على هامش اليوم العالمي للنظافة عندما نتحدث عن النظافة فإننا نتحدث عن الصورة الحضارية التي تعكس الوجه الحضاري للمجتمع أو مدى تقدمه، ونحن نعلم أن التقدم والتطور يحتاج إلى التربية والتعليم. إذا النظافة هي سلوك مكتسب نتعلمه نتيجة للتربية التي ننشأ ونتربى عليها. وبما أن النظافة نتعلمها ونكتسبها من التربية فهي على المستوى العام إذا تم تطبيقها فإنها تبين مدى جمال وحضارة المظهر الطبيعي والبيئي للبلد، ومن هنا يأتي دور التربية البيئية في تنمية سلوك النظافة. فالنظافة تعتبر سلوك من السلوكيات التي يجب أن يتم التأكيد عليها للوصول إلى الرقي. وهذا السلوك يجب أن نزرعه في عقل المجتمع بكافة أعماره وفئاته. فعندما يكون المجتمع نظيفا يعني أننا نعيش في بيئة نظيفة، وأننا نهتم بالنظافة، ولكن يجب أن نسعى إلى تعزيز هذا الاهتمام. من هنا يبرز دور المؤسسات المختصة في هذا الموضوع للتركيز على أهمية التربية البيئية في تطوير السلوكيات البيئية وضمنها النظافة والتي قد نعتبرها مجرد سلوك بسيط ولكنه سلوك إذا ما اتبعه كل فرد من أفراد المجتمع بصفة شخصية أو عامة فإنه يساهم في تحقيق النظافة. إذ يلعب دورا كبيرا في مجال التربية البيئية، تقع عليها مسؤولية تعزيز سلوك النظافة لدى الطلاب من خلال التركيز على نظافة الصفوف والمدرسة نفسها، فنظافتها هي من نظافة المجتمع. هذه السلوكيات البسيطة تساهم في جعل النظافة سلوكاً يومياً، والسلوك اليومي هو عادة متبعة يتم تطبيقها في البيت، الشارع، الأماكن العامة وفي جميع مرافق الحياة. الوصول للنظافة الكاملة شيء صعب نوعاً ما. لكن عدم النظافة بالمقابل ينتج عنه مشاكل صحية وبيئية خطيرة أحيانا لا يوجد لها حلول، فمثلا حرق النفايات داخل الحاويات، وعدا عن أنه يسبب رائحة كريهة خاصة للأفراد التي يعانون من الحساسية المزمنة، فإنه يضر أيضاً بطبقة الأوزون. وهنا أيضاً يجب التركيز على عدم إتباع مثل هذه السلوكيات الضارة بالمجتمع والبيئة والتي لها تأثير كبير على المدى البعيد. ولمنع حدوث مثل هذه الأضرار البيئية أو لتفاديها يمكن للإعلام أن يلعب دوراً كبيراً في تنظيم سلوك المجتمع و عاداته الضارة بالبيئة من خلال عرض برامج سواء عبر التلفزيون أو الراديو خاصة بهذه المشاكل، ووضع الحلول لها، مثل مشكلة النفايات والتي يتم الحديث عنها دائماً دون إيجاد حلول مناسبة لها. كما يجب التطرق لموضوع النفايات الخطرة مثل نفايات المستشفيات والتي يجب أن تتكاثف الجهود من جميع المؤسساتوالجهات المعنية بالأمر لعلاج هذه المشكلة، لأن العمل الجماعي في هذا الموضوع له الأثر الكبير في حل مشاكل النفايات. النظافة يجب أن تكون هدفا يسعى إليه كافة أفراد المجتمع. وكي نعزز اهتمام المجتمع في السعي لتحقيق النظافة يجب أن يتم تنظيم برامج للنظافة مثل إقامة حملات تطوعية للنظافة. وهذا يتم بالتعاون مع المجالس المحلية والمؤسسات المحلية الأخرى ومع المدارس. هذه البرامج تعتبر من أهم البرامج الهادفة لخلق مجتمع نظيف بالإضافة إلى كونها تعزز سلوك النظافة لدى جميع فئات المجتمع حيث أنها تتطلب جهدا من المؤسسات، الطلاب، ومن باقي أفراد المجتمع للوصول إلى هدف واحد وهو النظافة. عدا عن ذلك فإنه النظافة تعكس الصورة الجمالية للبلد، خاصة إذا كان يتمتع بمعالم سياحية وحضارية تجلب إليه السياح والزوار. لذلك يجب الاهتمام بالمواقع السياحية نظيفة والحفاظ عليها لأنها ليست ملكا خاصا بقدر ما تقع مسؤولية الحفاظ عليها على عاتق المجتمع برمته. ولإيصال هذا المفهوم نحتاج إلى تنظيم برامج لتوعية أفراد المجتمع لأهمية العمل سوياً للحفاظ على نظافة تلك المواقع مثلاً من خلال إقامة ورشات عمل لها علاقة بموضوع السياحة البيئية. وهذا الموضوع يهم فئات كثيرة من المجتمع يمكن لها أن تلعب دورا كبيرا في التأثير على باقي الفئات، مثل المرشدين السياحيين ومهنيي التعليم الذين لهم تأثير كبير في معظم فئات المجتمع. أي أنه يمكن من خلال هؤلاء المهنيين التأثير في تلك الفئات من أجل العمل على نظافة البلد وما يمتلكه من مواقع سياحية وطبيعية مميزة، وبذلك نستطيع الحفاظ على تراثنا وموروثاتنا الطبيعية. خلاصة القول أن النظافة ليست مصطلحا يتم حصره في عدة كلمات، وإنما هي مفهوم كبير يترتب عليه أو يندرج منه سلوكيات لها التأثير الكبير على المجتمع والبيئة، فهي إذا ما تم التركيز عليها وتطبيقها بشكل جدي تظهر مدى رقي المجتمع، أما إذا أهملت فإنه ينتج عنها مشاكل بيئية وصحية كبيرة وتظهر مدى عدم قابلية المجتمع للتطور والوصول للحضارة. وضمن هذا الإطار يجب أن يكون هناك مؤسسات وجمعيات تعنى بهذا الأمر إذ لا بد من وضع تشريعات صارمة بهذا الخصوص للحماية من أي تلوث ممكن. فحماية البيئة من التلوث يجب أن يكون ضمن قرارات ولوائح تنفيذية تساعد على إتباع سلوك النظافة وتطوير هذا السلوك ليصبح سلوكاً متبعاً من قبل كل أفراد المجتمع في كل مرافق الحياة الخاصة أو العامة.