ندوة فكرية بإنزكان احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، حسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يقر بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة، فضلا عن قرار اليونسكو الداعم لمبادرة الاحتفال بلغة الضاد في يومها العالمي، نظم نادي الثقافة والفنون البصرية بثانوية الصفاء التأهيلية نيابة إنزكان ايت ملول أكاديمية سوس ماسة درعة ندوة ثقافية تربوية تحت عنوان: اللغة العربية وتحديات العولمة شارك فيها الأساتذة: عبد السلام دخان، أسماء كريم، إبراهيم أمغار، عبد اللطيف معزوز، محمد النوحي. وانطلق الأستاذ عبد السلام دخان في كلمته من أصل كلمة لغة النابع من لفظة" لوغوس" في المتن الفلسفي اليوناني والمرادف لمعنى كلمة. ومن التلازم القوي بين اللغة وبين طابعها التواصلي والإبداعي، مؤكدا أن هذا اللقاء يجسد الرغبة في خلق جسور التواصل بين الأساتذة والناشئة الأدبية، وترسيخا للهوية اللغوية وتعريفا بتحولاتها ومنعطفاتها والتحديات التي تواجهها في عصر الصورة. فلا تكفي اليوم وضعية اللغة العربية كلغة سامية تلقب بلغة الضاد لكونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف الضاد. وهي لغة القرآن الكريم لقوله عز وجل: إنا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" آية 2 من سورة يوسف. لأنها كغيرها من اللغات تواجه جملة من التحديات خارجيا، مثل هيمنة اللغات الأخرى كاللغة الإنجليزية، وداخليا مثل ضعف تلقي اللغة والإلمام بمكوناتها وعلومها المختلفة من لدن الأجيال الجديدة سواء في البلدان العربية الاسلامية أو في البلدان الغربية من لدن الجاليات العربية. مما يستوجب خلق ثقة بين هذه اللغة وبين أبنائها، وخلق مبادرات تنموية فاعلة ترتبط ببرامج دقيقة لتيسير تعليم النحو وعلوم اللغة لدى الناشئة من أجل استقامة اللسان، والانفتاح الواعي على الوسائل التقنية الرقمية لكون اللغة كائن حي يحتاج إلى الرعاية والمثابرة والاجتهاد والتوجيه. فالأمر شبيه بالشجرة الوارفة التي تحتاج إلى أن تشذب باستمرار. وهذا الأمر ينبغي أن تقوم به مجاميع اللغة العربية والهيئات المؤسساتية سواء منها الرسمية أو المنتخبة والجمعيات المدنية. فاللغة العربية بوصفها لغة البيان والتبيين ولغة الحكمة تحتاج حب في مستوى شموخها وتاريخها العريق. وانطلقت الأستاذة أسماء كريم في مداخلتها من استحضار طبيعة اللغة العربية كنسق ونظام يدرس عبر مستويات عدة ومنها المستوى الصوتي ضمن مايعرف بعلم الأصوات الذي يهتم بالجانب الصوتي في اللغة العربية، فالصوت اللغوي هو أصغر وحدة لغوية لاتحمل معنى إلا في سياق علاقتها بالوحدات الأخرى. والمستوى التركيبي الذي يستوعب البنية النحوية من أجل السلامة اللغوية في التعبير. بيد ان المستوى المعجمي يتسم بالغنى والوفرة بالنظر غلى ماكتبه العرب في هذا المجال. واللغة العربية وهي تستند إلى هذه المرتكزات تجنبنا الوقوع في اللحن وتمكن صاحبها من القدرة على استعاب مختلف المفردات وصيغها النحوية والبلاغية وتكون منطلقا من أجل تشييد مستوى رفيع للتلقي وإنتاج المعرفة. وهذه المستويات تساهم في صقل التجارب من أجل تذوق اللغة العربية على نحو جمالي. وكشفت مداخلة الأستاذ إبراهيم أمغار البدايات المبكرة لمفهوم العولمة ومراحل تطورها، وعن تفاصيل دقيقة من تاريخ اللغة العربية المنبثقة من النبطية، والكلام العربي بلغة العرب العاربة أي بلغة حمير وطسم وجديس وارم وحويل. فالعرب لم تعرف الكتابة إلا مع بداية الإسلام وقد تطورت اللغة بعد الإسلام بشكل كبير وتطور الخط وشكله وساهم الاتصال بالحضارات الأخرى والتفاعل بالثقافات الأخرى في جملة من التحولات خاصة في جانب التحول اللغوي.غير أن الأدوات التكنولوجية تطرح اليوم تحديا جديدا ضمن ثقافة اللمس التي تشكل تحديا حقيقيا في تدريس اللغة العربية. وأضاف الأستاذ إبراهيم أمغار أن قيمة اللغة ترتبط بالوسط الإجتماعي الذي يشهد جملة من التغيرات تستدعي مواكبة من أجل التطور وتحدي الثقافة الرقمية. ومن سؤال مركزي مفاده: هل يحق لنا أن نتحدث عن قطبين بين اللغة العربية والعولمة انطلق الأستاذ عبد اللطيف معزوز في مداخلته مركزا على إشكال التعامل مع عنوان الندوة خاصة في العلاقة بين المعطوف والمعطوف عليه. فضلا عن موقع اللغة العربية في خريطة العولمة، ورصد المؤتلف والمختلف بينهما. فالعلوم الإنسانية تتسم بنسبيتها، واللغة ظاهرة إنسانية ومن ثمة فاللغة العربية هي كلام وفكر.لأننا نفكر باللغة العربية ونرى العالم بها. والعولمة في تعريفها الرومانسي الذي يجعل العالم قرية صغيرة تختفي فيها الفوارق تقدم رؤى وردية لكن الطريق إلى جنتها محفوف بالأشواك. وأصول العولمة قديمة بداية من حروب الإسكندر الأكبر وحملات نابليون بونابارت والحركات الاستعمارية وانهيار جدار برلين بوصفه علامة عن عولمة يحكمها المؤشر الاقتصادي بشكل أساس. أما العولمة الثقافية فهي أشبه بالبعثات الثقافية في القرن التاسع عشر. ومن هنا فإن المدخل الاقتصادي يمكن عده أساسا لتطوير اللغة. وبموجب هذا القول ينبغي أن تكون اللغة العربية مرتبطة بالإقتصاد على نحو تجربة الصين التي استغلت البعد الاقتصادي لتطوير ونشر لغتها في كافة أنحاء المعمور.