على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة)». وبخصوص الأسباب الحقيقة وراء اندلاع حالة التوتر مؤخرا بين البلدين، أكد الناصري أن تكرار تحليق مروحيات عسكرية إسبانية أثناء وجود الملك محمد السادس بمدينة الحسيمة، لعبت دورا في توتر العلاقات، مضيفا «إن تحليق المروحيات العسكرية الإسبانية فوق المياه الإقليمية والتراب المغربي أمر مرفوض، وأن المغرب يذكر في هذا الصدد بأخلاقيات التعامل الدولي في المجال». ومن جهة أخرى، اعتبر الناصري زيارة خوصي ماريا أثنار الرئيس الشرفي للحزب الشعبي الإسباني المعارض لمدينة مليلية، بأنها «محاولة يراد من خلالها التشويش على المجهودات التي تبذلها كل من الحكومة المغربية والحكومة الإسبانية لتطويق الخلافات المطروحة والتي عبر المغرب بكل وضوح بشأنها من خلال بلاغات وزارة الشؤون الخارجية، بل والتشويش في هذا الصدد على زيارة وزير الداخلية الإسباني للمغرب يومه الاثنين». وأضاف «إن ما يهمنا ليس عمليات التشويش الصغيرة هذه، وإنما العمل مع الجانب الإسباني على معالجة القضايا المطروحة بشكل جدي يأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلدين في بناء شراكة جدية». وحول موقف الحكومة من احتجاجات عدد من هيئات المجتمع المدني المغربي على المعبر الحدودي لمليلية، أكد الناصري «أن المغرب بلد ديمقراطي وأن لمواطنيه الحرية الكاملة للتعبير، وعلى وسائل الإعلام الإسبانية أن تميز بين الفعل الصادر عن الحكومة والذي عبرت عنه عبر بلاغات وزارة خارجيتها، ورد الفعل الصادر عن المجتمع المدني». وأضاف ليس لي أن أحكم على الحركة الاحتجاجية التي خاضتها الساكنة بشكل تلقائي كرد فعل على المعاملة السيئة التي طالت عددا من المغاربة على المعبر الحدودي لمليلية ، مشيرا أن هدف الحكومة هو خلق الظروف المواتية لحوار جدي مع إسبانيا يأخذ بعين الاعتبار المعطيات الأخيرة التي كانت وراء إثارة غضب هيئات المجتمع المدني المغربية». وذكر الناصري بهذا الخصوص «أن المغرب لا يعتبر الجمعيات الإسبانية التي تتمتع بكامل الحرية للاحتجاج بأنها مسخرة من قبل السلطات الإسبانية» في إشارة إلى بعض الجمعيات الإسبانية التي تساند طروحات البوليساريو، متمنيا «أن يكون لدى الإسبان نفس النظرة اتجاه الجمعيات المغربية، والتمييز بين الفعل الصادر عن هذه الأخيرة والفعل الصادر عن الحكومة المغربية التي طالبت في بلاغاتها بالحصول على التفسيرات والأجوبة الضرورية بخصوص ما حدث، وتعمل في ذات الوقت على خلق الظروف لعودة العلاقات إلى وضعها الطبيعي في احترام تام لحقوق المغرب وحقوق إسبانيا التي تعد شريكنا في المنطقة».