العام الجاري يحضن كثير تطلعات وآمال لفئات مختلفة من شعبنا، كما أنه لا يخلو من مميزات يرصدها المختصون في ميادين كثيرة، اقتصادية ومالية واجتماعية وثقافية ومؤسساتية ودولية، ولكنه هو عام السياسة بامتياز. في بداية 2015 يستمر النقاش والتشاور حول مشاريع القوانين الانتخابية، وفي هذا العام كذلك من المقرر أن تنظم الانتخابات الجماعية والإقليمية والجهوية والمهنية، وارتباطا بهذين السياقين الهامين تتكثف التحركات الحزبية من الآن لنسج تحالفات محلية هنا وهناك بمختلف جهات المملكة، وكل طرف هو حاليا بصدد تحديد أهدافه الانتخابية والسياسية علاقة بالموعد الانتخابي المرتقب. كل هذا قد يبدو عاديا ولا يحمل أي تميز، لكن واقع ممارستنا الحزبية والسياسية اليوم هو ما يمنح لهذه السنة طبيعتها الخاصة والمختلفة عن سابقاتها. لقد كثرت السطحية من حولنا، وبات من يصرخ أو يشتم أكثر هو الأكثر بروزا في المشهدين السياسي والإعلامي، وبدل أن يفكر البعض بحجم الوطن وتحدياته صار لا يفكر سوى وفق حسابات صغيرة وصغيرة للغاية. قد تشهد سنة 2015 تحولات داخلية، ثانوية أو جوهرية، داخل بعض أحزابنا أو حواليها، ولكن المأمول، في كل الأحوال، ألا تتجسد السطحية المومأ اليها في نتائج الاستحقاقات المقبلة، وفي ما سينجم عنها من هياكل تمثيلية وواقع سياسي وتدبيري على صعيد الجماعات الترابية. الانتخابات المقررة هذه السنة يجب أن تفرز لنا مدبرين يمتلكون الكفاءة والنزاهة والمصداقية لتسيير جماعاتنا البلدية والقروية، وذلك بما يقطع مع الكوارث التي عانى منها شعبنا في عديد جهات البلاد، وأساسا في المدن الكبرى . هذه الانتخابات، وأيضاً تلك التي ستليها في العام الموالي، يجب أن تمنح لبلادنا نخبا حقيقية لها الخبرة السياسية والمصداقية الأخلاقية والغيرة الوطنية والكفاءة التكوينية، بدل كثير فراغ صار يحيط بِنَا في السنوات الأخيرة وينذر بكثير مخاطر. هذه الانتخابات، بصفة عامة، يجب أن تكرس في بلادنا تعددية سياسية حقيقية بلا أي تحكم أو هيمنة أو انفراد، ذلك أن المملكة تميزت باستمرار بهذه التعددية بالذات، وبوجود أحزاب حقيقية وذات قرار مستقل، وهذا ما مثل صِمام الأمان الحقيقي طيلة تاريخنا السياسي الوطني، ومن يعتقد اليوم بإمكانية القفز على ذلك فهو خاطئ ولا يفكر في مصلحة البلاد. المحطات السياسية لهذا العام تمثل إذن رهانا حقيقيا يجب العمل على كسبه خدمة لبلادنا ولمستقبلها، وأيضاً لأن ربح الموعد السياسي هو المدخل الأساسي لتحقيق باقي النجاحات، أي إنجاح الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتطوير شروط عيش شعبنا بشكل ملموس، إضافة إلى أن هذا النجاح السياسي وامتلاك نخب حقيقية في الجماعات الترابية بمختلف مستوياتها هو ما سيقوي مسار بلادنا في محاربة الفساد والمفسدين وتعزيز دولة القانون والمؤسسات. التحدي يوجد هنا بالذات، أي أن تكون السياسة والانتخابات جاذبتين لاهتمام شعبنا، ومدخلهما لتحقيق مطالبهما ولكي تستعيد السياسة نبلها وجديتها بلا كل هذه التفاهة التي صار روادها معروفين اليوم عند المغاربة. 2015 هو عام للسياسة إذن ، فليعمل الجميع من أجل أن تربح بلادنا التحدي. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته