ملف إصلاح التقاعد يبدأ مشوار الانفراج باقتراح منظومة من قطبين عمومي وخاص أجمع المتدخلون في اللقاء الذي عقدته اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد، التي يرأسها عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة، على أن إصلاح هذه الأنظمة يعتبر قضية وطنية تهم الجميع وبالتالي فإن مقاربتها يجب أن تكون تشاركية مع جميع الفرقاء. واقترحت اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد، التي عقدت اجتماعها، أول أمس الأربعاء، بحضور أعضاء الحكومة ورئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب والأمناء العامين للنقابات الأكثر تمثيلية والمدراء العامين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق المغربي للتقاعد والصندوق المهني المغربي للتقاعد والكاتب العام لصندوق الإيداع والتدبير، (اقترحت) إرساء إصلاح شامل يروم إنشاء منظومة تقاعد من قطبين عمومي وخاص. ويهدف القطب العمومي لهذه المنظومة إلى تجميع أنظمة المعاشات المدنية والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد٬ بينما يعمل القطب الخاص في آن واحد على تقوية الوضعية المالية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتدعيم ترسانته القانونية لتمكينه من الاضطلاع بشكل أفضل بدوره الاجتماعي٬ وتوسيع التغطية في إطاره لفائدة غير الأجراء. ودعت المقترحات، أيضا، إلى إدخال «إصلاحات مقياسية استعجالية»على نظام المعاشات المدنية الذي يوجد في وضعية أصعب بالنسبة لباقي الأنظمة لتقوية قاعدته المالية وتأخير بروز العجز فيه. وقال عبد الواحد سهيل سجل وزير التشغيل والتكوين المهني إن اجتماع اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد يندرج في إطار الالتزام بمواصلة الحوار والتشاور المثمر بين الحكومة والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين للبحث المشترك على الحلول الصحيحة والواقعية التي ستضمن ديمومة أنظمة التقاعد والرفع من مستوى وفعالية التغطية، كملف ليس بالسهل إطلاقا. وأوضح عبد الواحد سهيل، في اتصال أجرته معه بيان اليوم، أن ديمومة هذه الأنظمة ستمكن من استمرار صرف المعاشات للمتقاعدين الحاليين والمستقبليين وذوي حقوقهم٬ كما ستمكن استمرار قطاع التقاعد في القيام بدوره الاقتصادي كمستثمر مؤسساتي فاعل يساهم في تمويل الاقتصاد وتنمية الادخار الوطني. وشدد سهيل على أن الحكومة ستسعى إلى توافق بناء يرتكز على روح المسؤولية الوطنية في تبني الإصلاح الأنسب لبلادنا مع الاسترشاد بأنجح التجارب الدولية في هذا المجال٬ مؤكدا عزم الحكومة على القيام بالإصلاحات اللازمة بشكل جماعي وتوافقي كلما أمكن ذلك لما فيه مصلحة بلادنا وضمانا لنجاح نموذجنا التنموي التضامني. ومن المتوقع أن تتواصل اللقاءات بين الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين خلال الأسابيع القادمة لبسط المقترحات واتخاذ الإجراءات التي باتت استعجالية، خاصة بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد الذي ستفوق نفقاته، بحلول سنة 2014 ، موارده (بما فيها الفوائد المالية)٬ ابتداء من 2014 . وقال محمد العلوي العبد اللاوي مدير الصندوق المغربي للتقاعد إنه في حالة عدم اتخاذ أي إجراء٬ سيتم تمويل هذا العجز مباشرة من الاحتياطات المالية للصندوق٬ مما سيؤدي إلى نفاذها بحلول 2021، وبالتالي سيعجز النظام عن صرف معاشات المتقاعدين. وأضاف محمد العلوي في حديث لبيان اليوم أنه من المتوقع أن يعرف الصندوق المغربي للتقاعد أول عجز له أواخر 2021 ، حيث لم تعد موارد الصندوق تغطي نفقاته (المعاشات المدفوعة للمتقاعدين) مما أجبره على استعمال الفوائد المالية لتمويل الفارق، مشيرا إلى أن الوقت قد حان لإصلاح تدهور نظام المعاشات المدنية بعد أن تزايد عدد المتقاعدين بوتيرة تفوق 4 مرات وتيرة زيادة عدد النشيطين المساهمين، وبعد أن انتقلت نسبة التغطية من 12 منخرط مقابل متقاعد واحد سنة 1983 إلى 6 سنة 1997 ثم 3 سنة 2011. واعتبر المتحدث أن المغرب يوجد اليوم أمام تحد كبير يتمثل في الحفاظ على ديمومة أنظمة التقاعد التي ستمكن من استمرار صرف معاشات المتقاعدين وذوي حقوقهم حاليا ومستقبلا. وهي ديمومة ترفض المركزيات النقابية أن تتم على حساب مكاسب العمال، رغم تأكيدها على أنها ستقدم مقترحات تسير في اتجاه إصلاح شامل، وتدعم عمل اللجنة التقنية حتى ترفع من وتيرة عملها المتمثل في استكمال البلورة الدقيقة للإطار العام للإصلاح٬ وإنجاز دراسة تمكن من مقاربة دقيقة لتوسيع التغطية لفائدة غير الأجراء في شقيها المتعلقين بالتأمين عن المرض ومخاطر الشيخوخة ووضع تصور دقيق لحكامة المنظومة الجديدة للتقاعد في الجوانب المتعلقة بالتأطير والرقابة وتسيير وتدبير الأنظمة وإعداد الترسانة القانونية والتنظيمية اللازمة. وحول تاريخ الإعلان النهائي لمنظومة الإصلاح، قال ميلودي موخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل إن بلوغ التوافق النهائي حول الصيغة النهائية للإصلاح يتطلب حيزا زمنا لا يستهان به بالنظر إلى صعوبة الملف وتضارب استراتيجيات الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين. وحول مقترحات الاتحاد المغربي للشغل، شدد موخارق في تصريح أدلى به لبيان اليوم، على أن مركزيته مع توسيع قاعدة المستفيدين من التقاعد من خلال الاهتمام بالشرائح الاجتماعية التي لا يغطيها النظام والتي لا تؤدي أية مساهمة والتي تشكل الغالبية العظمى من الساكنة بأزيد من 70 بالمئة، لكن دون التنازل عن مطالب «تبدو لنا بديهية ولامناص منها تروم الحفاظ على القدرة الشرائية للطبقة العاملة وتضمن العيش الكريم للمتقاعدين».