المغاربيون يجمدون الخلافات السياسية للانكباب على ملف الإرهاب تحتضن الجزائر، يومه الاثنين وغدا الثلاثاء، اجتماع 5 + 5 لوزراء داخلية الجزائر، والمغرب، وتونس، وليبيا، وموريتانيا، وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومالطا، من أجل بحث الوضع الأمني في منطقة الساحل، خاصة بعد التطورات الأخيرة المرتبطة بالتدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي. ويشكل اجتماع وزراء داخلية بلدان 5 + 5 مناسبة أيضاً لمناقشة التحديات الأمنية الأخرى المرتبطة بمكافحة الإرهاب، مثل تأمين الحدود البرية بين دول المنطقة المغاربية، وأيضاً بين هذه البلدان ومنطقة الساحل، فضلاً عن محاربة العصابات التي تتاجر بالمخدرات والبشر والأسلحة. وسبق لوزراء داخلية المغرب العربي أن عقدوا اجتماعاً تشاورياً بالعاصمة السعودية الرياض، اتفقوا من خلاله على أن يكون اجتماع الجزائر مناسبة لتفعيل التنسيق الأمني في المنطقة، بعد اقتناع الدول المغاربية بحتمية ترك الخلافات السياسية جانباً، وضرورة الانكباب على المواجهة الجماعية للتحديات التي تواجه هذه الدول، خاصة على المستوى الأمني المتحول في المنطقة. ويأتي اجتماع يومه الاثنين في ظل تنامي التقارير التي تحذر من خطورة الوضع، وخاصة احتمال لجوء الجماعات المسلحة التي تعتبر التدخل العسكري في مالي «حرباً صليبية» إلى الاختطافات وحرب العصابات، واستهداف المصالح الفرنسية والغربية في المنطقة، علاوة على التداعيات الإنسانية للأزمة في علاقتها بتزايد أعداد اللاجئين بالمنطقة. كما يأتي هذا الاجتماع بدافع حرص دول 5 +5 على حماية مصالحها وحدودها من جهة الضفة الجنوبية للمتوسط، واقتناعاً منها بنجاعة التعاطي الجماعي مع مختلف المخاطر الأمنية بالمنطقة، بدل بلورة مواقف أمنية ومواقف أحادية مرتبكة. وعلى خلاف الجزائر التي ظلت متشبثة بالدعوة إلى الحل الدبلوماسي في التعاطي مع المشكلة المالية، ولم تستوعب إلا مؤخرا جدية المخاطر الحقيقية التي باتت تتهددها بشكل جماعي، كان المغرب قد عبر رسمياً عن رفضه إعلان الحركة الوطنية لتحرير «أزواد» استقلال شمال مالي، واتجه، في أعقاب تطور النزاع، إلى تأييد التدخل العسكري الفرنسي لاحترامه للوحدة الترابية المالية، ولدوره في تلافي انهيار هذه الدولة. ووفق التصريحات التي استقتها وكالات الأنباء من شخصيات تشارك في لقاء اليوم، يعتبر فشل الدول المغاربية في بلورة تصورات ورؤى منسجمة بخصوص تطور الأوضاع في المنطقة، أحد الأسباب التي فتحت الباب أمام فرنسا وأطراف خارجية أخرى لتلعب أدواراً رئيسية في الأزمة، كما أن التحولات على أرض مالي بدت كأنها تجري بين طرفين أساسيين، هما فرنسا، الساعية إلى حماية مصالحها الحيوية في إفريقيا من جهة أولى، وتنظيم «القاعدة» الراغب في إثبات الذات بعد سنوات من التواري من جهة ثانية. واعتبرت هذه التصريحات لقاء يوم الإثنين بالعاصمة الجزائرية هاما جدا على اعتبار أنه سيضع خارطة طريق متفق عليها بين الدول المغاربية، المنشغلة بخلافات سياسية جانبية، وسيكون عليها بالتالي الالتزام بمقررات الاجتماع التي «ستلزم التعاطي الفعال مع المخاطر الأمنية والتحديات الاقتصادية القائمة عبر إجراءات ملموسة تفضي، من حيث لا تدري هذه الدول إلى تسريع وتيرة بناء الاتحاد المغاربي على أسس ديمقراطية متينة وتشبيك العلاقات بين بلدانه».