أعلن مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، بشكل قطعي، عدم إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب، حيث أكد، فيما يعد ردا على المطالبين بالإلغاء ومناصريهم، أن عدة اتفاقيات دولية وإقليمية لم تحظر بشكل نهائي الإعدام، بل نصت على الحق في الحياة، وجعلت عقوبة الإعدام مقيدة ببعض الشروط والضوابط ومرتبط تنزيلها بأشد الجرائم خطورة. الورقة التي تتعلق بمسألة الإعدام والتي أعدها وزير العدل والحريات بعناية شديدة ونشرها عبر الموقع الرسمي للوزارة على شبكة الانترنت، أوضحت أن المادة 6 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية نصت في فقرتها الأولى على الحق في الحياة وفرض حمايته في القانون، فيما حددت الفقرة الثانية من نفس المادة، بالنسبة للدول التي لم تلغ فيها عقوبة الإعدام، شروط فرض هذه العقوبة على أساس ألا يحكم بها إلا في الجرائم الأشد خطورة، مشيرا إلى أن هذا التفسير هو الذي ذهبت إليه لجنة حقوق الإنسان حيث أشارت في إحدى قراراتها أن البلدان الأطراف ليست ملزمة بإلغاء عقوبة الإعدام ولكنها ملزمة بالحد من استعمالها وحصرها في الجرائم الأشد خطورة التي تسفر عن نتائج مميتة أو نتائج أخرى أشد خطورة. وبررت ورقة مصطفى الرميد عدم الإلغاء بكون أن هذا التوجه سار عليه منطوق الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في المادة الثانية منها المتعلقة بالحق في الحياة حيث نصت على أن «القانون يحمي حق كل إنسان في الحياة ولا يجوز إعدام أي شخص عمدا إلا تنفيذا لحكم قضائي بإدانته في جريمة يقضي فيها القانون بتوقيع هذه العقوبة»، كما استدل الوزير بمنطوق الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان. وأكد وزير العدل في هذا الصدد أن عقوبة الإعدام غير محظورة بموجب القانون الدولي وأنه استوجب في حالة عدم الإلغاء أن يتم وضع شروط محددة وضوابط لتطبيقها، لكن لم يفت الوزير الإشارة إلى التطور الحاصل في التوجه العالمي نحو الإلغاء، مستطردا بالقول «يمكن القول أن أجهزة وهيئات الأممالمتحدة العاملة في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك مجلس الأمن واللجنة المعنية بحقوق الإنسان والجمعية العامة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، قد عبرت بوضوح في عدة مناسبات عن الرغبة في إلغائها»، وهو نفس المنحى الذي تم تبنيه حتى بعد دخول البرتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام. وأبرز في هذا الصدد التطور التدريجي الذي ينحاه المجتمع الدولي اتجاه هذه العقوبة، والتي تم إحاطتها بالعديد من الضمانات التي تؤكد عليها على ضوابط وشروط قانونية لتنزيلها، مفيدا بأن المغرب مكن 267 من المحكوم عليهم بالإعدام من الاستفادة من العفو وتحويل العقوبة في حقهم إلى المؤبد عوض الإعدام، مما أدى إلى تقليص عدد المنتظرين بممرات الموت الذي انخفض عددهم مرتين، مشيرا إلى أن قانون العدل العسكري الجديد أصبح يشمل بالإعدام فقط خمسة جرائم، فيما القانون الجنائي من المنتظر أن يخفض عدد الجرائم المنصوص عليها بالإعدام إلى الثلثين من أصل 36 جريمة. واعتبر المسؤول الحكومي أن القضاء المغربي لم يلجأ إلى إصدار أحكام بالإعدام إلا في جرائم خطيرة هزت المجتمع خاصة القتل العمد، وهي محددة منها حالات تتعلق بحالة العود كما هو الأمر بالنسبة لمدان سبق له أن أدين بالقتل، ثم اقترف جريمة قتل أخرى داخل السجن في حق حارس سجن، ثم أفرج عنه بمقتضى عفو ملكي ليقترف جريمة قتل ثالثة، وكذا الأمر بالنسبة لمقترفي جرائم بشعة ويتعلق الأمر بالشخص الذي أدين بقتل عدد من الأطفال بتارودانت بعد الاعتداء جنسيا عليهم، والأشخاص الذين قتلوا عمدا محاميا وزوجته بمكناس وقاموا بجثتيهما وإخفائها.