نبيل بوحميدي: الجالية في التفكير الملكي الجديد.    الحكومة تقرر توحيد تدبير أنظمة التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    الإضراب يشل المستشفيات ونقابات الصحة تلوح بتصعيد غير مسبوق في حال عدم استجابة الحكومة للمطالب    الحكومة تصادق على تعيينات في مناصب عليا    ما هي انعكاسات عودة ترامب للبيت الأبيض على قضية الصحراء؟    هذا ما قالته "كامالا هاريس" في خطابها الأول بعد الهزيمة في السباق الانتخابي    الركراكي يكشف عن لائحة المنتخب لمواجهتي الغابون وليسوتو    ياسين بونو بين كبار اللعبة في متحف أساطير كرة القدم بمدريد    عدد السكان القانونيين بالمملكة بلغ في فاتح شتنبر 37,8 مليون نسمة    وزيرة: عدد المستفيدين من برنامج الدعم المباشر للسكن إلى غاية 5 نونبر الجاري بلغ 28 ألف و458 مستفيد    جديد المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    صَخرَة سيزيف الجَاثِمَة على كوَاهِلَنا !    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    في بلاغ للمكتب السياسي .. وضوح رؤية جلالة الملك في قضية الصحراء مكَّن بلادنا من تأمين مضامين سوسيواقتصادية للسيادة على التراب    التنسيق النقابي للأطر الصحية يتوعد الحكومة بالتصعيد احتجاجاً على خرق اتفاق يوليوز            مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية    إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    استعدادات المنتخب الوطني: الركراكي يعقد ندوة صحفية وحصة تدريبية مفتوحة للإعلام    منصف الطوب: هذا ما تحتاجه السياحة لتواصل صورتها اللامعة    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    كلميم تطلق تشييد "مركب لالة مريم"    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    شخصيات رياضية تكرم محمد سهيل    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين    جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة        وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة        كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار البرلماني عبد اللطيف أو عمو في تدخله باسم فريق التحالف الاشتراكي في المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2015
نشر في بيان اليوم يوم 17 - 12 - 2014

مشروع قانون المالية يقدم تطمينات بخصوص حالة المالية العمومية والوضع الاقتصادي
لا تنمية حقيقية ولا استثمارات منتجة ولا سياسات عمومية ناجعة ولا إصلاحات حقيقية بدون استقرار سياسي
قدم المستشار البرلماني عبد اللطيف أو عمو، باسم فريق التحالف الاشتراكي، مداخلة في إطار المناقشة العامة لمشروع قانون المالية 2015، أكد فيها أن مناقشة مشروع قانون المالية لهذه السنة، يأتي في ظروف سياسية ووضع حكومي أفضل من السنوات السابقة، مضيفا، أننا نعيش اليوم تثبيتا للاستقرار السياسي بعد مخاض، عسير أحيانا، وبعد أزمات، ومد و جزر في العملية السياسية، وتوترات أثرت على الأداء الحكومي و ضيعت الكثير من الطاقات الموجهة لانشغالات ظرفية وإهدار زمن سياسي ثمين وأخر نسبيا، بعض الأواش الإصلاحية وتنزيل مقتضيات الدستور الجديد. وفيما يلي نص مداخلته.
أقدم أمام حضراتكم قراءة فريقنا لمشروع قانون المالية لسنة 2015، تقييمه، رأيه، ملاحظاته ومقترحاته، وهي مناسبة سنوية لمناقشة سياسة عامة و تقييم إجمالي للسياسات العمومية.
ونحن نعتبر أنه لا يمكن قراءة مشروع قانون المالية، المعبر الملموس عن سياسة الحكومة، قراءة سليمة ينبني عليها تقييم وموقف، دون وضعه في السياق العام، سواء منه السياق السياسي الوطني أو السياق الإقليمي و الدولي، اعتبارا لتأثيرهذا الأخير على وضعنا الداخلي، سياسيا و اقتصاديا، وللتفاعل بين العوامل الداخلية والخارجية، لكون المغرب منفتح على محيطه العام إقليميا و دوليا.
1 - الاستقرار السياسي والحكومي عامل إيجابي لنجاعة الأداء وتطوير السياسات العمومية
أيها السيدات و السادة
نناقش مشروع قانون المالية لسنة 2015 في ظروف سياسية ووضع حكومي أفضل من السنوات السابقة، فنحن نعيش اليوم تثبيتا للاستقرار السياسي بعد مخاض، عسير أحيانا، وبعد أزمات، ومد و جزر في العملية السياسية، وتوترات أثرت على الأداء الحكومي وضيعت الكثير من الطاقات الموجهة لانشغالات ظرفية وإهدار زمن سياسي ثمين وأخر، نسبيا، بعض الأواش الإصلاحية و تنزيل مقتضيات الدستور الجديد.
إننا نؤكد على أهمية الاستقرار السياسي، فلا تنمية حقيقية ولا استثمارات منتجة ولا سياسات عمومية ناجعة، ولا إصلاحات حقيقية بدون استقرار سياسي، وبدون حياة سياسة سليمة، بدون تفاعل إيجابي بين الفرقاء السياسيين، وبدون احترام متبادل بين المؤسسات الدستورية وبشكل خاص بين الحكومة و البرلمان..
اليوم نعيش هذا الاستقرارالسياسي، الثمين إذا ما استحضرنا وضعية محيطنا الإقليمي المتسم بالاضطراب وعدم الاستقرار. نعيش تجربة سياسية متفردة ومسارا خاصا يحق لنا جميعا، كمغاربة، الاعتزاز بنموذجنا المغربي المتفرد و شعاره المركزي "الإصلاح في ظل الاستقرار"، نموذج معبر عن العبقرية المغربية وحكمة قائد البلاد جلالة الملك محمد السادس الذي يقود التجربة في شموليتها، وتبصر قوى الإصلاح و التغيير والتقدم، و التفاعل الإيجابي والمثمر بين كل إرادات الإصلاح في كل مواقع الفعل.... كل ذلك أدى إلى ضعف القوى المعادية للإصلاح وقوى الفساد أمام قوة المشروع الإصلاحي المدعوم بإرادة ملكية سامية و بإرادة الشعب المغربي، دون أن يعني ذالك التراجع النهائي لقوى الفساد و الريع و مناهضة الإصلاح التي مازالت تقاوم، بأشكال مختلفة، مما يفرض الحذر و مواصلة العمل بجانب الشعب وبإشراكه في كل المشاريع الإصلاحية، سواء عبر التشاور مع قواه المعبرة عن طموحاته الفعلية أو عبر إخباره بكل شفافية وضوح وصراحة حول المنجزات و العوائق و الآفاق ....
في هذا الجو من الاستقرار السياسي العام يندرج الاستقرار الحكومي، وهو عنصر جد إيجابي ومساعد على نجاعة العمل الحكومي، ويوفر أجواء المضي قدما في تنزيل البرنامج الحكومي وتنفيذ الإصلاحات الكبرى التي يتضمنها.
يأتي قانون مشروع قانون المالية لسنة 2015 إذن في جو الاستقرار السياسي والانسجام الحكومي كسياق إيجابي لابد من تسجيله و التأكيد عليه.
2 - سياق إقليمي ودولي مضطرب
السيد الرئيس
لا يمكن أن نقدر جيدا نعمة هذا الاستقرار الذي يعيشه بلدنا دون مقارنته بالأوضاع المضطربة في عدد من بلدان المنطقة التي ننتمي إليها (شمال إفريقيا و العالم العربي) مما يجعلنا ندعو إلى توخي الحذر في التعاطي مع تطورات الأوضاع في هذه المنطقة والتمسك، بل وتطوير، تجربتنا ونموذجنا المتميز، و العمل على تسويقه على أوسع نطاق، لما لذلك من تأثير إيجابي على سمعة بلدنا وموقعه ليس فقط الإقليمي بل كذلك الدولي. وتتأكد أهمية ذلك إذا استحضرنا الرهانات المطروحة علينا وضرورة ربحها، وبالأساس قضيتنا الوطنية الأولى، حيث نعتبر أن تقوية سمعة بلدنا و تسويق نموذجه الديمقراطي ومساره المتفرد في محيط إقليمي مضطرب هو أحد الوسائل التي علينا استثمارها في عملنا الديبلوماسي رسميا وشعبيا و برلمانيا...
ومن جهة أخرى فإن السمعة الجيدة لبلدنا واستقراره السياسي والحكومي، كما تشهد بذلك عدد من المؤسسات والتقارير الدولية، له تأثير حاسم في جلب الإسثتمارات الأجنبية التي نحن بأمس الحاجة إليها، اقتصاديا واجتماعيا، وفي جلب التمويلات الضرورية لعدد من مشاريعنا الاقتصادية و التنموية.
وعلى مستوى محيطنا الدولي يهمنا تسجيل استمرار تأثيرات الأزمة المالية التي اتخذت طابعا عالميا، واضطراب الأسواق الخارجية، وتقلبات الظرفية الاقتصادية الدولية. نسجل ذلك اعتبارا لارتباطاتنا الخارجية كبلد منفتح على محيطه وعلى العالم، و لتأثيرات الأوضاع الاقتصادية العالمية على اقتصادنا الوطني على عدة مستويات، ومنها الاستثمارات الأجنبية والتسويق الخارجي لمنتوجاتنا، وتزودنا من السوق الدولية بعدد من المواد الأولية و منها النفط الذي يعرف تقلبات في الأسعار، رغم التوجه الإيجابي الحالي، بارتباط مع أوضاع جيو سياسية متقلبة في المناطق الأساسية لإنتاج هذه المادة..
3 - حكومة إجراءات جريئة و إنجازات هامة
أيها السيدات و السادة
إننا إذن أمام سياق داخلي إيجابي، وسياق إقليمي ودولي قد يتخذ مسارا وتأثيرا سلبيا على وضعنا الداخلي ،الاقتصادي بوجه خاص. ونسجل أن التأثيرات السلبية للأزمة العالمية على اقتصادنا الوطني تمت مواجهتها من طرف الحكومة التي تمكنت، رغم الظروف الصعبة، من استعادة التوازنات المالية و الاقتصادية الكبرى، وتثبيت مناعة الاقتصاد الوطني الذي يقاوم التأثيرات السلبية. ونلاحظ تحسن عدد من المؤشرات، والاستعادة التدريجية لعافية ماليتنا العمومية، علما أن وقف النزيف طرحت كمهمة مستعجلة للحكومة، وتمكنت فعلا من ذلك مع كسب هوامش في الميزانية لتوجيهها نحو الاستثمار والقطاعات الاجتماعية.
لقد تمكنت الحكومة من ذلك لأنها توفرت على إرادة قوية للإصلاح، وعلى جرأة في معالجة إشكاليات ظلت عالقة لسنوات، وبشكل خاص الشروع في إصلاح صندوق المقاصة المطروح منذ سنوات إن لم نقل عقود، وظل شكل الدعم يلتهم ملايير الدراهم دون أن تذهب فعلا لمن يستحقها من الفئات الاجتماعية، وكان لابد من هذا الإجراء الجريئ رغم تكلفته ، والتوجه التدريجي نحو آلية الاستهداف، استهداف الفئات الفقيرة و المحتاجة فعلا إلى دعم الدولة و المجتمع عبر المالية العمومية.
ونود أن نؤكد بهذا الخصوص على ضرورة توجيه النصيب الأوفر من الأموال التي تمكنت الحكومة من توفيرها، عبر إرساء نظام المقايسة فيما يخص المحروقات، إلى مجال الاستثمار المنتج والخالق لمناصب الشغل من جهة وإلى استهداف فئات بحاجة إلى دعم مباشر. وفي هذا الإطار نسجل أن الحكومة تسير فعلا في هذا التوجه، الذي ينبغي توسيعه، من خلال مشروعها لدعم الأرامل في وضعية هشة، وهو إجراء اجتماعي يسجل لهذه الحكومة و لمكوناتها الحزبية مهما كانت ملاحظاتنا على المبالغ المخصصة ومسطرة الاستفادة .
ويهمنا أن نسجل أهمية الإجراء كمبدأ معبرعن إرادة الحكومة في التوجه نحو الدعم المباشر للفئات الفقيرة والمحتاجة، والشروع في إعادة النظر في توزيع الثروات الوطنية بالتدريج، وهو ما يعبر عنه كذلك عدد من التدابير الإيجابية نذكر منها تخفيض ثمن حوالي 1600 دواء إنضاف إليها مؤخرا عدد آخر من أدوية واسعة الاستهلاك خاصة تلك المتعلقة بمرض السكري، والزيادة في منح الطلبة، ودعم التماسك الاجتماعي، وتوسيع برنامج تيسير، والرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 3000 درهم في القطاع العام و 10% على مرحلتين في القطاع الخاص، وفرض ضريبة تضامنية على الأجور العليا، وتوسيع برنامج التغطية الصحية مع السعي نحو استفادة حاملي بطاقة "رميد" الذين يعدون بالملايين من خدمات صحية أجود، سواء في المؤسسات الصحية العمومية أو عبر مشروع التعاقد مع القطاع الخاص ومن المهم كذلك تسجيل قرار توسيع التغطية الصحية للمؤمنين لتشمل الوالدين. كما نسجل أهمية اعتماد قانون للعمال المنزليين ونعتبر أن الشروع في التنفيذ الفعلي للتعويض عن فقدان الشغل تعبير آخر عن انشغال حقيقي للحكومة بالمسألة الاجتماعية، و نؤكد أن أهمية هذا الإنجاز تكمن في إدراجه كمبدأ في مجال عالم الشغل قابل للتطوير مستقبلا بعد مرحلة تجريبية، وهذا ما نتمناه و ندعو إليه...
ينضاف إلى كل ذلك استمرار دعم عدد من المواد الأساسية الواسعة الاستهلاك والذي تستفيد منه فعلا أوسع الجماهير، مع دعوتنا لتفعيل مبدأ الاسترجاع حتى لا يذهب المال العام في غير إتجاهه السليم. وفي هذا السياق نؤكد على ضرورة استرجاع الحكومة للأموال غير المستعملة أو غير المبررة من الدعم الذي تقدمه للأحزاب السياسية ولغيرها من المنظمات.
السيد الرئيس
هذه بعض الإنجازات التي كان لابد من التذكير بها و إبرازها لنقول أن هذه الحكومة ليست فقط حكومة تدابير جريئة و زيادات، كما يتم الترويج لذلك، بل هي حكومة إنجازات و مكتسبات اجتماعية هامة، في انسجام و التزام بتوجهاتها المتضمنة في البرنامج الحكومي. كما أنها ليست حكومة قطيعة مع حكومات سابقة قامت بجهد إصلاحي لا يمكن نكرانه، بل حكومة إصلاح في إطار الاستقرار و الاستمرارية، لكن بنفس إصلاحي أقوى، و إرادة في التقدم إلى أمام للاندراج ، بالفعل، ضمن الدول الصاعدة كما دعا إلى ذلك جلالة الملك . ذلك ما يفسر استمرار الحكومة في كسب الدعم الشعبي حسب ما تشير إليه استطلاعات الرأي لمؤسسات جادة، رغم هامش الخطأ في كل استطلاع للرأي الذي لا يكون كبيرا في كل الحالات، وذلك رغم بعض الإجراءات المكلفة سياسيا لكنها ناجعة اقتصاديا، وتؤسس بجد لمرحلة الإقلاع، شرط استمرارالنفس الإصلاحي، والانشغال القوي بالمسألة الاجتماعية، وتوسيع استفادة الفئات الهشة و الفقيرة من الثروة الوطنية...
ولابد أن نؤكد، كفريق و كحزب ( حزب التقدم و الاشتراكية)، أننا في قلب المعركة من أجل الإصلاح، و أننا نساهم ، بفعالية، في جزء هام من هذه الإنجازات كما ساهمنا في إنجازات حكومات سابقة، اعتبارا لتوجهنا التقدمي المرتبط بقضايا الكادحين، وانشغالنا المركزي بالمسالة الاجتماعية ونعتبر أن مبرر وجودنا كطرف في هذه الأغلبية هو بالذات للتعبير القوى عن هذا الانشغال داخل الحكومة وداخل الأغلبية، و لتوطيد تجربتنا ودعم مسار الإصلاح.
4 - مشروع بمضامين مطمئنة
أيها السيدات و السادة
إن مشروع قانون المالية لسنة 2015 يقدم تطمينات بخصوص حالة المالية العمومية و الوضع الاقتصادي إنه مشروع يرسخ المكاسب، و يقي ماليتنا العمومية من المنزلقات الممكنة، ويحمل تدابير تسير في اتجاه تقوية أداء الاقتصاد الوطني وإرساء التوازنات الاجتماعية. و نسجل بهذا الخصوص:
1) العودة إلى الاعتماد على القطاع الصناعي كرافعة أساسية للاقتصاد وتضمين المشروع لدعم هذا القطاع بخلق صندوق تسريع الانبثاق الصناعي وتخصيص مبلغ ثلاثة ملايير درهم لذلك في مرحلة أولى. ولا يفوتني هنا أن أذكر أن تقوية الصناعة الوطنية، وتنمية قوى الإنتاج عموما، هو من صلب توجهاتنا كحزب، وعنصر أساسي في برنامجنا الاقتصادي والاجتماعي، ودافعنا على هذا التوجه بقوة خلال سنوات عديدة. ونحن نسجل أهمية تضمين هذا التوجه في مشروع قانونه المالية، بشكل ملموس، و تعبير الحكومة عن إرادتها في تطوير الصناعة الوطنية التي بدونها لا يمكن الحديث عن بلد صاعد وقوي ومؤثر..
2) من المؤشرات المطمئنة كذلك تخصيص الحكومة ل 189 مليار درهم للاستثمار العمومي بزيادة تقارب 4 % عن السنة المالية الجارية، كما أن توقعات النمو ليست سلبية إجمالا (حوالي 4%) في ظروف اقتصادية صعبة عالميا، خاصة مع شركائنا الأساسيين في الإتحاد الأوربي، و إن كانت هذه النسبة لا تفي بالحاجيات الملحة في سوق الشغل، غير أن مؤشرات أخرى إيجابية قد تساعد على تجاوز هذه النسبة إذا كان المحصول الفلاحي أفضل من توقعات المشروع (موسم فلاحي متوسط) اعتبارا لتأثير هذا القطاع على نسبة النمو و سوق الشغل في العالم القروي. وبهذا الخصوص لابد أن نسجل التحسن المستمر في نسبة ارتباط مستويات النمو الاقتصادي بالتقلبات المناخية، و أصبح هذا النمو مرتبطا أكثر بتطور الإنتاج الداخلي الخام غير الفلاحي. و لابد من الإشارة إلى أن منحى الانخفاض في سوق النفط قد يساعد، إذا ما استمر في وضعه الحالي، على تحسين المالية العمومية ونسب النمو علما أن المشروع يفترض ثمن 103 دولار للبرميل كمعدل خلال سنة 2015.
3) توقعات المشروع بخصوص معدل التضخم تبقى إيجابية ومؤشر على استقرار الأسعار، وهو ما ينعكس إيجابيا على القدرة الشرائية للمواطنين، غيرأنه لابد من التنبيه إلى أن منحى الانخفاض في الأسعار بشكل حاد قد يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني وبشكل خاص في القطاع الفلاحي.
4) يتوقع المشروع تحسنا في الموارد بنسبة 2,19 % ، ومن المؤشرات الإيجابية بهذا الخصوص تجاوز حجم الضرائب المباشرة لحجم الضرائب غير المباشرة لأول مرة، ونذكر أننا كنا ننتقد غلبة الضرائب غير المباشرة في كل مشاريع قوانين المالية السابقة. كما نلاحظ ارتفاع الضريبة على الشركات بنسبة 7% مما يؤشر على نجاعة التدابير التي اتخذتها الحكومة في هذا المجال، وتحسن تحصيل الضرائب، و تقلص نسب التملص، التي تظل قائمة مع ذلك، كما يستمر القطاع غير المهيكل في الاستفادة من إعفاء ضريبي عملي وغير معلن، وتضيع بذلك خزينة الدولة والمال العام في مبالغ مالية هامة لابد من تدابير إضافية لاسترجاعها للمساهمة في التقليص من عجز الميزانية و إرساء العدالة الجبائية التي نطالب ونعمل من أجلها منذ سنوات عديدة.
إنها، أيها السيدات والسادة، بعض المؤشرات المطمئنة على وضعية ماليتنا العمومية واقتصادنا الوطني، إضافة إلى مؤشرات أخرى، تؤكد التزام الحكومة ببرنامجها وتوجهاتها الإصلاحية. وتسجيل ذلك لا يعني رضانا المطلق على المشروع، ولا نعتقد أن الحكومة نفسها تشعر بالرضا الكامل، فهي تجتهد لتجاوز الإختلالات والنواقص، وتسير في طريق الإصلاح الذي ندعمه ونسعى إليه ونعمل من أجله، و ملاحظاتنا تندرج ضمن هذا السعي وهذا العمل.
5 - استمرارية مجددة
السيد الرئيس
رغم ما أتينا على ذكره من مؤشرات إيجابية، والتحسن الحاصل في المؤشرات المالية و الاقتصادية فإننا نحرص أن نكون موضوعيين وصرحاء مع الحكومة والشعب ولسنا مساندين بدون قيد أو شرط، ومن هذا المنطلق نسجل بكل أسف:
1) ضعف في المؤشرات على المستوى الاجتماعي رغم الجهد الكبير الذي تقوم به الحكومة، وتدابير تعبرعن انشغالها الكبير بالجانب الاجتماعي. فهي تجتهد للبحث عن الموارد، وتحسنت هذه الأخيرة بالفعل، لكن مازال الإبداع و الابتكار ضعيفا في هذا المجال.
2) الاختلال الحاصل في التزامات الدولة تجاه المقاولات، وتأخر أداء مستحقاتها، مما يحدث عجزا يؤدي أحيانا إلى إغلاق بعضها بما لذلك من تأثير سلبي اقتصاديا و اجتماعيا.
3) كما أكدنا عليه في بداية هذه المداخلة فإن الحكومة تسلك نهج الإصلاح في إطار الاستمرارية، وهو توجه إيجابي على العموم. غير أن الاستمرارية المتجددة والمجددة لا ينبغي أن تعني استمرارية نموذج التنمية المعمول به لحد الآن، فهذا النموذج هو سبب إشكالية توزيع الثروة بشريا و ترابيا، رغم كل الإصلاحات الجارية.نحن ندرك صعوبة تغيير النموذج الحالي بشكل سريع، لكن لابد من الشروع في تغييره التدريجي لإرساء نموذج تنموي بديل اقتصاديا و ماليا و حكاماتيا. ولعل النموذج الذي دعى إليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والخاص بالأقاليم الجنوبية يمكن أن يكون منطلقا للتفكير و للبحث عن أسس نموذج آخر يضمن الديمومة والاستدامة بشقيها الاقتصادي والاجتماعي ويسعى إلى القضاء على الفوارق والتهميش والإقصاء.
6 - دعم المقاولة الوطنية و تنمية قوى الإنتاج
أيها السيدات و السادة
يهمنا كمستشارين أن نثير بعض القضايا المرتبطة أكثر بطبيعة تمثيلية هذا المجلس وانشغالات مكوناته وناخبيه. وفي هذا الإطار ننشتغل كثيرا بقضايا المقاولة والاستثماروالفلاحة والجماعات الترابية .
فالاستثمار، العمومي منه والخاص، مرتبط بشكل وثيق بتنمية المقاولة الوطنية، وبخلق الثروة و التنمية، وتوسيع سوق الشغل الذي هو إحدى الإشكالات الكبرى التي تواجه الدولة والمجتمع، لما تشكله البطالة من ثقل على كاهلهما معا.
الدولة تقوم بجهد استثماري كبير يواجه أحيانا مشكلة ضعف الإنجاز المؤثر على مردوديته ، وإن كنا نسجل تحسنا في هذه النسبة، و توقع الوصول إلى نسبة إنجاز 69% من استثمارات الميزانية العامة و 68 % للمؤسسات العمومية خلال سنة 2015.
أما الاستثمار الخصوصي، و رغم كل التدابير و الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتحسين مناخ الأعمال، وهو ما نسجله بارتياح ، فإنه مازال يواجه إشكالات كبرى، ومنها عوائق إدارية ومسطرية ، وعقليات في الإدارة، تشكلت منذ عقود، تؤثر على المردودية والنجاعة في هذا القطاع كما في قطاعات أخرى. كما تواجه المقاولة الوطنية المناخ التنافسي الغير مناسب، خاصة مع اتساع اتفاقيات التبادل الحر، ومقتضيات التجارة العالمية، وكل ذلك يسمح بإغراق الأسواق الوطنية بمنتوجات مصنعة تنافس بقوة منتوجاتنا الوطنية....
إضافة إلى ذلك فإن مساواة كثير من المواد الخام المستوردة مع المواد المصنعة فيما يخص الرسوم الجمركية، ماعدا بعض الإسثناءات ورد بعضها في هذا المشروع ( مادة الشاي)، لا يساعد المقاولات العاملة في المجال الصناعي بوجه خاص، سواء صناعة عصرية أو تقليدية، على تقوية تنافسيتها، بل يؤدي إلى ترك العديد من المقاولين لمجال الإنتاج والتوجه نحو الاستيراد لما يوفره من ربح مضمون و دون تعب كثير.
ونظن أنه يمكن للقطاع الجمركي أن يكون أداة لدعم المقاولة و تقوية قدراتها على التنافس وحمايتها. فالتخفيض من الرسوم الجمركية حول المواد الخام عند الاستيراد، يمكن المقاولة الوطنية من إنتاج منتوج بتكلفة أقل، ويقوي قدرتها على منافسة المنتوج المستورد الكامل التصنيع، ويمكن بالتالي من توسيع نشاط المقاولات الصناعية و خلق وحدات إنتاجية جديدة يترتب عنها فرص شغل جديدة، ومداخيل للخزينة العامة عبر الضرائب، تعوض ما فقدته الحزينة العامة من رسوم جمركية. ونأمل مستقبلا أن يتم توسيع لائحة المواد الخام التي يشملها تخفيض الرسوم الجمركية عند الاستيراد وعدم وضعها في نفس السلة مع المواد الكاملة التصنيع. كما يفرض التوجه نحو التصنيع تعزيز إجراءات حماية المنتوج الوطني، لدعم هذه المقاولات الصناعية بما فيه مصلحة الاقتصاد الوطني ومصالح المجتمع المغربي.
إننا بحاجة ماسة لدعم المقاولة الوطنية من جهة كفاعل اقتصادي له دور أساس في بناء اقتصاد متقدم، صاعد خالق للثروة و القيمة المضافة، ومن جهة أخرى كمقاولة مواطنة لتساهم في خلق الشغل اللائق، وتحسين وضعية العمال وحماية حقوقهم الاجتماعية، والمساهمة، بالتالي، في تنمية قوى الإنتاج و التقدم الاجتماعي. ودعوتنا لمواصلة الدعم للمقاولات الصغرى والمتوسطة تمليه المساحة الواسعة التي تحتلها هذه المقاولات في النسيج الاقتصادي الوطني، والصعوبات التي تعانيها، خاصة الحديثة التكوين. وندرج ضمن ذلك المقاولات الصغرى في الصناعة التقليدية ، ونقترح بهذا الخصوص التخفيض إلى أدنى حد من الرسوم الجمركية على المواد الأولية والمواد الخام التي تحتاجها بعض هذه الصناعات مثل الحرير و الخشب، كما نقترح تخصيص أحياء للصناع التقليديين وبناء محلات بأثمان مدعمة على غرار ما تم به العمل في مجال السكن الاجتماعي، وتسهيل الولوج للتمويل ليس فقط للاستجابة لمتطلبات هذا القطاع، الذي يشغل مئات الآلآف من المغاربة،بل كذلك لمتطلبات السياسة الجديدة للمدينة وللمجال وللبيئة.
وفي المجال الفلاحي لابد أن نسجل، بإيجابية، المراجعات التي عرفها مخطط " المغرب الأخضر"، خاصة مراجعة فكرة تركيز المخطط على المنتوجات الموجهة للتصدير، والتوجه نحو الفلاحة التضامنية، واستحضار الأمن الغذائي في هذا المخطط . ومن المفيد التأكيد على أهمية عقود برامج، خاصة في بعض المجالات مثل الحبوب وأشجار الزيتون و الدواجن، وتوسيع المساحات المزروعة بمزروعات ذات قيمة مضافة عالية... إضافة إلى آليات الدعم المختلفة التي تقدمها الدولة للقطاع الفلاحي الذي أدى إلى ازدياد المساحات المزروعة ووفرة الإنتاج. ذلك إيجابي بالتأكيد وتعبير عن نجاح المخطط، وهو نجاح يجب مواكبته بمعالجة إشكاليات التسويق داخليا وخارجيا. فمسألة التسويق الخارجي للمنتوجات الفلاحية تطرح بحدة أمام هذه الوفرة في الإنتاج، وأمام صعوبات تواجهها منتوجاتنا الفلاحية في أسواق الإتحاد الأروبي، والتصرف الأحادي لمسؤولي هذا الإتحاد في تحديد الكميات والأسعار، مما يفرض البحث بجد عن أسواق جديدة في كل القارات.
وندعم بهذا الخصوص سعي الحكومة إلى تطوير علاقاتنا مع روسيا لكونها سوق استهلاكية و واسعة، وهي بوابة لأسواق محيطة في المنطقة، كما أن التوجه نحو إفريقيا يفتح أفاقا واعدة لكل صادراتنا، ومنها الصادرات الفلاحية، خاصة بعد الزيارة التاريخية لجلالة الملك لعدد من البلدان الإفريقية التي فتحت آفاقا واسعة لتبادل تجاري مثمر ومفيد لمصلحتنا الوطنية ومصالح إفريقيا.
السيد الرئيس
نحن مقبلون على سنة انتخابية، وهذا يهم مجلسنا في الصميم، ولم نلمس في مشروع القانون المالية الذي نناقشه اليوم اهتماما واضحا واستحضارا كاملا لهذه الاستحقاقات. نحن مقبلون على نظام جهوي جديد نأمل أن يدعم مسار التنمية المجالية و إرساء العدالة الاجتماعية بوجه عام... وهذا يطرح مسألة الارتباط بين الجهوية الموسعة والتوزيع الجهوي للميزانية العامة وللاستثمارات. فالحكومة حسنت بشكل كبير من هذا التوزيع، لكن المركزية المعمول بها لحد الآن تحد من الفعالية و المردودية، مما يفرض استحضار البعد الجهوي بقوة في قوانين المالية المقبلة، و تمكين الجماعات الترابية من التمويل حسب الحاجيات وليس بشكل جزافي، وحسب الموقع الجغرافي أو الاقتصادي..
ونأمل أن يتم الإسراع بإخراج مشروع الجهوية الموسعة و كذلك مجموع القوانين المرتبطة بالجهوية والجماعات الترابية، وبصلاحيات أوسع، و إمكانيات أفضل، و تدبير أنجع. فلا ديمقراطية بدون جهوية موسعة الصلاحيات فعليا، وبدون لا تمركز، وبدون ديمقراطية تشاركية تسمح للنخب المحلية بالبروز و الفعل و التجدد، والمساهمة من موقع التسيير في التنمية المحلية.
السيد الرئيس،
هذه بعض القضايا والمواقف والآراء التي ارتأينا التركيز عليها في هذه المناقشة، دون أن نتمكن من الإلمام بكل القضايا المطروحة على وطننا وشعبنا، على أن نعالج في مناقشة الميزانيات القطاعية باقي مجالات السياسات العمومية.
واعتبارا لما حمله مشروع قانون المالية لسنة 2015 من التزام بمواصلة نهج الإصلاح ومراكمة الإيجابيات، والسعي نحو تجاوز النواقص ومواجهة الاكراهات، واعتبارا كذلك لالتزاماتنا السياسة في إطار الأغلبية ودعمنا للسياسة الحكومية ولبرنامجها وتوجهاتها، فإننا نعلن دعمنا لهذا المشروع و التصويت إيجابا لصالحه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.