في خطوة ذات بعد عميق يروم الاستجابة للحاجيات المستعجلة والآنية في الحصول على الخدمات الصحية لفائدة ساكنة المناطق المتضررة من الفيضانات والمناطق المعزولة والنائية، خاصة بالوسط القروي، أعلن البروفيسور الحسين الوردي وزير الصحة، أول أمس الخميس، عن إطلاق الوزارة عملية "رعاية"، الرامية إلى توفير التغطية الصحية من أجل تيسير ولوج الفئات الهشة للخدمات الصحية. العملية التي تستهدف أيضا مجموع الساكنة بالمناطق المتضررة من الفيضانات، ستمتد طيلة الثلاثة أشهر القادمة، وستهم أكثر من 800 ألف نسمة، تتوزع على 15 إقليما بأربع جهات للمملكة هي جهة كلميمالسمارة، وجهة سوس ماسة درعة، وجهة مراكش تانسيفت الحوز، وجهة مكناس تافيلالت. وأوضح الوزير الذي كان يتحدث في ندوة صحفية مشتركة مع ممثلي الهيئة الوطنية للأطباء ومدراء المستشفيات الجامعية، ومهنيي قطاع الصيدلة، ونقابات الأطباء بالقطاع العام والخاص، وممثلي مجموعة من هيئات المجتمع المدني في مجال تقديم الخدمات الطبية، أن عملية "رعاية" ليست صدقة أو عملية إحسانية، بل هي حق للمواطنين في الحصول على العلاج والعناية الصحية، كما تم التنصيص عليه في دستور 2011، وهو واجب ملقى على كاهل الدولة ووزارة الصحة القيام به". وأضاف الوزير أن عملية "رعاية" التي تأتي تنفيذا للتعليمات الملكية للملك محمد السادس، تهدف أساسا ضمان توفير الخدمات الصحية الأساسية بصفة مستمرة للسكان المتضررين، وتدارك الخدمات الوقائية التي لم يتم الاستفادة منها خلال فترة العزلة، وتكثيف أنشطة الوحدات الطبية المتنقلة في المناطق النائية، فضلا عن توفير التكفل بالمرضى عن طريق تنظيم قوافل طبية متخصصة وفقا للاحتياجات التي سيتم تحديدها. وقال الوزير، خلال هذا اللقاء، إن العملية سيتم تفعيلها على مرحلتين. الأولى عبر توفير الخدمات الطبية الأساسية بشكل مستمر ومنظم وذلك عن طريق تنفيذ برنامج مستعجل للوحدات الطبية المتنقلة محدد في الزمان والمكان، حيث سيتم برمجة حوالي 1056 زيارة ميدانية لنقط تجمع السكان تم تحديدها مسبقا، فيما ستهم الثانية برمجة حوالي 971 زيارة ميدانية للوحدات الطبية المتنقلة مع تعزيزها بتنظيم 20 قافلة طبية متخصصة. وأشار في هذا الصدد إلى الشروع في عملية تعزيز التغطية الصحية المتنقلة عبر إقامة مستشفى متنقل يضم جميع الخدمات الاستشفائية والطبية المتخصصة لفائدة ساكنة المناطق القروية النائية، معتبرا أن إقامة هذا النوع من المستشفيات من شأنه تقريب الخدمات للساكنة في ظروف جيدة توازي تلك المقدمة في المؤسسات الاستشفائية الجامعية المعروفة، وذلك عوض بناء مستشفيات تتطلب مزانيات ضخمة، معلنا أن أول مستشفى من هذا النوع تمت إقامته حاليا بجماعة بومية بإقليم ميدلت و بدأت الساكنة تستفيد منه منذ 5 دجنبر الجاري، وهو مستشفى مكيف ويتوفر على جهاز السكانية، و3 قاعات لإجراء العمليات الجراحية. وأكد الحسين الوردي أن الوزارة أعدت جميع الجوانب التي من شأنها ضمان نجاح هذه العملية سواء منها الموارد البشرية والأدوية والتجهيزات الطبية ووسائل التنقل اللازمة، إذ سيتم في هذا الإطار تعبئة حوالي 763 من الموارد البشرية، منها 124طبيبا عاما، و 200 طبيبا أخصائيا، و 20 صيدليا، و 314 ممرضا، و 105 سائقا، كما سيتم استعمال 70 وحدة طبية متنقلة، و 45 سيارة إسعاف، و 10 عيادات طبية متنقل، و مروحيتين للنقل الاستعجالي، واحدة انطلاقا من مراكش والثانية من العيون "ابتداء من فاتح يناير 2015"، فضلا عن تحديد 20 مراكزا استشفائيا خاصا للحالات الوافدة من المناطق المستهدفة. وكشف الوردي، في هذا الصدد، عن اعتماد المقاربة التشاركية "كإحدى الأسس الهامة لتنفيذ عملية "رعاية"، إذ تم تفعيل الشراكة بين القطاع الخاص والعام، مشيرا إلى أن أحد المحار الرئيسية التي تضمنتها استراتيجية قطاع الصحة، تتعلق بتقليص الفوارق في الولوج للخدمات الصحية بين الساكنة في القرى النائية والمعزولة والمناطق صعبة الولوج، بل والعالم القروي بصفة عامة.