أغلقت عند منتصف الليلة الماضية من أول أمس الثلاثاء صناديق الاقتراع في انتخابات الرئاسة السورية وبدأت عملية فرز الأصوات، وسط تنديد مسؤولين في دول غربية بما وصفوها بالمهزلة والمسرحية التي تجسدها هذه الانتخابات. وذكر التلفزيون السوري الرسمي أن رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات هشام الشعار قال إن صناديق الاقتراع بجميع مراكز الانتخابات بسوريا أغلقت في تمام الساعة الثانية عشرة ليلا، موضحا أن اللجان الانتخابية باشرت فرز الأصوات. وكان قد تم التمديد لفترة الاقتراع حتى الساعة الثانية عشرة ليلا بعد انتهاء الفترة الرسمية عند الساعة السابعة مساء، وذلك بسبب الإقبال الشديد وفقا للجنة القضائية العليا للانتخابات. ودعي إلى المشاركة في الاقتراع حسب وزارة الداخلية السورية- 15 مليون ناخب في الانتخابات التي يتنافس فيها الرئيس» بشار الأسد وعضو مجلس الشعب ماهر الحجار، والعضو السابق في المجلس حسان النوري. وأفادت مصادر صحفية، بأن الانتخابات جرت في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام تحت إجراءات أمنية مشددة، مضيفا أن الذين شاركوا في الاقتراع هم من الموظفين تحت تهديدات بالفصل من العمل في حالة عدم مشاركتهم. وذكر نفس المصدر، أن قوات النظام قصفت المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بأكثر من مائتي صاروخ، في حين قصفت قوات المعارضة المناطق التي تجرى فيها الانتخابات بعد إعلانها في وقت سابق أن هذه المناطق تعتبر مناطق عسكرية. وفي حمص جرى التصويت في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وسط اشتباكات عنيفة بين قوات المعارضة في بعض المناطق. وقد نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن محافظ حمص قوله إنهم سيقيمون مراكز اقتراع جوالة لتسهيل عملية الاقتراع. وفي دمشق انطلق التصويت في المناطق الخاضعة تحت سيطرة قوات النظام وسط تحليق منخفض للطيران الحربي الذي هاجم مناطق عدة خاضعة لسيطرة قوات المعارضة في العاصمة وريفها منذ ساعات الصباح. وجرت عمليات التصويت وسط مواكب رقص وأغان مؤيدة للأسد قرب مراكز الاقتراع، بينما انطلقت أبواق السيارات وعلى متنها أعلام وصور للرئيس السوري. وقال مكتب دمشق الإعلامي إن الإقبال على مراكز الانتخابات كان ضعيفا جدا إذ بدت شبه خالية في بعض الأحياء، مضيفا أن حافلات حكومية شوهدت صباحا وهي تنقل موظفين إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في الانتخابات. من جهته نقل المركز السوري لحقوق الإنسان عن مندوبيه في مناطق مختلفة أن عناصر من قوات الأمن «يجبرون المواطنين على إقفال محالهم التجارية وتعليق صور للأسد عليها»، مشيرا إلى أن الناخبين يدلون بأصواتهم «تحت طائلة التعرض للاعتقال أو تحت وطأة الخوف من النظام». وكان التلفزيون السوري بث صورا تظهر الرئيس الأسد المرشح لولاية رئاسية ثالثة وقرينته يدليان بصوتيهما في مركز اقتراع مدرسة الشهيد نعيم معصراني في حي المالكي بالعاصمة السورية. ولم يدل الأسد بأي تصريح بعد الاقتراع. كما أدلى وزير الخارجية وليد المعلم بصوته في وزارة الخارجية، مؤكدا أن ما سماه العدوان على سوريا سيبوء بالفشل، وأن الانتخابات مناسبة لعودة الأمن إلى سوريا، على حد قوله. وأدلى المرشح الرئاسي حسان النّوْري بصوته في الانتخابات، وتعهد في حال فوزه بالمضي قدما في مشروع المصالحة الوطنية ومكافحة ما سماه الإرهاب. في المقابل قال وزراء في الحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة إن مرشحي انتخابات الرئاسة السورية لا برامج لهم إلا تدمير الشعب السوري والدولة السورية. ومن جهتها أعلنت فصائل من المعارضة السورية المسلحة أن مراكز الانتخاب في المدن التي يسيطر عليها النظام مناطق عسكرية, وأنها ستقصف هذه المراكز, وطلبت من المواطنين التزام بيوتهم. وكان وفد روسي يضم برلمانيين وأعضاء من اللجنة الانتخابية المركزية لروسيا الاتحادية قد وصل دمشق الاثنين لمراقبة الانتخابات، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). ويتوقع أن تكون هناك وفود أخرى من المراقبين قد حضرت من إيران وكوريا الشمالية والبرازيل. وفي إطار ردود الفعل الدولية اعتبرت الولاياتالمتحدة أن الانتخابات «عار»، في حين قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن الناخبين السوريين مخيرون «بين بشار وبشار». وبحسب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن فإن الانتخابات «لا تحترم المعايير الدولية للشفافية والحرية»، بينما قالت الأممالمتحدة إن إجراء الانتخابات سينسف الجهود الساعية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة. وتعد هذه الانتخابات -نظريا- أول انتخابات تعددية في سوريا منذ نصف قرن، وهو تاريخ وصول حزب البعث إلى الحكم. وقد تولى السلطة منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي الرئيس الراحل حافظ الأسد ومن بعده نجله بشار، عبر استفتاءات شعبية كانت نسبة التأييد فيها باستمرار تتجاوز 97%.