وزير في حكومة المملكة المغربية، يرأسها بنكيران ويرأس المجلس الوزاري ملك البلاد(لابد من هذا التذكير للإشارة أنها حكومة جلاله الملك) يتعرض للتهديد بالقتل، نعم بالقتل، وتتعرض عائلته للتهديد بالاغتصاب، والكل صامت، كأن الأمر مجرد خبر يندرج ضمن المنوعات مثل انقلاب حافلة في الفلبين أو هبوب رياح قويه في كرواتيا أو منع امرأة غير سوية من التعري أمام العموم في الهندوراس، لا ربما خبر منع التعري سيخصص له الحداثيون جداً عندنا (حداثيون فشي شكل) أهمية بالغة وقد يصدرون بيان تضامن لأنهم مثل الأصوليين تماماً تثيرهم كلمة التعري ويتفاعلون معها بشكل حماسي (لماذا يا فرويد؟).. خبر عابر إذن، الصحافة ومعلقوها العظام غير عابئة.. والمواقع الإلكترونية مهتمة بضبط أب لابنته مع عشيق.. وتصريحات صغار الأتباع وأقوال من يدفع بالبرلمان (هذه قصة أخرى سأحكي لكم عنها فيما بعد)، والحقوقيون؟ والمدافعون عن الحق في الحياة؟ ورجال ونساء الدولة (هل بقي عندنا رجال ونساء دولة؟ مجرد سؤال) والنيابة العامة؟ هل أنا مخطئ إن قلت أن من واجبها تحريك الدعوى من تلقاء نفسها لأن الأمر يتعلق بقضية دولة وليس بالحسين الوردي، فالوردي اليوم له صفة عضو في حكومة صاحب الجلالة ويحضر المجلس الوزاري، والأحزاب؟ الوردي قيادي حزبي ولحزبه حلفاء اليوم وغدا وعائلة فكرية وسياسية واسعة بغض النظر عن المرحلة... هؤلاء كلهم صامتون عن حدث له دلالة رمزية ضخمة ويحمل مؤشرا خطيرا وخطيرا جداً، هل يدرك ذلك كل الذين يخطبون ويكتبون حول محاربة الفساد؟ هل يدركون معنى أن يهدد مسؤول، وزيرا كان أو رئيس مصلحة في إدارة، بالقتل لأنه يحارب الفساد في حدود مسؤوليته؟ معنى ذلك هو إرهاب كل من يريد أو ينوي الانخراط في معركة ضد الفساد، وقد يأتي الدور على من يتحدث أو يكتب عن الفساد... تهديد وزير بالقتل أمر خطير وسابقة في تاريخ المغرب، وما عدا المفسدين فلا أحد له حق الصمت....