تسلم الشاعر البرتغالي نونو جوديس بفضاء المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، جائزة الأركانة العالمية للشعر في نسختها التاسعة. واعتبرت لجنة تحكيم الجائزة، التي ترأسها الشاعر حسن مكوار، أن الشاعر البرتغالي نونو جوديس، أحد الأسماء الشعرية الأكثر حضورا وتأثيرا في المشهد الشعري المعاصر في بلاده وفي الشعرية الإنسانية، استحق هذا التتويج "لتجربته الشعرية الطليعية التي عرفت انطلاقتها مع بداية احتضار الديكتاتورية السالازارية وانبثاق لحظة جديدة في حياة البرتغال". وأضافت أن التبصر والعمق في تأمل الأشياء لدى الشاعر المحتفى به جعلاه "يستقصي الجذور الخفية للقول الشعري في مسارات بحث لا ينقطع عن الجوهر اللغوي للإبداع الشعري"، مبرزة أن لديه "اقتدارا قويا على الحكي وتوظيف السرد الذي يساهم في رسم استراتيجيات وظيفية جديدة للنص الشعري، مستحضرا الأبعاد الأوتوبيوغرافية التي تقرب الشعري من المكاشفة المفتوحة على الذات والأحاسيس والتجارب، بما فيها الحميمي والمنفلت المستعصي على الوصف". وأبدى الشاعر المحتفى به تأثره بهذا التكريم الذي حظي به في بلد شعر دائما أنه بلده الثاني، معتبرا أن "قيمة الجائزة لا تكمن في أهميتها الأدبية، بل في بعدها الوجداني كمساحة للقاء بين ثقافتين لم ولن يستطيع البحر واختلافاتنا الطبيعية الفصل بينهما". وأكد على أن للشاعر وظيفة أساسية تتمثل في "تأبيد القيم الكبرى للإنسان"، مبرزا أن الشعر يبقى القيمة النبيلة الأسمى للإنسانية، والتي تجعل من الحياة مادة أولية للقصيدة باعتبارها جوهر الطبيعة الإنسانية. وبهذه المناسبة، قال رئيس بيت الشعر نجيب خداري إن الجائزة توجت هذه السنة شاعرا ينتمي لبلد "قريب جدا في الذاكرة والأرض"، واصفا جوديس بكونه "الشاعر الذي يفتن العالم بقصائد عميقة تختزل الوجود في كلمات قليلة، بسيطة، مضيئة". وفي السياق ذاته، اعتبر وزير الثقافة محمد أمين الصبيحي، أن الشاعر نونو جوديس يتميز "بطليعيته، وعمقه، واشتغاله المستمر على تطوير الكتابة الشعرية"، معربا عن أمله في أن تسهم هذه الجائزة بفضل بعدها العالمي في "أن يستفيد الشعر المغربي من الحوار الإبداعي سواء مع الأعمال المتوجة، المنتمية لحساسيات وأراض ثقافية مختلفة، أو مع النصوص الأساسية والمؤسسة التي يحفل بها المشهد الشعري العربي والإفريقي والعالمي". ويذكر أن لجنة تحكيم جائزة الأركانة العالمية للشعر، التي يمنحها بيت الشعر بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير وبتعاون مع وزارة الثقافة، ضمت إلى جانب الشاعر حسن مكوار (رئيسا)، كلا من الناقد عبد الرحمن طنكول، والشعراء حسن نجمي، ونجيب خداري، ورشيد المومني، وخالد الريسوني. ويشار إلى أن نونو جوديس حاز عدة جوائز اعترافا بجهوده في بلورة وتطوير شعرية تؤسس لمعرفة قلقة بأسرار الوجود من خلال القصيدة من أهمها جائزة بابلو نيرودا سنة 1975، وجائزة الشعر للجمعية البرتغالية للكتاب وجائزة إيسى كايروس التي تمنحها بلدية لشبونة عن ديوانه "تأمل في الخرائب" سنة 1995. كما نال عن مجموع أعماله جائزة النقد في سنة 2001، وهي الجائزة التي يمنحها المركز البرتغالي للجمعية الدولية لنقاد الأدب إضافة إلى جائزة الملكة صوفيا للشعر الإيبيرو أمريكي سنة 2013 عن مجموع أعماله أيضا. وولد جوديس في بميشلويرا غراندي بإقليم ألغربي سنة 1949. درس الآداب الرومانية في جامعة لشبونة الكلاسيكية. وعمل أستاذا بالجامعة الجديدةللشبونة التي نال فيها درجة الدكتوراه سنة 1989 بعد أن تقدم بأطروحة لنيل الدكتوراه ببحث في الآداب القروسطية. وسبق وأن عمل مستشارا ثقافيا بسفارة البرتغال في فرنسا ومديرا لمعهد كامويش بباريس. وقد ترجمت أعمال نونو جوديس، الذي يعتبر أهم سفير للأدب البرتغالي في العالم، إلى العديد من اللغات كالفرنسية والإسبانية والإنجليزية والألمانية والإيطالية والعربية.