أكد البروفيسور الحسين الوردي على الطابع المعقد للنهوض بقطاع الصحة والتدابير والإجراءات النوعية التي يجب اتخاذها للارتقاء بوضعية مهنيي الصحة بمختلف فئاتهم وتمكين المواطنين بمجموع التراب الوطني من الولوج إلى العلاج بشكل سلسل، فالأمر يرتبط بالنهوض بالمنظومة الصحية في شموليتها، وهي مسؤولية لا تتحملها وزارة الصحة لوحدها بل جميع مكونات الحكومة والأطراف الأخرى المعنية. وأقر وزير الصحة في لقاء مناقشة نظمته مساء أول أمس الثلاثاء مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد بمقرها بمدينة سلا حول موضوع «إصلاح الصحة العمومية - حصيلة مرحلة»، (أقر) بكل شفافية وواقعية بالصعوبات والعراقيل التي تجعل مسار إصلاح منظومة الصحة يسير ببطء بالرغم من الجهود المبذولة، قائلا»إن مشاكل ونقائص المنظومة الصحية لا تتطلب اتخاذ حلول ترقيعية، فلست رجل إطفاء، فالأمر على العكس من ذلك يتطلب حلولا جذرية هيكلية وسياسية في إطار حكومة متضامنة «. وأعلن الوردي في اللقاء الذي نشطه أطباء باعتبارهم الحاملين لكل تلك الأسئلة المرتبطة بعمق الإشكاليات التي تتعلق بالقطاع، على أن الوزارة تعد من أجل تنظيم مناظرة وطنية بمشاركة جميع الأطراف الحكومية منها والهيئات النقابية والقطاع الخاص والمجتمع المدني من أجل بلورة ميثاق وطني للصحة يكون بمثابة خطة طريق للارتقاء والنهوض بالمنظومة الصحية. ولإبراز مختلف أوجه المشاكل التي تعترض قطاع الصحة بالمغرب، أفاد الوزير على أنه مقارنة مع دول الجوار أو تلك التي في مثل وضعيته الاقتصادية من مثل تونس أو الأردن فإن المغرب يسجل مؤشرات ضعيفة في مجال الصحة، مشيرا إلى أن منظمة الصحة العالمية نفسها تضعه ضمن مجموعة من 57 بلدا التي يعاني فيها القطاع مشاكل عديدة. وأوضح في هذا الصدد النقص الذي تعانيه المنظومة سواء على مستوى البنيات والموارد البشرية حيث يسجل القطاع خصاصا كبيرا في الأطباء يتراوح بين 7000 طبيب و9000 ممرض، مؤكدا أن عمل الوزارة يتمحور بالأساس في ترجمة مضامين الدستور الجديد التي تنص على حق المواطنين في الصحة والولوج إلى العلاج، وهذا يرتبط بشكل خاص بتعزيز مختلف المكتسبات التي تم تحقيقها في المجال خلال السنوات الماضية والتي كان من نتائجها تحسين أمل الحياة بالمغرب حيث وصل حاليا إلى 74.8 سنة، والقضاء على مجموعة من الأمراض خاصة عبر اعتماد البرنامج الوطني للتلقيح. تطوير قطاع الصحة وتحسين الحكامة والارتقاء بالشفافية بالمؤسسات الاستشفائية، يرتبط بشكل خاص بنهج الشراكة وتوفر عنصر الثقة بين الوزارة ومختلف المتدخلين، يشير الوزير، مؤكدا على أهمية نهج المقاربة الجهوية والتشاركية المنفتحة الذي اعتمدتها الوزارة إزاء شركائها سواء داخل المجتمع المدني أو المنتخبين ...»، إذ اعتبر أن هذا النهج هو الذي يؤطر مثلا نظام المساعدة الطبية»راميد» الذي يلزم الدولة بتمكين المعوزين من الولوج والاستفادة من الخدمات الصحية علما أن هذا النظام تحيط به العديد من العراقيل ترتبط بطبيعة المتدخلين، من منتخبين وأحزاب سياسية وسلطات محلية ومجتمع مدني. وأشار أن عدد المستفيدين من هذا النظام بلغ خمسة ملايين شخص ينتمون للفئات الفقيرة وكذا تلك التي تعاني نسبيا من الهشاشة، مذكرا أن تمويله يتم بنسبة 75 في المائة من طرف الدولة ممثلة في وزارة الصحة وصندوق التماسك الاجتماعي، فيما 6 في المائة تقدمها الجماعات المحلية. كما أعلن أن الوزارة اقترحت فيما يتعلق بنظام التغطية الصحية على أن تستفيد العديد من الفئات التي عبرت عن إرادتها في الانضمام إليه من مثل الصيادلة وأطباء القطاع الخاص والصناع التقليديون والتجار، فضلا عن سائقي الطاكسيات .. وأضاف بشكل قطعي فيما يخص الحكامة، على أن تحسين الحكامة داخل المستشفيات عبر العمل على ثلاث مستويات تشمل الحكامة الإدارية والحكامة السريرية والمحاسبة والمساءلة، مبرزا أن الشفافية في تدبير القطاع ستكون هي النهج السائد، فمثلا لن يتم تحميل المسؤولية في تدبير المعاهد والمؤسسات الاستشفائية بل و المديريات وأقسام الإدارات المركزية والمندوبيات الجهوية إلا عبر إجراء المباراة وليس التعيين. هذا وأكد الوردي على الأولوية القصوى التي يحظى بها تحسين وضعية الموارد البشرية من مهنيي قطاع الصحة، سواء فيما يخص وضعيتهم المالية أو ظروف العمل، مشيرا إلى أن هذا الأمر أثاره في غير ما مرة مع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير المالية نزار بركة، مذكرا من جانب آخر ببعض التعقيدات التي تخص الملف والتي ترتبط بطبيعة المساطر والتي تتوزع بين عدد من الوزارات. كما أشار إلى الوزارة تعمل من أجل توسيع وتأهيل العرض الاستشفائي، هذا فضلا عن نهج سياسة دوائية جديدة، مشددا على ضرورة الحكامة في هذا الصدد، معلنا عن تخصيص غلاف مالي يصل إلى 2 مليار درهم لشراء الأدوية مقابل 675 مليون درهم سنة 2011، هذا فضلا عن مراجعة القائمة الوطنية للأدوية الأساسية وذلك لتخفيف العبء ماليا على المواطنين ، حيث تم خفض أكثر من 300 دواء في انتظار تخفيض أثمنة أكثر من 1000 دواء آخر في تعاون تام مع شركاء الوزارة بقطاع الصيدلة.