مدن مغربية تتنفس تحت الماء.. والمغاربة يتخوفون من تكرار سيناريو 2010 لم تمر التساقطات المطرية الهامة التي شهدتها أغلب مناطق المغرب دون أن تخلف بعض الأحداث المتفرقة التي تعيد إلى الأذهان جزء من سيناريوهات فيضانات السنوات القليلة الماضية والتي كان المواطنون يتطلعون إلى عدم تكرارها . فبإقليم الحوز، اعتبر شخصان في عداد المفقودين، صباح أول أمس الأربعاء، بعد فيضان وادي البهجة، بالقرب من دوار إيكوت، وذلك بسبب الأمطار القوية التي عرفها الإقليم. وحسب السلطات المحلية، كانت الضحيتان على متن شاحنة متوسطة الحجم، حاولت عبور جسر على الطريق الإقليمية رقم 2009 الرابطة بين مراكش وأمزميز، إلا أن مياه الوادي جرفتها بقوة. ورغم مغادرة الشخصين للشاحنة، إلا أن محاولتهما بلوغ بر النجاة لم تكلل بالنجاح بالنظر إلى شدة التيار. وعلى الطريق الرابطة بين خنيفرة وبوجعد، تسبب سوء الأحوال الجوية في حادث سير مروع ذهب ضحيته خمسة أشخاص وأصيب اثنان آخران بجروح بليغة. وعلم لدى السلطات المحلية أن الحادث وقع حوالي الساعة الثالثة زوالا عندما اصطدمت شاحنة بسيارة أجرة كبيرة على بعد ستة كيلومترات من المركز القروي كهف النسور. ولم تسلم الطريق الرابطة بين القنيطرة والعرائش من حوادث سير دون وقوع ضحايا، وقال مراسلنا إن أغلب هذه الحوادث ناجمة عن الأمطار القوية التي شهدتها منطقة الغرب والتي أدت إلى تحول العديد من المدارات الطرقية والأحياء الشعبية إلى برك مائية تزيد الأوحال المترسبة من صعوبتها. وبمدينتي خريبكة وبني ملال، توقفت حركة المرور في الساعات الأولى من صباح أمس نتيجة التساقطات التي تواصلت طيلة ليلة الأربعاء وصباح الخميس. وتطلبت عودة الحركة إلى وضعها الطبيعي تعبئة تجهيزات كبيرة من قبل السلطات المحلية، ومختلف مصالح الأمن والمصالح الخارجية لوزارة التجهيز والوقاية المدنية، حسب إفادات، مراسلي الجريدة بالمدينتين. ولا يختلف سيناريو حركة المرور التي تتوقف حينا لتعاود نشاطها طورا في مدن الشمال، خاصة تطوان والفنيدق اللتين، يقول مراسلنا، تتأثران بسرعة من التساقطات المطرية المتواصلة لساعات طويلة. أما بمنطقة سوس، التي باتت تعد خزان المغرب الفلاحي، فقد شهدت الطرقات الثانوية والقناطر مساء الأربعاء المنصرم ارتفاعا كبيرا في منسوب المياه أرغم المواطنين وكل أنواع وسائل النقل على التوقف لساعات طويلة. وهو ما دفع السلطات، حسب مصادرنا، إلى إحداث خلية لليقظة لتتبع تطورات الوضع بهذه المنطقة والعمل على فتح عدد من الطرقات الإقليمية المقطوعة بسبب الفيضانات، خاصة في منطقتي ستي فاطمة وتامازوزت. وفي صور متشابهة تقريبا، غمرت مياه الأمطار أحياء سكنية بأكبر المدن المغربية دون أن تؤثر على الحياة الطبيعية للسكان ولا أن تلحق أضرارا بممتلكاتهم. وفي وقت تأثرت عدد من أحياء العاصمة الاقتصادية جراء التساقطات الأخيرة، قامت ليدك بتدابير التأهب والاستعداد وعززت فرقها للمداومة ووسائل التدخل الميدانية وشرعت في مراقبة النقط الحساسة. إلا أن التخوفات مما تخبئه أحوال الطقس ليومه الجمعة تظل قائمة، فمديرية الأرصاد الجوية الوطنية، تتوقع أمطارا بالسواحل الأطلسية شمال آسفي وغرب الواجهة المتوسطية والريف الغربي، مع ارتفاع درجات الحرارة بمجموع جهات المملكة. على صعيد آخر وارتباطا بسوء الأحوال الجوية، تشهد حركة النقل السككي اضطرابات على مستوى بعض المناطق بسبب التساقطات المطرية الهامة التي تعرفها المملكة خلال الأيام الأخيرة. وذكر بلاغ للمكتب الوطني للسكك الحديدية، توصلت بيان اليوم بنسخة منه أمس الخميس، أنه تمت تعبئة إمكانيات بشرية ومادية لإعادة حركة النقل إلى طبيعتها، مؤكدة أنها «تظل يقظة لمواجهة أي تطور محتمل للوضع». وقدم المكتب، في البلاغ ذاته، اعتذاره لزبنائه بسبب «الإزعاج المترتب عن هذه الاضطرابات وتشكراته على تفهمهم». وبالرغم من هذه الجوانب المزعجة للتساقطات، إلا أن جوا من التفاؤل يبدو مسيطرا على الأجواء في المغرب، خاصة في العالم القروي. وبهذا الخصوص، قال الخبير الزراعي عباس الطنجي لبيان اليوم، إن التساقطات المطرية التي شهدتها بعض مناطق المغرب، تبشر بالخير ويمكن تحقيق موسما جيدا من خلال الزراعات المبكرة، لكن شريطة أن تعمد الدولة إلى مواكبة الفلاحين من خلال توفير البذور في الأسواق المغربية بأسعار مناسبة، وبكميات وافرة. وهو أمر ممكن، يقول عباس الطنجي، إذا ما تم التفعيل الجيد والناجع للقرار المشترك الموقع مؤخرا بين وزير الفلاحة والصيد البحري ووزير الاقتصاد والمالية القاضي بضمان تزويد الموسم الفلاحي 2012/2013 بالبذور المختارة والذي سيعرف ارتفاعا في الطلب نظرا لضعف إنتاج الحبوب. وأوضح الطنجي أن عمليات استيراد البذور المختارة انطلقت مستفيدة من تحمل الدولة للفارق بين أثمنتها عند الاستيراد وأثمنتها على الصعيد الوطني، مثلما تم تيسير سبل اقتناء بذور الإكثار التي تستجيب للمعايير المحددة والتي باتت تستفيد من الدعم نفسه المخصص للبذور المختارة خلال الموسم الفلاحي الجاري.