في منتصف غشت من سنة 2007 ، قتل ستة ايطاليين أمام مطعم لفطائر البيتزا في مدينة دويسبورج الألمانية الغربية. وكانت جرائم القتل، والتي أكد المحققون فيما بعد أنها جزء من خلاف دائر داخل منظمة ندرانجيتا الإجرامية التي يتركز نشاطها في منطقة كالابريا الايطالية، تذكيرا حيا للألمان بأن الجريمة المنظمة ليست مشكلة إيطالية فحسب. وبعد مرور أكثر من سبع سنوات على مذبحة دويسبورج، لا تزال ايطاليا تكافح من أجل إقناع شركائها في الاتحاد الأوروبي بتطبيق قواعد أكثر صرامة في كافة انحاء أوروبا لمكافحة الجريمة المنظمة. وتعد إيطاليا موطنا لأربع عصابات على الأقل من عصابات الجريمة المنظمة، كوزا نوسترا في صقلية، وندرانجيتا في كالابريا ، وكامورا حول نابولي، وساكرا كورونا يونيتا في أبوليا. وامتدت أنشطة تلك العصابات في جميع أنحاء ايطاليا وخارجها، ففي عام 2004، على سبيل المثال، اكتشف المحققون الإيطاليون أن أفرادا من عصابة كالابريا اشتروا حيا بأكمله في بروكسل، لا يبعد كثيرا عن مقر الاتحاد الأوروبي. وقالت روزي بيندي، رئيسة لجنة مكافحة المافيا في البرلمان الإيطالي، خلال زيارة للبرلمان الأوروبي في بروكسل "نود أن نطلب من كل أوروبا ألا ترتكب الخطأ الذي ارتكبه البعض عندما أنكروا وجود المافيا في ميلانو، في شمال إيطاليا". وأثناء وجودها في العاصمة البلجيكية، جددت بيندي دعوتها للاتحاد الأوروبي لإنشاء مكتب لمدع عام مهمته التحقيق في الجرائم الأوروبية الخطيرة واتخاذ تدابير أخرى لاختراق عصابات المافيا. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، أقرت إيطاليا تشريعا يتضمن عقوبات مشددة لمكافحة المافيا، وفي تلك الأثناء، ساهم التكامل الأوروبي المتزايد في تسهيل عمليات إعادة استثمار أفراد العصابات الإيطالية أموالهم في الخارج. وقالت باولا سيفيرينو، وزيرة العدل الايطالية السابقة، مؤخرا إن"جماعات الجريمة المنظمة تبحث عن أماكن ذات إجراءات وقائية محدودة، لا يدرك السكان المحليون بها أنهم يتعرضون لمشكلة إلا بعد مرور فترة من الوقت ". وزار بروكسل في الآونة الأخيرة ريناتو ناتالي، وهو ناشط يشغل حاليا منصب رئيس بلدية "كاسال دي برينسيبي" إحدى معاقل عصابة كامورا وهي أيضا مسقط رأس الكاتب المناهض للمافيا روبرتو سافيانو. وقال ناتالي "احترسوا، الجريمة المنظمة لم تعد مشكلة نابولي أو باليرمو فقط، إنها تتعلق بجميع أنحاء أوروبا، لأن المافيا لديها ثروات هائلة موجودة تحت تصرفها ...يمكنها أن تغزو الأسواق المالية بل ويمكنها أيضا التأثير على العمليات الديمقراطية". وزخرت وسائل الإعلام الايطالية في الأيام القليلة الماضية بتقارير إخبارية عن ممارسة رجال العصابات في روما الفساد في مناقصات الأشغال العامة على مدى سنوات. ووفقا للمحققين، تبين أن موظفين كبارا وسياسيين، من بينهم رئيس البلدية السابق، يحصلون على رواتب دورية. ويقول خبراء إن ألمانيا تجذب حصة كبيرة من الاستثمارات المرتبطة بالمافيا بسبب مكانتها باعتبارها أكبر اقتصاد في أوروبا، وكذلك أيضا بسبب قوانينها المتساهلة بشأن غسل الأموال وقيودها بشأن مصادرة الأصول وتنصت الشرطة. ويرى لوكا تريزو، خبير في الجريمة أسهم في دراسة أجرتها جامعة لويس عن اختراق المافيا في روما أن "المشكلة مع ألمانيا صارخة". وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره في روما الأسبوع الماضي "صحيح أن لدينا أيضا هياكل تشبه المافيا في ألمانيا" على صلة وثيقة بالعصابات الايطالية، وتابع "ولكن لدينا أيضا تعاون ممتاز بين قوات الشرطة". وقالت سيفيرينو إنه من الضروري بالنسبة للدول الأوروبية الأخرى مواءمة تشريعاتها بشأن غسل الأموال ومصادرة الأصول مع نظيرتها الإيطالية الأكثر صرامة، ولم تنجح محاولاتها في دفع هذه القضية قدما أثناء توليها منصبها، بين عامي 2011 و2013. وأشارت سيفيرينو إلى إن جميع حكومات الاتحاد الأوروبي باستثناء ايرلندا أخبرتها أن مصادرة أصول المافيا قبل ثبوت ارتكاب المشتبه به للجريمة في المحكمة لا "يتوافق" مع صحيح القانون. وأضافت"اعتقد أن رد الفعل هذا كان حسن النية تماما"وتابعت الوزيرة السابقة "لكني أخشى أن يكون ذلك نابع من استهانة بالمشكلة، ربما قالوا لأنفسهم إنها ليست حقا مشكلة بالنسبة لنا، دعونا لا نفسد حرياتنا المدنية". وأصدرت إيطاليا بعض القوانين الصارمة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بعد سلسلة من الاغتيالات السياسية رفيعة المستوى نفذتها عصابات المافيا.وقالت سيفيرينو "آمل بصدق ألا يحدث ذلك أبدا في أوروبا... وآمل ألا نحتاج إلى ذلك" لنحظى برد فعل من الاتحاد الأوروبي. ووفقا لبيندي، يتعين على الاتحاد الأوروبي تبني "تعريف مشترك" للجريمة المنظمة وتسهيل التعاون القضائي الأوروبي في التحقيقات المتعلقة بالمافيا. وأضافت "المافيا لا تعرف حدودا، وبالتالي يجب ألا يكون لمكافحتها أي حدود".