انتصار ديبلوماسي جديد لدعم مقاربة الحكم الذاتي حظي المقترح المغربي المتعلق بتخويل الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية، وكذا المقاربة الحقوقية للمغرب في أقاليمه الجنوبية، بتأييد جديد من لدن الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي. فقد وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، يوم الثلاثاء المنصرم، على وثيقة التصديق على قانون المالية برسم سنة 2015 والتي جاءت لتكرس بشكل واضح المساعدات الأمريكية المتعلقة بتنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، تماشيا مع دعم واشنطن لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. في اليوم ذاته، أي الثلاثاء المنصرم، حيى الاتحاد الأوروبي دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مجال مراقبة حقوق الإنسان والدفاع عنها بالصحراء المغربية، مشيرا، في إعلان صدر عقب أشغال الدورة 12 لمجلس الشراكة المغرب - الاتحاد الأوروبي الذي انعقد ببروكسيل، إلى ما يتم بذله في مدينتي العيون والداخلة كقاطرتين للتنمية الاقتصادية والحقوقية للملكة المغربية في أقاليمها الجنوبية. وشدد إعلان الاتحاد الأوروبي الذي لم تستسغه الجزائر، على إيمانه الراسخ بضرورة تسوية نزاع الصحراء المغربية انطلاقا من المخطط المغربي، معلنا دعمه الكامل لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي على مساعدة الأطراف على التوصل إلى "حل سياسي عادل ودائم ويحظى بقبول جميع الأطراف المعنية". وإذا كان التصديق على قانون المالية الأمريكي برسم سنة 2015 يعتبر دعما واضحا للمقترح المغربي للحكم الذاتي الذي وصفته الولاياتالمتحدة في عدة تقارير ورسائل وحتى في قانون المالية لسنة 2014 ب "الجدي والواقعي وذي مصداقية"، فإن إعلان الدورة 12 لمجلس الشراكة المغرب - الاتحاد الأوروبي لا يقل أهمية لكونه يجسد على أرض الواقع التزاما مشتركا بتحسين ظروف عيش سكان الصحراء داخل أرضهم المغربية. الموقفان الهامان اللذان طبعا الحدث في واشنطن وبروكسل، سبقتهما تصريحات أمريكية وأوروبية تشيد بالاستثمارات الحكومية المغربية الضخمة التي تم القيام بها من أجل تنمية الأقاليم الجنوبية اقتصاديا واجتماعيا، تماشيا مع رؤية استراتيجية تروم تحضير هذه المنطقة إلى الحكم الذاتي، في إطار من الرفاه يكون ملائما للالتزام السياسي والحيوية الاجتماعية. ومن الضروري، هنا، استحضار اللغة المستعملة في هذه التصريحات من قبل الديبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين. فبقدر ما يتم الانطلاق من قاعدة مبادرة الحكم الذاتي، تحت السيادة المغربية، التي يتم وصفها ب "الجدية والواقعية وذات المصداقية"، يتم على الدوام التركيز على ما يفترض بذله من مجهود استثماري "منتج" للنهوض ب "الإنسان في الصحراء المغربية". مما لا شك فيه أن الدولة المغربية بذلت مجهودا مهما في هذا الإطار بالأقاليم الجنوبية وتسعى لمزيد من التوظيفات المالية، في إطار الجهوية الموسعة التي يتم الإعداد لتنزيلها، بيد أن رساميل الدولة، المقتطعة من الميزانية العامة، تظل حبيسة مشاريع البنية التحتية التي غالبا ما تأخذ وجهات أخرى، وتخصص لمصاريف وهمية، أو لصفقات لا تحترم المعايير، لتنكشف مع أولى غضبات الطبيعة. وهو ما يفرض تشجيع القطاع الخاص المغربي على خوض معركة الاستثمار، والانخراط في الهدف الذي من أجله أحدثت وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ سنة 2002. فللقطاع الخاص فرص كبيرة للاستثمار ولتحقيق الربح في مشاريع تهم السكن، والصناعة التحويلية المرتبطة بقطاعي الصيد البحري والفلاحي، وقطاعات تصدير المنتجات المحلية. مشاريع يمكنها خلق دورة اقتصادية حيوية وتشغيل الشباب الصحراوي. فبهذا "العمل الوطني" الذي ينأى بالنفس عن مقولة "الخوف من المخاطر"، يمكن للقطاع الخاص التقاط رسالة اوباما والاتحاد الأوروبي. وبهذا العمل الوطني يمكن المضي قدما في مسار التنمية المندمجة الحقيقية للأقاليم الصحراوية المغربية، وتقوية التناغم الاجتماعي، وتوطيد أسس الوحدة الوطنية.