قد لا تفوتك الفرصة وأنت قادم من مدينة الدارالبيضاء صوب مدينة الجديدة على الطرق الشاطئية بعد اجتياز 80 كيلومترا أن تلامس قدماك أرضا من عبق التاريخ وشدا الأساطير، وأنت تعبر جسر نهرها الباكي حيث تتراءى لك لوحة طبيعية تشد الناظرين من صنع الله الخالق الوهاب، مدينة حباها الله من الطبيعة والتاريخ ما يجعلها تضاهي المدن أوفر حظا منها لموقعها المتميز بين النهر والبحر والغابة، إنها مدينة آزمور أو كما يحلو لي تسميتها عاشقة المجانين، مدينة تتموقع فوق هضبة قليلة التضاريس وفي علو معدله خمسة وعشرين مترا فوق سطح البحر، يحدها شمالا جماعة سيدي علي بن حمدوش وجنوبا جماعة الحوزية وشرقا جماعة اولاد رحمون وغربا جماعة الحوزية على مساحة تقدر ب 540 هكتارا وساكنة تناهز الأربعين ألف نسمة تبعد عن مدينة الجديدة ب 17 كلم، كما تتوفر على مآثر تاريخية وعمرانية لا مثيل لنقوشها وزخرفتها وهندستها من قبيل دور المدينة العتيقة والقصبة وأبراجها وأبوابها وزواياها ومساجدها، مميزات لم تسعف كل من تحمل تسيير شأن هذه المدينة مهما كان لونه أو شكله على أن يحمل ذرة غيرة اتجاهها. آزمورالمدينة التي يستحق سكانها أن يفتخروا بها، لما تزخر به من تاريخ موشوم بالاعتزاز و الشهامة و النبل، فهي مدينة تبدو للناظر بسيطة و متواضعة من حيث المظهر الخارجي، لكنها كبيرة و غنية بموروثها التاريخي و عاداتها و تقاليدها، المدينة التي قال في حقها عامل البلاد المغفور له الحسن الثاني على مرأى و مسمع ثلة من المهندسين المغاربة « أن المرء لا يمكنه أن يتيه إذا ما وضعناه في ازمور ، يكفي آن يرى وادي آم الربيع و الأسوار العتيقة ليعرف بأنه في المغرب و ليدرك أنها من المدن الشاطئية التي بناها الملوك المغاربة ....» قولة تبين مدى ما تزخر به هذه المدينة من عمران ذا طابع مغربي أصيل، و المتجلي في المدينة العتيقة التي مازالت أسوارها , أبوابها و أبراجها و مساجدها وزاياها، شاهدة ليومنا هذا رغم ما اعتراها من تهميش و تقصير، المدينة التي تعاقبت عليها عدة حضارات من قبيل الفنيقيين و الرومان و المرابطين و..... لقد بات السؤال الرئيسي الذي يشغل ساكنة مدينة آزمور التي يحلو لي تسميتها بعاشقة المجانين ليس كونها تحتفي بمجانين المناطق المجاورة والبعيدة لكن لكونها تضم بين طياتها مجانين من نوع خاص وهوس لكل ما هو جميل وفني، من تشكيل ورسم وكتابة وإبداع بكل ألوانه، السؤال المتداول هذه الايام ونحن على أبواب معركة انتخابية جديدة، هو ماذا حقق المنتخبون الجماعيون والبرلمانيون لهذه المدينة سوى إبادة حدائقها وهدم معالمها واستباحة شوارعها وأزقتها التي غطتها الحفر والقاذورات في غياب تام لمصالح ساكنتها وهمومهم اليومية، وبيع ممتلكاتها. ولعل ما تشهده مجموعة من الأحياء من إهمال وتخريب مقصود جعل الأمر يتعدى بكثير مسألة طرح إشكالية النزاهة الانتخابية والهدف من الترشحات وقيمها الثقافية والأخلاقية لمن شاء تحمل مسؤولية النيابة عن المواطنين للنهوض بهذه المدينة لأنه بكل صراحة لا يمكن أن ننتظر ممن وظف الوعود الكاذبة وأموال الحرام سوى الخراب والدمار. فمدينة آزمور بكل تاريخها وحضارتها بحاجة ماسة للتغيير على كل المستويات انطلاقا من داخل مجلسها، حيث أن التغيير لن يتأتى إلا بإرادة أبنائها، لأن الوضع الذي أضحت تعرفه خلال السنوات الأخيرة لا يدعو للاطمئنان بعد أن ابتعد عنها البحر والنهر والمشروع السياحي. لتبقى مدينة آزمور غارقة في مشاكلها التي تزداد سنة بعد أخرى والمتمثلة في العديد من المرافق والتي يحمل فيها سكانها المسؤولية للقائمين على شأنها المحلي لمجالسها المتعاقبة، وكما يقول المنطق فالمنطلقات الخاطئة تؤدي بالتأكيد إلى نتائج خاطئة، ولتقريب الصورة أكثر لحال مدينة آزمور نستعرض بعض الجوانب التي أجمع العديد على نقصها وإهمالها والتواطؤ عليها. جزء من تاريخ مدينة منسية مدينة آزمور أو آزاما أو زمور ومعناه هو الزيتون البري الذي كان كثير الانتشار بها، تعتبر من أعرق المدن العالمية حيث يصنفها بعض المِرخون بأنها ثالث مدينة قدما في العالم والبعض الآخر يضعها في المرتبة السابعة عالميا لذلك فما زال يكتنف الغموض أصل نشأتها حيث تروج في نشأتها العديد من الروايات المتقاربة، البعض يعد تاريخها إلى ما قبل الميلاد المسيحي حيث عرفت الغزو الفينيقي، كما ورد اسمها ضمن أخبار المؤرخين العرب في القرن التاسع الميلادي وهي حقبة كان الخوارج والأدارسة يستولون فيها على الحكم بالتداول فيظهر أن المدينة أعطيت إلى عيسى ابن إدريس أثناء تقسيم المملكة الإدريسية. وحوالي 1067م استقر بها المرابطون حيث كان يعيش في أواخر عهدهم أهم رجالات مدينة أزمور وهو مولاي أبي شعيب الذي أصبح وليا صالحا حاميا للمدينة إلى 1488 حيث ظهر البرتغاليون محاولين السيطرة عليها لكنهم يفشلون أمام المقاومة الشرسة لسكانها إلى حدود سنة 1513 حيث لم يدم استيطانهم بها إلا حوالي 29 سنة ليتم إخلاء المدينة، مدينة قيل في حقها الكثير ومما جاء فيها على لسان الدين الخطيب وأهلها خلال القرن 14 للميلاد في كتابه (معيار الأخيار) ص: 76 «قلت، فأزمور، قال: جار واد وريف وعروس ربيع وخريف وذو وضع شريف... بلد يخزن الأقوات ويملئ اللهوات وباطنه الخير وإدامة اللحم والطير وساكنه رفيه ولباسه يتحد فيه ومسكنه بنيه وحوت الشابل ليس له شبيه، لكت أهله ..ويتضاربون على الأثمان ..بربري لسانهم، كثير حسانهم، قليل إحسانهم، يكثر بينهم بالعرض الافتخار، ويعدم ببلدهم الماء والملح والفخار...» حفر و مشاريع طرقية موقوفة التنفيذ تشكل شبكة الطرق بمدينة آزمور وضعا مزريا لدرجة أن نسبة 75 بالمائة منها في حالة يرثى لها و أصبحت غير صالحة للاستعمال من قبل وسائل النقل سواء بالشوارع الرئيسية أو داخل الأحياء والأزقة وساحات الأسواق مما جعلها تتحول إلى حفر لا يفرقها عن بعضها سوى حفر، كان آخر ضحاياها سيدة في مقتل العمر هوت بإحداها بحي الحفرة « اسم على مسمى « ناهيك عن مجموعة أحياء مازالت تفتقر إلى التبليط كدرب الجديد والحفرة والوفاق و... هذا إلى جانب ضيق المساحة العرضية لبعض الشوارع كشارع محمد الخامس الذي يعرف اختناقا من قبل المارة و السائقين و الباعة المتجولين « الظاهرة التي لا تقهر « ، وهو ما أصبح يفرض إيجاد حلول معقولة من خلال سن سياسة مساواة استفادة الأزقة والأحياء من برامج «التزفيت» عوض استعمال منطق الزبونية والحسابات الضيقة والانتخابية. فيما توقف أشغال إصلاح مداخل مدينة آزمور بعد أن شرعت الشركة الموكول لها هذا الأمر يبقى أبرز عنوان و حديث كل متتبع للشأن المحلي لهذه المدينة، هل هو أمر اضطراري أم مفتعل لتتحول بذلك جنبات الشارع العام لورش مفتوح أمام ما تعرفه إصلاحات قنوات الصرف الصحي على مستوى شارع محمد الخامس و الفوضى التي باتت تؤثث هذا الفضاء و كساد تجارة أصحاب الدكاكين، حتى من عملية التزفيت التي شهدها مدخل المدينة لا تغدو سوى كما يقال « العكر على ... « النقل الحضري السر الملغوم معاناة في أسمى تجلياتها، ذاك هو ما يمكن أن يقال عن ملف النقل الحضري الذي بات ولمدة طويلة مصدر العديد من الشكايات و الاحتجاجات و الوقفات التنديدية، نتيجة الوضع الذي يجسده من خلال ما يقدمه أسطول الشركة المحتكرة من خرق لجملة من بنود دفتر التحملات الذي دخلت به للسوق أولاها الحالة الكارثية التي تعرفها عدد من خطوط أسطوله لما تعتريه من أعطاب يومية ناهيك عن عدم احترام المواقيت والعدد المخصص لكل خط وهو ما يجعله أوقات الذروة يعرف ضغطا بشريا لا يطاق إلى جانب ارتفاع ثمن التذكرة والبطاقة الشهرية سواء الخاصة بالطلبة أو الموظفين والعموم، لتبقى رغم كل هذا أعين السلطة المحلية والإقليمية والمجلس في خبر كان وكذا بعض جمعيات المجتمع المدني، وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول هذا الملف ليس فحسب على مستوى مدينة آزمور فحسب بل حتى في مدينة الجديدة بحكم أن هذه الشركة هي المستفيدة الوحيدة بعد أن تم رفض عروض أجود وأحسن، ووفق المعلومات المتوصل بها أن عامل الإقليم قد فتح في وقت سابق فتح أظرفة للشركات الراغبة في استغلال النقل الحضري، لكن لأشياء لا يعلمها إلا واضعوها يبقى الحال عما عليه نتيجة تأجيل تلو تأجيل، فغلى متى سيستمر هذا الاحتكار ؟ كابوس الأمن و المقاربة الأمنية الاستباقية أمام النمو الديمغرافي الذي أضحت تشهده مدينة آزمور خلال السنوات الأخيرة بحكم التوسع العمراني واكتساح الهجرة القروية وانتشار الأحياء العشوائية المحيطة بالمدينة صار الهم الأمني من بين المشاغل الأساسية للمواطن الأزموري في ظل ضعف التجهيزات الأمنية والمرافق الخاصة به من مخافر وآليات وموارد بشرية الشيء الذي ساهم في تفشي مجموعة مظاهر انحرافية من قبيل السرقة واعتراض السبيل والاتجار في أصناف المخدرات والخمور، و أمام مجموعة عمليات السرقة و النشل التي باتت السمة البارزة خلال الأشهر الأخيرة إضافة إلى جرائم القتل و الاعتداء بالسلاح الأبيض، جاء تصريح لمسؤول أمني على أن أسباب تنامي الجريمة و السرقة بمدينة آزمور يعود بالأساس إلى قلة العنصر البشري و الدعم اللوجيستيكي لهذا الجهاز بالمدينة، الذي طالبته ما من مرة مجموعة من الفعاليات الجمعوية بالمدينة، و على رأسها نادي المراسلين الصحافيين بآزمور و الدائرة في إحدى لقاءاتها برئيس الأمن الإقليمي في إحدى اللقاءات التي جمعته معهم خلال شهر نونبر 2012 . على إثر توجيه عدد من فعاليات المدينة في وقت سابق العديد من الشكايات للجهات المسؤولة والأمنية محليا وإقليميا ووطنيا احتجاجا على تنامي الجريمة والسرقة بالمدينة والجماعات المحادية لها مطالبة هذه الجهات بتكثيف التواجد الأمني بالمدينة ومضاعفة العنصر البشري و توفير الدعم اللوجستيكي له، لتغطية آزمور وتكثيف الحملات التمشيطية بمختلف الأحياء بالليل كما بالنهار خاصة وأن العديد من الشبكات أضحت تتخذ من آزمور فضاء لممارسة أنشطتها من بيع للمخدرات بكل أصنافها بعيدا و المتاجرة في الدعارة، عن أية مراقبة أو تضييق. وضع كهذا بات يفرض على الإدارة العامة للأمن الوطني إعادة النظر في الخريطة الأمنية لآزمور التي تفتقر إلى التوازن المطلوب، بحكم موقعها بين مجموعة من الأحياء الهامشية و الدواوير العشوائية، إلى جانب الغياب التفاعلي لرجال الدرك و التقصير في أداء مهامهم بهذه المناطق التي تحولت لوكر حقيقي للمجرمين، و أشهر أسواق تجارة المخدرات، التي يتوافد عليها متعاطوها من كل المدن القريبة لها، وهو ما يتطلب ضخ دماء جديدة بمصلحة الشرطة القضائية، ومضاعفة عتادها، وإحداث تغييرات على مستوى بعض المناصب الأمنية، بما يتماشى وحجم المسؤوليات الملقاة على عاتق الجهاز الأمني، الذي أضحت مهمته جد صعبة، نظرا إلى الانفلات الأمني الخطير الذي باتت تعرفه العديد من أحياء المدينة، التي أضحى فيها حضور رجال الشرطة شبه منعدم، من قبيل أحياء «الوفاق» و«أم الربيع» و«الأمل» و«بن شقرون» و«الحفرة» و«المدينة العتيقة»، الأمر الذي شجع كثيرا، على تصاعد حالات الاعتداء على المواطنين، واعتراض سبيلهم، وتناسل نقط بيع المخدرات بكل أصنافها، أمر بات أيضا يتطلب خلق مخافر جديدة بهذه النقط و البحث عن خطة استباقية بشراكة مع جمعيات المجتمع المدني و المجلس البلدي. بطالة وتسول ومجانين من المظاهر المشينة التي باتت تلقي بظلالها على مدينة آزمور، و التي تجعلها حديث كل زائر و عابر، ظاهرة البطالة في صفوف كل الأعمار والأجناس نتيجة انعدام فرص الشغل والعمل إلا من «الموقف» الذي يؤم أكبر نسبة من الساكنة بأثمان زهيدة وظروف عمل جد قاسية تتسم بكل أشكال الاستغلال، فيما تشكل نسبة 10 بالمائة من الساكنة فئة الموظفين والعمال والمأجورين، فلا استثمارات بالمدينة سوى في مجال بناء العمارات والمقاهي التي غطت جنبات الأرصفة وداخل الدروب والأزقة، و كذا انعدام سياسة واضحة للقائمين علة الشأن المحلي بالمدينة لخلق فرص شغل و استثمارات من شأنها امتصاص أفواج هذه الطبقة، فيما هناك ظاهرة ثانية يمكن أن نقول أنها تولدت عن هذا الوضع وهي التسول بكل ألوانه وأطيافه وطرقه والتي ينخرط فيها الطفل والكهل والمرأة والسليم والمعاق مقلقين راحة المواطنين و زبائن المقاهي وأحيانا المنازل ومواقف السيارات، لتبقى ظاهرة المجانين الذين تقذفهم كل صباح على أبواب المدينة حافلات وسيارات مجهولة كنوع من الغبن الذي ينزل على هذه المدينة منسلين إليها بكل عاهاتهم وطقوسهم المرعبة أحيانا مهددين السكان ومشكلين خطرا على العباد و البلاد، في الوقت الذي يتطلب إنشاء مركز خاص بهؤلاء الأشخاص الذين يتخدون من المنازل المهجورة و جنباتها مرقدا لهم و من قمامات و عطايا الساكنة قوتا لهم. البناء العشوائي والملك العمومي : ظاهرة البناء العشوائي ليست بالجديدة على مدينة آزمور بل هي نتاج سياسة ممنهجة عمل على تثبيتها القائمون على الشأن المحلي بهذه المدينة التي تباع كل ليلة لاعتبارات انتخابوية كرافد لا يجف معينه من الأصوات خلال الفترات الانتخابية حتى أضحت المدينة مسيجة بأحزمة الفقر والجريمة والهشاشة الاقتصادية كلغم قابل للانفجار في أي لحظة سيما أن تلك الدواوير العشوائية تم دمجها بالمدينة مع التقسيم الإداري الجديد، مجموعة دواوير مشيدة تحت جنح الظلام بطرق عشوائية بمباركة السلطات المحلية والمجالس المنتخبة تحت ذريعة الإصلاح والترميم لتتحول إلى مدن قائمة بذاتها كما هو الحال بدوار دراعو ودوار سواني الموس ودوار الجدوعا و... ناهيك عن البنايات المسكوت عنها داخل المدينة والطوابق غير المرخص بها، فما موقع آزمور من عملية البرنامج الذي قدم لجلالة الملك والذي مازلت يافطته تخاطب كل زائر ومغادر نحو إعادة الاعتبار للمدينة فهل سبق أن أعطي لها أي اعتبار حتى يتم إعادته؟ وفي موضوع ذي صلة بالعشوائية لا بد من الإشارة إلى عشوائية احتلال الملك العمومي من قبل عدد من المقاهي والمحلات التجارية والعربات المجرورة والمدفوعة، لدرجة أن البعض قام ببناء حواجز اسمنتية أو حديدية وأزالة أشجار في تحد للكل ليبقى القانون في تطبيقه لدى القائمين على شأن هذه المدينة ساريا سوى على الدراويش و»اللي ماعندو سيدو ولا للاه». هل بالمدينة مجلس بلدي ؟ مجموعة أسئلة يمكن للشارع الأزموري الإجابة عنها من خلال الوضع الذي باتت تعيشه في ظل التهميش والإقصاء الممنهج في غياب تصورات بناءة يمكنها قيادة المدينة لمصاف المدن السائرة في الاتجاه الصحيح و التي نالها العطف التنموي على المستوى الأفقي والعمودي. ولعل من النقط التي أججت التسيير الجماعي والذي جعل المعارضة تطالب لجن تفتيش وافتحاص مالي للجماعة هو صفقة بيع أرض السوق الأسبوعي التي لم تحترم القانون المنظم للصفقات العمومية، حيث حسب العديد من المصادر أن الثمن المصرح به ليس هو الثمن الحقيقي للبيع مقارنة مع موقع هذه البقعة ومساحتها. تصوروا معي كيف تكون مدينة ضربت بجذورها في التاريخ، وولدت أسماء في العلم و الثقافة والفكر والتصوف والحضارة أن تتحول لمدينة أغلب شوارعها مليئة بالأزبال والحفر بالإضافة إلى مستوطنات تحف بها من كل جانب من البناء العشوائي وعربات الباعة المتجولين التي تحتل الشوارع معرقلة حركة المرور، ولا أحد من المسؤولين يحرك ساكنا لإيجاد حلول لهؤلاء الباعة المتجولين، وإخلاء الشوارع من عرباتهم المزعجة. ونظرا للتهميش والإقصاء الذين تعاني منهما مدينة آزمور وسكانها ستبقى مدينة الفوضى بامتياز لأن كل من فيها يعمل على هواه. الاختلالات ظاهرة للعيان وفي كل جوانب الحياة ولا تحتاج إلى أي مجهود لرصدها، وتحتاج إلى مجهودات جبارة ومسؤول جريء لمواجهتها وإصلاحها. فهل آزمور مدينة كما هو متعارف عليه من خلال مفهوم المدينة أم أنها شيء آخر، لأن من بين المعايير المحددة لمفهوم المدنية هناك الكثافة السكانية لكن هناك المعيار الإداري الذي يعتبر أنه كلما توفرت المؤسسات (المستشفيات، الأسواق، الحدائق، المنتزهات، الإدارات، المدارس، المعاهد....) اعتبر المجال حضريا. وكلما قل تواجد هذه المؤسسات اعتبر المجال قرويا، كما نجد كذلك المعيار الضريبي الذي يعتبر أنه إذا كانت الضرائب عقارية وذات مداخل متعددة تدفع عن المباني والمنشآت الصناعية والتجارية اعتبر المجال حضريا، إلى جانب تواجد حدائق ومؤسسات خدماتية وأسواق، فمدينة آزمور تفتقد للكثير من كل هذا لما يعتريها من مشاكل تجسد واقعها المر سواء على المستوى الاجتماعي، الاقتصادي، الثقافي أو الرياضي رغم ما تتوفر عليه من مكونات طبيعية هائلة تخول لها أن تكون من أولى المدن السياحية. إن واقع المدينة يبدو جليا. فإذا استمرت العقول المتحجرة في نهج سياستها التخريبية والتفويتية لجملة من المرافق والعقارات الجماعية وعرقلة سير التنمية، وإذا لم تستشعر الفشل الذريع الذي آلت إليه، فإنها ستستمر في نومها. أما آن الأوان لأولئك الذين تقادموا وشاخوا فوق كراسي مجلس هذه المدينة دون أن يعطوها ذرة أمل فسح المجال للذين يريدون الاشتغال بإرادة حقيقية و للنهوض بأوضاع هذه المدينة كما أنهم لا يسعون وراء تحقيق أهداف شخصية بقدر ما يريدون خدمة الصالح العام، حتى تصبح مدينة آزمور من بين المدن المغربية التي لها رجالاتها وطاقاتها؟.