مجلة «لو بوان» الفرنسية ....بعض الأعضاء الداخلية لبوتفليقة أصابها تلف شديد بسبب الجلطة الأخيرة لم يكن مرض الرئيس الجزائري وليد اليوم، فقد أدركه المرض وأرهقه كبر السن (76 عاما) على مدى الأعوام القليلة الماضية. والحقيقة أنّ بوتفليقة نفسه كان قد أعلن بنفسه منذ عام في مايو 2012 بمدينة سطيف شرق الجزائر أنّ الوقت حان كي يسلّم جيله الراية إلى زعماء جدد. ورغم كلّ ما أشيع عن حالة الموت السريري التي أصيب بها بوتفليقة، فإنّه لا يعرف عن حالته رسميّا إلاّ ما ورد في بيان رسمي الأسبوع الماضي أعلن أنّ الرئيس يتعافى من جلطة خفيفة، غير أنّ كثيرين يعتقدون أنّ بوتفليقة بلغ حالة حرجة ما دام لم يظهر في العلن منذ مدّة طويلة، وبالأساس منذ نقله للعالج في فرنسا أواخر أبريل الماضي. وقد نقلت مجلة «لو بوان» الفرنسية عن مصادر طبية قولها إنّ بعض الأعضاء الداخلية لبوتفليقة أصابها تلف شديد بسبب الجلطة الأخيرة، في حين كشف هشام عبود مدير صحيفة «جريدتي» الجزائرية أنّه استقى معلومات تفيد بأنه في «غيبوبة كاملة». وفي المقابل فقد امتنع المسؤولون الجزائريون والفرنسيون عن التعليق على هذه المعلومات، غير أنّ الصحف الجزائريّة أضحت تُلمّح إلى استعداد البلاد لعهد جديد. ومع ذلك فإنّه لا شيء يشير في العاصمة الجزائر إلى أيّ اضطراب رغم القلق والتوجّس العام على الحالة الصحيّة لرئيس الدولة. كما أنّ لا أحد بإمكانه أن يجزم حتّى بمكان وجود بوتفليقة في ظلّ الصمت المستشري للسلطات. فالبعض يقول إنّه لا يزال في مستشفى «فال دي جراس» العسكري في باريس بينما يقول آخرون إنه نُقل أصلا إلى سويسرا، في حين تقول مصادر إعلاميّة جزائريّة إنّ بوتفليقة أعيد فعلا إلى الجزائر. وفيما يبدو وتمهيدا للساحة لانتقال السلطة نشرت صحيفة «الخبر» صورة لبوتفليقة في صفحتها الأولى إلى جانب عنوان رئيسي عن المادة 88 من الدستور التي قلّما تمّت الإشارة إليها ويتولى بموجبها رئيس المجلس الدستوري السلطة مؤقتا في حالة وفاة الرئيس أو عجزه. كما نشرت صحف أخرى صورا في الصفحة الأولى لرئيس الوزراء عبد المالك سلال -البالغ من العمر 65 عاما والذي طرح اسمه كمرشح محتمل في الانتخابات الرئاسية- وهو يعد بتنمية اقتصادية. واعتبرت الصحف الجزائرية الصادرة أمس عموما أن الصمت الرسمي حول صحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة «لا يطمئن الجزائريين» كما أدانت منع صدور صحيفتين بسبب تطرقهما إلى هذا الموضوع. وتحت عنوان كبير «ممنوع الكلام» عادت صحيفة «جريدتي» إلى موضوع منع صدور عددها يوم الأحد الماضي واتهام مديرها بالمساس بأمن الدولة بعد نشرها خبرا حول تدهور صحة الرئيس بوتفليقة وإعادته فجر الأربعاء الماضي إلى الجزائر وهو في «غيبوبة عميقة» على خلاف الرواية الرسمية التي تحدثت عن «تحسّن حالته وقرب عودته إلى أرض الوطن». وقد أشارت الصحيفة في عددها يوم أمس إلى أن «الرئاسة تلتزم الصمت ولا تنفي عودة الرئيس» على غرار ما أكدته في عدد الأحد الذي لم يصدر. أما صحيفة الخبر فعنونت صدر صفحتها الأولى ب»الشعب يريد... ظهور الرئيس» مقتبسة أحد شعارات الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي «الشعب يريد إسقاط النظام». وأكدت الصحيفة المعروفة بانتقاداتها لسياسة الحكومة وللرئيس بوتفليقة انه «لم تنفع بيانات عبد المالك سلال (رئيس الوزراء) ولا تصريحات المقرّبين ولا الرقابة على الصحف» في طمأنة الجزائريين بشأن تحسّن صحة رئيس الجمهورية بعد شهر تقريبا من غيابه إثر وعكة صحية ألمّت به»، معتبرة أنّه «لم يعد أمام أجهزة الدولة سوى حجة دامغة، وهي إظهاره بالصورة والصوت، لإنقاذ ما بقي لها من مصداقية في تسيير ملف مرض الرئيس». وكان النائب العام لدى محكمة الجزائر أمر يوم الأحد الماضي بفتح تحقيق قضائي ضدّ هشام عبود مدير صحيفة «جريدتي» ونسختها الفرنسية «مون جورنال» بعد منعهما من الصدور لإقدامهما على نشر ملف عن تدهور صحة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي يعالج في فرنسا منذ 27 أبريل الماضي، حسب بيان للنيابة العامة. وقد وجهت النيابة إلى مدير الصحيفتين تهمة «المساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي». ومن جهتها أدانت النقابة الوطنية للصحفيين الجزائريين منع صدور الصحيفتين وعبّرت عن «تضامنها مع الزملاء الذين تعرّضوا للرقابة»، متسائلة في بيان أصدرته للغرض «كيف يمكن لوزارة الاتصال أن يكون لها حقّ الاطلاع على محتوى الصحف المستقلة»، واعتبرت ذلك «عودة للوراء» بعد «انتزاع حرية الإعلام التي لن يتنازل عنها الصحفيون لا تحت ضغط السلطة ولا الإرهاب». ورغم استبعاد بعض الأوساط الإعلاميّة محاكمة هشام عبود بتهم «المساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية»، فقد اعتبر العديد من الملاحظين ما جاء في صحيفة «الخبر» أنّ «القضاء الجزائري تحرّك في قضية هشام عبود لإنذار من يهمّه الأمر بأنّ فترة الاستراحة قد انتهت ويجب التوقف عن الحديث عن صحة الرئيس». وهو ما اعتبرته عموم الصحف الجزائرية بأنه يعكس «أزمة حقيقية في سياسة الاتصال الرسمي» وفي تعامل وزارة الاتصال مع الرأي العام الجزائري.