متحف التراث اليهودي المغربي بالدارالبيضاء في رونق جديد في جنوبالدارالبيضاء، بعيدا عن ضوضائها وزحمتها المتعبة وتلوثها الفظيع، وبالضبط في حي الواحة الراقي، يقع متحف التراث اليهودي المغربي. وقد كان مساء أول أمس، موعد تدشينه، بعد أن جرى ترميمه وتجديده، حيث حضره العديد من الشخصيات البارزة للاحتفال بهذا الحدث الثقافي، متطلعين إلى التعرف على حلته الجديدة، والإضافات التي يزخر بها، مع العلم أنه قد مر على إنشائه خمس عشرة سنة. في مدخل المتحف يلفت انتباه الزائر لوح كبير خط عليه بحروف بارزة التصدير الذي يحمله دستور 2011، وهو ما يعكسه روح المتحف نفسه. وبالنظر إلى البناء الأفقي لهذا المتحف، حيث تحتضنه «فيلا» فسيحة، يجد الزائر يسرا كبيرا في الولوجية وفي الاطلاع على محتوياته، فكل فضاء من فضاءاته يسافر بنا إلى فترة بعيدة من تاريخ اليهود بالمغرب، وتقاليدهم وطقوسهم وعاداتهم، ولا يمكن إشباع الفضول دفعة واحدة، بل كل قطعة من قطعه المتحفية تستدعي الوقوف عندها مليا لاستيعاب دلالاتها وتفكيك رموزها واستحضار تاريخها، ذلك أن الزائر مطالب بأن يكون مسلحا برصيد من المعرفة بتاريخ اليهود بالمغرب، لأجل التواصل بشكل أفضل مع كل ما يعرض في هذا المتحف، وإن كانت القطع المعروضة مصحوبة بمعلومات موجزة ودقيقة. القطع معروضة بشكل مدروس في مختلف جهات وزوايا هذا المتحف، ولا يبرز هناك أدنى نشاز. وبمناسبة هذا الحفل التدشيني للمتحف، قال وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي في حديث مقتضب لبيان اليوم، إن هذا الفضاء تم تدشينه بعد أن جرى ترميمه من طرف مؤسسة التراث اليهودي. مضيفا أن متحف التراث اليهودي المغربي يعد معلمة ثقافية، تعبر على التعددية، باعتبارها من مكونات الهوية المغربية ورافدا من روافدها الثقافية. وأوضح الصبيحي كذلك أن هذا التنوع يجسد جانبا من الذاكرة الحضارية وروح التعايش والتسامح السائدة ببلادنا. وأكد رئيس الطائفة اليهودية سيرج بيرديغو لبيان اليوم، على أن متحف التراث اليهودي المغربي، تم تجديده دون أن يعني ذلك أنه طرأ عليه تغيير في ما يخص محتوياته، وهو بالإضافة إلى كونه يعنى بصيانة الثقافة اليهودية المغربية من الاندثار، فإنه سيكون ملتقى لمجموعة من منظمات المجتمع المدني للتواصل وتبادل وجهات النظر، كما أنه ستتم برمجة لقاءات ثقافية وموسيقية لأجل استقطاب نسبة أكبر من الزوار، وسيتم تنظيم زيارة أفواج تلاميذ المؤسسات التعليمية للمتحف، لإطلاعهم على عنصر أساسي وهو أن اليهود لهم حضارة ويميلون إلى التعايش والسلم، وبالتالي تصحيح صورة اليهود لدى الأجيال الجديدة. ويغطي هذا المتحف مختلف مظاهر العيش التي كانت سائدة لدى اليهود بالمغرب، منذ عقود من الزمن، حيث يشتمل على مجموعة من القطع النادرة، التي تعود إلى بداية القرن الماضي وما سبقه، والتي تعكس مختلف أنماط عيش اليهود المغاربة، حيث هناك أدوات الزينة واللباس والطبخ وقطع النقود والأثاث وبعض مهن الصناعة التقليدية، فضلا عن صور فوتغرافية توثق للعمران وغير ذلك من مظاهر الحضارة، وهناك أيضا لوحات تشكيلية للفنان أندري الباز، ومخطوطات وغير ذلك من التحف النادرة.. وبالتالي يمكن القول إن هذا المتحف يعد مكسبا حقيقيا ينبغي الحفاظ عليه. هذا وتجدر الإشارة إلى أن المناضل والمفكر الراحل شمعون ليفي يعد مؤسسا حقيقيا لهذا المتحف، وهو كاتب وسياسي يهودي مغربي مهتم بالتاريخ اليهودي في المغرب، وشغل مهمة الكاتب العام للطائفة اليهودية بالدارالبيضاء، كما شغل منصب الأمين العام لمؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي.