ميلودي موخارق: كنا على استعداد لحوار حقيقي وليس للدردشة على إثر مقاطعة المركزيات النقابية للقاء الحوار الاجتماعي الذي دعته إليه الحكومة السبت الماضي، وعشية العيد الأممي للعمال، أجرت بيان اليوم الحوار التالي مع ميلودي موخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، طرحت فيه سؤال الساعة الذي يشغل الطبقة العاملة والمتمثل في إلغاء محطة أبريل من الحوار الاجتماعي التي كانت تنتظر أن تفرز جديدا يقدم كهدية لها. كما يتطرق الحوار لقضايا نقابية أخرى مرتبطة بنضالات الاتحاد المغربي للشغل خدمة للشغيلة . لماذا قاطعتم الحوار الاجتماعي على بعد أربعة أيام من فاتح ماي، كان من الممكن أن تقدم الحكومة جديدا للطبقة العاملة خلال هذا اللقاء؟ بالفعل اجتماع السبت لم يكن ليتجاوز طابع اللقاء، أقول اللقاء العادي وليس اجتماعا للحوار الاجتماعي. فقد جرت العادة منذ عقود أن يكون شهر أبريل، محطة، من بدايته، للحوار ولمفاوضات تتوج بتدابير عملية تزف من خلالها الحكومة للطبقة العاملة، بمناسبة عيد ميلادها، مجموعة من الإجراءات لتحسين أوضاعها المادية والمعيشية وتحسين ظروف عملها. ما يميز هذه السنة، بالإضافة إلى الاحتقان الاجتماعي، أنها سنة بيضاء فيما يخص الحوار الاجتماعي. إذ لم يعقد حوار جدي يخصص للتفاوض ولإزالة المشاكل العالقة، ما عدا استدعاء لعقد لقاء، لا أصفه بالحوار يوم السبت الماضي. وهو ما رصدته الأجهزة التقريرية للاتحاد المغربي للشغل، واعتبرت أنه سيكون شكليا لن يأتي بالنفع على الشغيلة المغربية. زد على هذا أن الساحة الاجتماعية باتت تغلي في ظل تعدد الخروقات التي مست أبسط مقومات العمل النقابي من خرق لمدونة الشغل والقوانين الاجتماعية وبالحق النقابي الذي هو حق دستوري بحيث أصبح تأسيس نقابة.... وهذا غير مقبول في ظل الدستور الجديد.... لكن كيف لكم أن تحكموا على دعوة لم تترجم إلى اجتماع فعلي؟ هناك مثل شعبي مغربي شائع وعميق الدلالة يقول «المعروض فنهارو يبقى فدارو»، فنحن في الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل لم نتوصل من رئيس الحكومة بالدعوة إلا يوم الخميس 25 أبريل 2013، مفادها، الدعوة لعقد اجتماع اللجنة الوطنية للحوار الاجتماعي، وذلك يوم السبت 27 أبريل 2013 . ومما لا شك فيه، أن الاتحاد المغربي للشغل يولي أهمية قصوى للحوار الاجتماعي، ويعتبره الوسيلة الأنجع للتعاطي مع الإشكاليات الاجتماعية التي تطبع عالم الشغل، وللتفاوض حول المطالب المشروعة لعموم الأجراء. فارق اليوم الواحد يحمل أكثر من دلالة على عدم اكتراث الحكومة بهموم الطبقة العاملة، وعلى أننا مدعوون إلى حوار شكلي يومين فقط قبل عقده، والذي لن يكون إلا حوارا عقيما، بينما الاتحاد المغربي للشغل ما فتئ يطالب بمفاوضات حقيقة. زد على ذلك أن جدول الأعمال الذي حددته الحكومة بصفة انفرادية وفي خرق للمنهجية التشاركية المعتمدة في الحوار المسؤول، أكد لنا في الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل أن لا إرادة حقيقية للحكومة في خوض حوار بناء ومسؤول حول القضايا المحورية للطبقة العاملة، وبالتالي فإن الاتحاد المغربي للشغل رفض تزكية هذا المسار بحضوره هذا اللقاء، وأعلن مقاطعته لهذا الاجتماع. رد فعل الحكومة على قرار النقابات جاء فيه نوع من الاستغراب، وبررت تأخير الحوار الاجتماعي بالالتزامات العديدة التي ميزت شهر أبريل، سواء بالنسبة للمسؤولين الحكوميين المعنيين بالحوار أو النقابات نفسها، لماذا إذا قرار عدم المشاركة؟ أولا يجب التوضيح والتأكيد على أن الاتحاد المغربي للشغل منظمة نقابية مسؤولة ومتشبثة بالحوار الاجتماعي. لكن شريطة احترام قواعده ومبادئه. القول بتأجيل الحوار بدعوى الالتزام بأنشطة داخلية وخارجية غير مستساغ. لأننا نعتبر الطبقة العاملة وقضاياها أولوية لا يمكن المرور عليها. الطبقة العاملة فوق كل الأجندات، فهي عصب الاقتصاد الوطني ومحرك دواليب الإنتاج. كنا منذ مطلع شهر أبريل على استعداد للحوار. كان على الحكومة أن تقص شريط مفاوضات تجري على عدة محاور، ولو في ظل الأزمة الحالية. كنا سنمدها بمقترحات غير مكلفة لخزينة الدولة، وكانت الحكومة من جانبها ستحترم على الأقل شعار مأسسة الحوار الذي رفعته عند توليها مقاليد السلطة. هل هذا يعني تغيرا في سياسة مركزيتكم تجاه الحكومة؟ إطلاقا.. نحن مركزية مستقلة عن الحكومة والأحزاب السياسية. نصفق لما تحققه الحكومة من تدابير تهم الطبقة الشغيلة وترفع من مستوى عيشها. لكن مشوار المطالب لازال طويلا. والتاريخ يشهد على موقعنا ونضالاتنا لفائدة الطبقة العاملة .فقد كنا من الموقعين على اتفاق مع الحكومة السابقة واستطعنا من خلاله انتزاع مجموعة من الحقوق كالزيادة في الأجور والزيادة في المعاشات وحل مجموعة من النزاعات الكبرى وإصلاح الترقية الداخلية والرفع من الحصيص.. الخ، فهناك ما تمت أجرأته وهناك مجموعة من النقط لم تتم أجرأتها. وما نطالب به الحكومة حاليا، نظرا لمجموعة من العوامل، هو متابعة تنفيذ ما التزمت به الحكومة السابقة في 26 أبريل. لقد ساهم الاتحاد المغربي للشغل من موقعه في التوصل إلى هذا الاتفاق، إذن فمن تاريخ التوقيع إلى الآن، هناك التزامات تم تنفيذها وأخرى ما تزال لم تنفذ بعد، والذي أثار استغرابنا ودفعنا إلى التساؤل، هو لماذا لم تواصل الحكومة الحالية إجراءات استكمال تنفيذ مضامين الاتفاق؟ فمن غير المعقول أن نعيد نفس السيناريو مع حكومة بنكيران بأن نعود مرة أخرى للنقاش حول الالتزامات التي توصلنا بموجبها إلى الاتفاق المذكور مع الحكومة السابقة. لقد سبق أن اتفقنا على أن تكون هناك جولتان للحوار الاجتماعي المركزي على الأقل، الأولى تتزامن مع الدخول الاجتماعي، أي أن تكون في شهر شتنبر، لكي تتاح للحركات النقابية الفرصة لتساهم في تحضير مشروع قانون المالية، وأن تكون جولة أخرى في شهر أبريل من أجل التفاوض حول الإجراءات الاجتماعية التي تم الاتفاق حولها، سواء التي لها انعكاس مالي، أو تلك التي يؤدي تطبيقها إلى تحسين المناخ الاجتماعي والعلاقات المهنية داخل عالم الشغل. إذن ففي لقاء أبريل الذي لم تحترم الحكومة موعده كنا سنطالب بتنفيذ اتفاق 26 أبريل وبتدبير عملي وواقعي لكل الملفات الاجتماعية وكل القضايا، التي من شأنها أن تقوي القدرة الشرائية للطبقة العاملة وترفع من مستواها على كل الأصعدة. نحن في الاتحاد المغربي للشغل نقيم الحوار بمدى الوفاء بموعده، وبالتالي رفضنا لقاء السبت الأخير حتى لا نسقط في حوار من أجل الدردشة والاستهلاك أو الديكور.. العمال والعاملات وعموم المأجورين ينتظرون من الحوار الاجتماعي نتائج ملموسة ويريدون تحسين أوضاعهم المعيشية بالزيادة في الأجور وذلك عبر ما اختاره الاتحاد المغربي للشغل بالسلم المتحرك للأجور بالقياس مع ارتفاع الأسعار. يريدون تحسين التغطية الصحية والاجتماعية، يريدون أن يكون لهم عمل لائق، وأن لا يتم المساس بالقدرة الشرائية لأجورهم عبر إجراءات ضريبية تعسفية . هل من تداعيات لإلغاء الحوار الاجتماع على العيد الأممي للطبقة العاملة ؟ التداعيات متضمنة في خطاب فاتح ماي الذي سيعبرعن هموم الشغيلة المغربية وما عانته من هجوم على مصالحها والخرق السافر للحريات النقابية وتجدد المطالب العادلة وسيعطي حصيلة ما قامت به الطبقة الشغيلة من أجل تنظيمها. لمحتم غير ما مرة على أن قضية السلم المتحرك للأجور مطلب مركزي.هل سيكون محور خطابكم في فاتح ماي؟ إعادة تقييم الأجور والرفع منها من خلال اعتماد السلم المتحرك للأجور٬ مطلب لا مفر منه مادامت القدرة الشرائية للموظفين ما فتئت تتدهور. طبعا الدفاع عن مكتسبات الشغيلة والاجتهاد لانتزاع ما لم يتحقق هاجسنا الكبير. فلا تزال هذه تخضع للضريبة٬ ولازال اقتطاع أيام الإضراب في المغرب سيف ديموقليس المسلط على رقاب هذه الشريحة. سندعو في خطابنا الحكومة إلى التفكير العميق بهدف معالجة أسباب الإضرابات بغية التقليص من الأضرار لأن اللجوء إلى هذه الحركة هو نتيجة وجود عجز في مجال الحوار الاجتماعي والمواقف المتصلبة للإدارة. سنثير أيضا في خطابنا ملف إصلاح نظام التقاعد، وكل الملفات العالقة سواء تجاه الحكومة أو هيئة الباطرونا. على ذكر الباطرونا. كنتم في الاتحاد المغربي للشغل أول الموقعين على ميثاق معها. ما حصيلة هذا الميثاق وهل ستكون المقاولات موضوعا لخطابكم في فاتح ماي؟ فعلا وقعنا مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب على ميثاق اجتماعي من شأنه تأمين قدرة تنافسية حقيقية للمقاولات داخل مناخ تسوده الثقة والسكينة والوطنية الصادقة. وجاء هذا القرار اعتبارا لعدة عوامل مؤثرة حددها الطرفان في التطبيق السيئ للعولمة وآثار ذلك على المقاولة المغربية وعلى استقرار الشغل والعلاقات الاجتماعية، ووجود رهانات اقتصادية واجتماعية حيوية من الضروري رفعها لبناء شراكة متينة ومثمرة بين أرباب العمل وممثلي الشغيلة تمهد الطريق لبناء علاقات اجتماعية جديدة في أفق إنشاء عقد اجتماعي جديد عادل في الحقوق والواجبات بالنسبة للأطراف المعنية. من خلال هذا الميثاق سننخرط ضمن رؤيا جديدة من أجل إنشاء نموذج اجتماعي يصبح فيه الحوار المباشر الفعلي والدائم هو قاعدة التحول الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع. ولبلوغ ذلك، قررنا مع الباطرونا إنشاء لجنة متابعة تنفيذية وأربع لجن تقنية، والعمل، ضمن أفق توافقي، على إعداد مخطط للتقدم الاقتصادي من خلال تقديم حلول ملموسة في مجالات الوقاية من النزاعات وتدبيرها، والحوار الاجتماعي وتشجيع حقل الاتفاقية الجماعية، والمطابقة الاجتماعية لعلاقات وظروف العمل، والنهوض بالشغيلة والتنافسية. فبخصوص الوقاية من النزاعات وتدبيرها، قررنا مواصلة التشاور وتعميق التفكير في ميكانيزمات وقواعد ممارسة حق الإضراب مع احترام الحريات النقابية وحرية العمل، وإقرار أسلوب فعال في منظومة تدبير نزاعات الشغل على المستوى الجهوي لتحسين أمثل لفعاليتها، بالإضافة إلى تفعيل آليات تدبير النزاعات داخل المقاولات المغربية عبر تقديم مقترحات قوانين إلى البرلمان. وفي ما يتعلق بالحوار الاجتماعي وتشجيع حقل الاتفاقات الجماعية، قررنا تشجيع ثقافة الحوار الاجتماعي المباشر كحاجة يومية وتشجيع وضع اتفاقات جماعية تعطي الأولوية لحقل الاتفاقات الجماعية وإقرار سلم اجتماعي وتعزيز نظام الحماية الاجتماعية وإطلاق تدابير جديدة وملائمة للتغطية الاجتماعية المكملة. وبخصوص المطابقة الاجتماعية لعلاقات وظروف الشغل اتفقنا مع الباطرونا على احترام أرباب العمل لمدونة الشغل وشروط ومستلزمات الوقاية من المخاطر المهنية وتطبيق معايير البيئة والسلامة والصحة في الشغل. همنا الأساسي في هذا الميثاق الذي يشق طريقه هو الدفاع عن حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة. وهو ما سنجدد التأكيد عليه اليوم بمناسبة فاتح ماي الذي يحل والأوضاع الاجتماعية لعموم المأجورين تعرف تدهورا سواء على صعيد القدرة الشرائية أو التضييق على الحريات النقابية أو الطرد العمالي وإغلاق المعامل بشكل غير قانوني وخرق مدونة الشغل والقوانين الاجتماعية.