تتحول الرباط ابتداء من يوم الاثنين القادم لعاصمة عالمية للفكر الفلسفي، إذ من المقرر أن تستقبل 12 فيلسوفا من قارات العالم الخمس، وذلك في إطار فعاليات الدورة الثانية للحوار الفلسفي الذي تنظمه منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة بدعم من المملكة العربية السعودية من خلال برنامج عبد الله بن عبد العزيز الدولي لثقافة السلام والحوار، وبمشاركة مؤسسة «أونا». فعاليات هذا الحوار الذي ستحتضنه دار الفنون بالرباط على مدى ثلاثة أيام متتالية (من 16 وإلى غاية 18 من شهر شتنبر الجاري، سيلتقي خلاله 12 فيلسوفا من قارات العالم الخمس بهدف صياغة دليل بيداغوجي ابتكاري موجه إلى الشباب، يراعي المساهمات الفلسفية في الفكر العالمي لإفريقيا، والدول العربية، وآسيا والهادئ، وكذلك لأمريكا اللاتينية والكاريبي، التي ما زالت محدودة الانتشار. وأفادت الجهة المنظمة أن هذا اللقاء الذي يعد الثاني من نوعه، سيعرف حضور ومشاركة عدد من الشخصيات من بينها علي بن مخلوف (جامعة باريس الشرق كريتاي فال دي مارن، باريس، فرنسا)، روزينا مارت (جامعة كوازولو-ناتال، دوربان، إفريقيا الجنوبية)، إنريكه دوسل (جامعة ميتروبوليتانا المستقلة، مكسيكو، المكسيك)، ورينييه إيبانا (جامعة أتينييو مانيلا، الفلبين)، هذا فضلا عن حضور مؤسسات مغربية ودولية تعمل في مجال الفلسفة من منظور الحوار بين الثقافات، وستنظم حلقات عمل للكتابة بمشاركة اللجنة العلمية، مما سيتيح تحليل وتجميع المواد التي جمعها المنسقون الإقليميون للبرنامج. هذا، واعتبرت منظمة اليونسكو وبرنامج عبد الله بن عبد العزيز لثقافة السلام والحوار، في بلاغ توصلت بيان اليوم بنسخة منه، أن التحدي الحقيقي الذي ينبغي للمجتمع الدولي أن يتصدى له، ببزوغ فجر القرن الحادي والعشرين، هو التحدي الخاص ببناء مجتمع جامع بدرجة أكبر، يتسم بمزيد من الانفتاح على الحوار، مشيرة أنه «بغية الإسهام في ذلك، لا بد من أن نضمن الاعتراف بتعدد التيارات الفكرية والثقافية ونقلها إلى الأجيال المقبلة، وإعلاء شأن مختلف الرؤى والتقاليد الفلسفية بشأن القضايا الكبرى لأحوال البشر. وأكدت اليونسكو، عن القناعة لديها بأن هذا النهج لا غنى عنه لتعزيز الانفتاح الفكري والتفكير النقدي لدى الشباب، وذلك من أجل بناء أسس التفاهم والسلم المستدام بين الشعوب، مشيرة إلى أن الجهود المبذولة في هذا السبيل ترجمت بعقد حوار فلسفي أول، وهو اللقاء الذي احتضنته مدنية مراكش من 9 إلى 11 يوليوز من السنة الماضية، حيث أتاح هذا اللقاء تحديد النهج البيداغوجي الذي يتعين اعتماده لوضع هذا الدليل، فضلا عن تحديد القضايا الفلسفية الكبرى التي يتعين تناولها لمنح الشباب فهما يتسم بمزيد من الموضوعية للعالم الذي يعيشون فيه، وذلك مع مراعاة حقائق كل منطقة. وأعلنت اليونسكو أن الحوار الثاني الذي ستحتضنه العاصمة الرباط، من المقرر أن يشهد يومه الافتتاحي عرض سلسلة من التأملات بشأن الموضوع، وأوجه تقدم المشروع في المناطق الأربع المعنية، أي إفريقيا، والدول العربية، وآسيا والهادئ، وبلدان أمريكا اللاتينية والكاريبي، فيما سيخصص اليوم الثاني والثالث للقاء للعمل في حلقات عمل الفلاسفة حول النصوص الفلسفية المختارة والمجمعة، هذا على أن يتم إجراء التعليق على هذه النصوص التي تعكس ثراء مختلف التقاليد الفلسفية، وذلك لتقديم قراءة لها من شأنها أن تسند تعليم الفلسفة، وذلك في المدرسة والجامعة، ولكن أيضا في قلب المدينة. وتجدر الإشارة إلى أن مبادرة الحوار الفلسفي، التي انطلقت عام 2012، تندرج في إطار مشروع اليونسكو: «الحوار الفلسفي بين العالم العربي الإسلامي وسائر مناطق العالم، في نطاق التعاون بين بلدان الجنوب»، الذي وضعه قطاع العلوم الاجتماعية والإنسانية، بالتعاون مع البرنامج المشترك بين القطاعات المعنية بثقافة السلام واللا عنف. وتستفيد هذه المبادرة من مرافقة لجنة علمية دولية مؤلفة من اثني عشر فيلسوفا شهيرا، أعضاء شبكتي «الحوار الفلسفي المشترك بين منطقة آسيا والمنطقة العربية» و»الحوار الفلسفي المشترك بين منطقتي إفريقيا والأمريكيتين» اللتين وضعتهما اليونسكو.