كشف امحند لعنصر، وزير الداخلية، أن ما لا يقل عن 150 شخصا من رجال الأمن وقوات حفظ النظام أصيبوا في مواجهات مع موالين للبوليساريو في الأحداث التي عرفتها الأقاليم الجنوبية في الأيام الأخيرة، إصابات بعضهم خطيرة استدعت نقلهم إلى المستشفى العسكري بالرباط على وجه الاستعجال. واتهم جهات خارجية بالوقوف وراء مخطط لزعزعة الاستقرار في الصحراء، من خلال استغلال زيارات وفود أجنبية إلى المنطقة لإثارة تلك الأحداث واستغلالها إعلاميا. وأكد وزير الداخلية، خلال رده على سؤال محوري حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها الأقاليم الجنوبية في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أول أمس الاثنين، أن هذه الأحداث التي عرفت أعمال تخريب، لم تكن مفاجئة ولا عفوية، بل كانت مدبرة ومخططا لها سلفا من طرف جهات خارجية، بعد سحب مشروع المقترح الأمريكي بتوسيع مهام بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء «مينورسو» لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. وأطلع لعنصر ممثلي الأمة على التسلسل الزمني للأحداث والمظاهرات التي شهدتها مختلف المدن الجنوبية، مشيرا إلى أن «نشطاء» موالين للبوليساريو هم من يقفون وراء هذه المظاهرات التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، موضحا أن الشرارة الأولى لهذه الأحداث اندلعت بمدينة بوجدور على مرحلتين، لجس نبض الأجهزة الأمنية في ردة فعلها إزاء المظاهرات الاحتجاجية، قبل أن تنقل عدوى المظاهرات فيما بعد إلى مدينة العيون ومدن أخرى، بعدما تبين لمحرضي هذه الأحداث عدم تدخل قوات الأمن لفض المظاهرات. وأبرز وزير الداخلية أن موالين للبوليساريو استغلوا هذا الوضع واستدعوا ممثلي بعض المنظمات والهيئات الأجنبية لمعاينة المظاهرات التي تعرفها هذه المنطقة، وحضور المناوشات الاستفزازية التي يقوم بها المحتجون في حق رجال الأمن، والمتمثلة في الرشق بالحجارة والزجاجات الحارقة. مشيرا إلى أن المحرضين، بالإضافة إلى تجنيد الأطفال القاصرين والنساء، حددوا بضعة نقط توتر بالمدينة من أجل استنزاف قوات الأمن. وأضاف امحند لعنصر أن هذه الاحتجاجات والمظاهرات، التي اندلعت منذ 25 أبريل الماضي، بدأت تأخذ طابعا عنيفا، منذ نحو أسبوع، مع دخول من أسماهم «ذوي السوابق القضائية والمبحوث عنهم» الذين سخروا مركبات رباعية الدفع لإرهاب السكان. وشدد وزير الداخلية على أن هذه الأحداث الأخيرة بالأقاليم الجنوبية كان مخططا لها بشكل منهجي وأن الغاية منها استفزاز عناصر حفظ النظام والأمن ودفعها للتدخل وتصوير واستغلال ذلك إعلاميا، مضيفا أن منهجية مثيري هذه الأحداث ترتكز أيضا على استغلال زيارة وفود أجنبية تدعي أنها مهتمة بحقوق الإنسان من أجل إظهار وجود حالة عدم استقرار بالمناطق الجنوبية، عبر تجنيد الأطفال والنساء لكسب التعاطف. وكشف لعنصر أن هذا المخطط يحظى بدعم وتمويل قوي من جهات أجنبية، عن طريق البوليساريو، مشددا على وجود وثائق ثبوتية على ذلك، بدليل أن الأحداث اندلعت بتزامن مع قدوم نشطاء أجانب، منهم عضوتان بمنظمة العفو الدولية، وستة منتخبين ينتمون لبعض الأحزاب الأوروبية. وعزا وزير الداخلية خلفيات هذا المخطط الاستفزازي، الذي وصفه ب «غير المفاجئ» إلى فشل مخطط خصوم الوحدة الترابية الرامي إلى توسيع مهمة بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء. وقال لعنصر إن السلطات تؤمن بحق التظاهر السلمي في الشارع، وأن الأقاليم الجنوبية مفتوحة أمام الجميع من المنظمات غير حكومية ووسائل الإعلام الدولي، إلا أن الأحداث التخريبية وإثارة الشغب التي عرفتها الأقاليم الجنوبية خرجت عن إطار المظاهرات السلمية لتصل إلى مستوى الأفعال الإجرامية، مشددا على أنه سيتم تطبيق القانون ضد كل من يخرق النظام العام. وأعلن وزير الداخلية أن حصيلة الأحداث والمواجهات التي عرفتها مدن الأقاليم الجنوبية وصلت إلى إصابة ما لا يقل عن 150 من رجال الأمن وحفظ النظام بجروح متفاوتة الخطورة، بعضهم في حالة حرجة، نقلوا إلى المستشفى العسكري بالرباط للخضوع للعلاجات الطبية الضرورية، معلنا أن عدد الأشخاص الذين يخرجون للتظاهر في العيون لا يتعدى ما بين 200 إلى300 شخصا من أصل أزيد من 200 ألف نسمة يعيشون بالمدينة. وأبرز وزير الداخلية أن المقاربة المعتمدة لإفشال الاستفزازات التي يتعرض لها عناصر الأمن تتمثل في تطبيق القانون واحترام التظاهر السلمي، فضلا عن تعبئة الجمعيات الحقوقية والمدنية الوطنية، مشددا على أهمية دور القوى السياسية والمدنية والإعلام لكسب معركة صون الوحدة الترابية للمملكة.